لسنا فى حاجة إلى تقمص شخصية "تختخ" والمغامرين الخمسة لنقول إن الفوسفات بريء من تهمة تسمم أهالى الشرقية! المسألة بالعقل، حمولة فوسفات غرقت فى قنا، وفى اليوم نفسه، شرب أهالى الشرقية ماء ملوثا، فاعتقدوا، أو أن هناك من أوهمهم، بأن مياه النيل أفسدها الفوسفات، رغم أن كل المحافظات الأخرى الواقعة فى المسافة بين قناوالشرقية، بما فيها القاهرة والجيزة، لم تظهر فيها أى مشكلات تسمم، كما أن الفوسفات الغارق يحتاج إلى أسبوع أصلا للوصول إلى الشرقية ويصبح له مفعوله! ومع ذلك، هناك من خرج فى الشرقية ليحذر الأهالى من شرب مياه النيل لأنها ملوثة بالفوسفات، وهناك من سارع بتشيير شائعات على الفيسبوك “إلهى ما يكسبه” لتأكيد الفكرة نفسها، ربما من باب إحداث البلبلة، وهى هواية ومهنة عند البعض، أو ربما من باب التكسب من وراء بيع الجراكن وزجاجات المياه المعدنية فى المناطق المصابة. الجهات العلمية تؤكد أن الماء نظيف، وأن ما حدث لا علاقة له بالفوسفات، والشراقوة أنفسهم يعترفون بأنهم يشربون مياها ملوثة منذ سنوات، وبعض التصريحات لم تستبعد العمل التخريبي، وتحديدا فى محطات مياه الشرقية، بمنطق أن من يفجر أبراج الكهرباء ومحطات المياه، لن يتورع بالتأكيد عن تسميم المياه، وهذا ما يمكن أن تثبته التحقيقات خلال الساعات المقبلة، ولكن تبقى الحقيقة المؤسفة وهى أن مياه النيل مليئة بكل أنواع الملوثات من حيوانات نافقة ومخلفات مصانع ومنشآت وبواخر وأندية، وعلى ضفتيه أكوام الزبالة وحفلات غسيل الملابس والمواعين، ليس فى الشرقية وحدها، وإنما بطول النهر المسكين! إذن، فالحديث عن الفوسفات فى هذه القضية أو وجبة سمك تسطيح واستسهال مرفوضين، فالمتهم الحقيقى هو إما الإهمال أو الإرهاب، وكلاهما يعيش بيننا ويعيث فى الأرض فسادا، ومن مصلحة الإثنين معا أن يكيلا الاتهامات للفوسفات لإبعاد الشبهات عنهما، بل إنهما على الأرجح متواطئان! لمزيد من مقالات هانى عسل