سألنى صديق عزيز وله أسئلة مفاجئة: إن كان الفريق مميش رئيس هيئة قناة السويس في التسويق والترويج لمشروع قناة السويس الجديدة قد فقد طلته المبهرة وبريقه وحالة الصخب والفرحة التى كانت منتشرة بين عموم الناس لا سيما البسطاء منهم والمهمشون، عندما تم الاعلان عنه والبدء في تنفيذه وحتى الأسابيع القليلة الماضية. وقال: ألا تتفق معي أن اللواء عادل لبيب وزير التنمية المحلية أيضاً يشاركه في هذه الصورة ولم يفلح حتي اللحظة في التسويق الملائم ل (مشروعك) وراح يؤكد انه سكت الكلام عن المشروعات القومية ولم يعد الناس العاديون يتحدثون عنها كما كان من قبل بل ربما صاروا لا يعرفون عنها شيئاً. ومع أن صديقي غير متخصص في قياس الرأى العام ومعرفة مدي تأييد المواطنين ورفضهم لماتعلنه الدولة من مشروعات قومية، إلا أننى شعرت بشئ من الحقيقة فيما أشار إليه خاصة أن ما ذكره تكاد تراه تقريباً في عيون نسبة لا بأس بها بين الناس. صديق آخر كان يجلس معنا وهو فنان تشكيلي متأثر بتجربة القوافل الثقافية القديمة في مجتمع الستينيات، أكبر إنجاز لوزارة الارشاد القومي حينها (وزارة الثقافة الآن)، حاول أن يذكرنا بها وكيف أن هذه القوافل كانت تتجول بين القري والنجوع تحمل علي عاتقها توعية ثقافية بالمشروعات القومية وأفكارها، تحكي للفقراء والمهمشين حكاية هذه المشروعات وإيجابياتها وأهدافها الوطنية بطريقة شعبية مفهومة وبسيطة وممتعة، وكنا نري ما أن تنتهي هذه القوافل من جولاتها حتى نجد وقد تحول المشروع القومي وكأنه (مقام مقدس) يطوف البسطاء حوله، يتغنون به ويمدحون اسمه. ولعل تجربة تسويق مشروع السد العالى بهذه الطريقة تشهد على ذلك، وهو علي عكس ما تفعله حكومتنا الحالية، التي ترفض أن تعترف بفشلها في تسويق مشروعاتها القومية بين بسطاء الناس، والذين في ظني هم الأحق أن يكونوا ثوب المشروع القومى الأجمل والأنسب الذي يجب أن يرتديه، إذا أرادت الدولة أن تكون له مكانته اللائقه والوطنية بين المصريين، فلا نجاح لأي مشروع قومي دون إلتفاف البسطاء حوله، وهنا دعني أذكرك بفشل النظام السابق في تسويق مشروعي تعمير سيناء وتوشكي، عندما كان الرئيس المخلوع وبطانته يستعينون بالمحظوظين من النخبة وأشباه المثقفين وبعض من رجال الأعمال المتسلطين والإنتهازيين ومحاولة الترويج للمشروعين عن طريق الزيارات التلفزيونية والتقاط الصور التذكارية .. وللحديث بقية. لمزيد من مقالات أبوالعباس محمد
