«من يحب المصريين فلينتقدهم ولا ينفخ فى بالونات وهمهم إلى أن يختنقوا بها!». بهذا العبارة المبدأ التى تتصدر الغلاف الخلفى، يضعنا الكاتب الموهوب، الساخر، صاحب العبارة الأنيقة، وليد علاء الدين منذ اللحظة الأولى فى أجواء كتابه «واحد مصرى» الصادر فى القاهرة مؤخرا. أهمية العبارة تكمن أيضا فى أنها تبدو تجسيدا للمثل الشعبى: اللى أوله شرط ، آخره نور! و كأن الكاتب أراد أن يقول للقارئ إذا كنت تظن يا عزيزى أننى نتيجة حياتى مغتربا منذ سنوات خارج الوطن، سوف اكتب بكائيات الحنين دون انتقاد فأنت مخطئ، وإذا كنت تظن أن متابعتى تطورات المشهد المصرى سياسيا و اجتماعيا و ثقافيا سوف تتراجع بسبب ظروف «أكل العيش» التى تضطر الموهوبين إلى أن يحملوا عصاهم ويحطوا بعيدا فسوف أفاجئك بأن المصريين فى الخارج يعرفون دبة النملة فى بلدهم، ربما أكثر من المصريين بالداخل. الكتاب يضم عددا من المقالات نشرها المؤلف-أسبوعيا- فى صحيفة «المصرى اليوم» مستفيدا من أدواته الإبداعية كشاعر اصدر من قبل أكثر من ديوان، فضلا عن تجاربه المسرحية. ما بين البيروقراطية القاتلة، و حروب السلفيين، وغموض العلمانيين وتقديس المشايخ وتأليه الحاكم و ذكريات الصبا و أحلام البسطاء بعاديتها و استحالتها، يحط قلم الفتى وليد برشاقة و حرفية ، يدخل فى الموضوع مباشرة بلا مقدمات فارغة ، بسيطا لا يعرف التكلف، أنيق العبارة لا يعرف الفجاجة، بارا بالفصحى الرشيقة فلا يستسلم لغواية العامية « عمال على بطال»! وليد الذى تعرفت عليه شاعرا، يبدو فى النثر أكثر انطلاقا و حرية، يكتسب فن المقال لديه شجنه الخاص من القصيدة و تشويقه المتصاعد من القصة و روحه الساخرة المغرمة باكتشاف المفارقة من المسرحية. لا يتعالى على القارئ و تأبى موهبته إلا أن تنشد التواصل مع كل من يفك الخط، فالمجد لملح الأرض و على الموهوبين السلام و بالمبدعين المسرة. لمزيد من مقالات محمد بركة