هو احد الأشهر الحرم، والله يقول فلا تظلموا فيهن أنفسكم،وظلم النفس يكون فيها على نوعين : ظلم بارتكاب المعاصي، وظلم بترك الطاعات. وهو رجب شهر البذر والزرع ومن ثم شهر شعبان شهر السقي فتسقي قلبك بقراءة القران والاستغفار، ثم شهر رمضان شهر حصاد الطاعات. ولأن أيامه تعد تمهيدا وتدريبا لما يقوم به المسلم في شهر رمضان, يطالب علماء الدين بتدريب النفس علي الطاعة أولا, حتى تستقيم الجوارح ويمتلئ القلب بالإيمان, وأن نغتنم هذه الأيام في الطاعات والاستعداد للصيام والبعد عن الفواحش والغيبة والنميمة والمعاصي والذنوب وكل ما يؤدى يغضب الله عز وجل. وطالبوا المسلمين في هذه الأيام الكريمة بأن يكثروا من الطاعات وقيام الليل وقراءة القرآن الكريم والصلاة في المساجد والحرص علي صلاة الجماعة والمداومة على الأذكار والاستغفار، حتى يقبلوا على شهر رمضان المبارك بهمة وعزيمة تعينهم على صيام نهاره وقيام ليله ولزوم الطاعة فيه. واستنكر علماء الدين ما ترتكبه الجماعات الإرهابية من سفك للدماء المعصومة وتخريب للممتلكات وترويع للآمنين في الأشهر الحرم، وان ذلك يكون أعظم ذنبا عند الله تبارك وتعالى، مطالبين بأن نكون جميعا في حالة استنفار في هذه الأيام لاستقبال موسم الطاعات. ويقول الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم عميد كلية أصول الدين جامعة الأزهر بأسيوط، إن شهر رجب يعد من الأشهر الحرم التي فضلها الله تعالى وشرف ذكرها في القرآن الكريم، قال تعالى« إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين«، موضحا أن الأشهر الحرم قد حرم الله سبحانه وتعالى فيها القتال، بل وقال سبحانه«..فلا تظلموا فيهن أنفسكم..«، لذا يجب على المسلم تعظيم الأشهر الحرم عن غيرها من الأشهر. أعمال ليس لها سند وأشار إلى أننا إذا ما نظرنا إلى الأعمال التي يقوم بها بعض المسلمين من عبادات محددة بعينها فى شهر رجب، مثل صلوات مخصوصة أو صيام مخصوص أو أدعية معينة على النحو المنتشر بين الناس، فإننا نؤكد ان جميع هذه الأمور لا أصل لها فى الكتاب او السنة المطهرة، موضحا أن المسنون من الصيام فى شهر رجب هو المسنون في غيره من الشهور كصيام يومي الاثنين والخميس، وثلاثة أيام من كل شهر، كما ورد ذلك في الأحاديث الصحيحة المشهورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها، ما رواه الإمام الترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال«تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم«، مطالبا الذين عليهم أيام قضاء من صيام شهر رمضان الماضي بسبب أعذارهم، بان ينتهزوا شهرى رجب وشعبان ويسارعوا الى قضاء ما عليهم من صيام، حتى يستقبلوا رمضان وقد وفوا ما عليهم من دين. وشدد على ضرورة أن ننبه الجميع إلى أن شهر رجب يعد عند الذين لديهم همة فى الطاعة والتقرب إلى الله تعالى، هو المقدمة لشهر رمضان، حيث يستعد الصالحون من المسلمين لاستقبال الشهر الكريم، من بداية شهر رجب، ويكون بتطهير النفس من المعاصى والذنوب والتوبة النصوح، وأعظم من ذلك أن يرد الناس الحقوق التى عليهم الى غيرهم، مشيرا إلى أن هذا هو مكمن الداء عند كثير من الناس، حيث-للأسف- يفرقون بين العبادات والمعاملات، فنرى أحدهم فى عبادته خاشعا فى صلاته مواظبا على صيامه، ولكنه في جانب المعاملات يؤذى جيرانه أو يقدم الشكاوى الكيدية فى زملائه، أو يأكل أموال الناس بالباطل، وغير ذلك من الأمور التى تظهر الانفصام بين عبادة الإنسان وسلوكه ومعاملته مع الآخرين، ولهؤلاء نحن نقول اجمعوا بين حسن المعاملة مع حسن العبادة، في كل وقت من الأوقات، ولتكن البداية من شهر رجب استعدادا للعبادة بكل أنواعها في شهر رمضان المعظم. حرمة القتال من جانبه حذر الدكتور عبد الغفار هلال الأستاذ بجامعة الأزهر، الشباب من الانسياق وراء فكر مجموعة من المغرضين الذين يريدون هدم وتمزيق الوطن، والقضاء على الأخضر واليابس، بأفعالهم الدنيئة من قتل وتخريب وتدمير وترويع للآمنين، التي وان كانت محرمة في كل وقت، إلا أنها تصل إلى أعظم درجات الحرمة في شهر رجب لأنه من الأشهر الحرم التي حرم الله فيها القتال، موضحا أننا نقول لهؤلاء المخربين أن كل إنسان يضار من عمليات التفجير أو القتل او الحرق أو التخريب أو الترويع ونحو ذلك، فانه سيقتص منكم يوم القيامة، حيث فى ذلك اليوم لا ينفعكم هؤلاء الناس الذين يدعونكم إلى إحداث الفوضى وقتل الأبرياء بغير حق، مطالبا الشباب بأن ينصرف في هذا الشهر إلى معرفة الله تعالى والى كل ما ينفعه، وان يعمل جاهدا لفتح أبواب العمل حتى تتقدم أمتنا. وحول حرمة القتال في شهر رجب وغيره من الأشهر الحرم، أشار إلى أن الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح:«إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض, السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم, ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان«، موضحا ان حرمة القتال فى الأشهر الحرم تشمل عدم العدوان على النفس والأموال والأعراض والممتلكات سواء العامة أو الخاصة، مشيرا الى أن الله سبحانه وتعالى جعل من الزمان أشهرا حرما, كما أمن المكان إذ جعل البيت مثابة للناس وأمنا, وأمن فيه الإنسان والطير و كل شىء, حتى يتعود الناس علي نعمة الأمان, وما أجمل أن يستفيد الناس فى أوطاننا من هذه الحكمة العليا, وخصوصا في هذا التوقيت العصيب الذي تمر به بلادنا, كما أن شهر رجب يذكر المسلمين بأعظم معجزة خص الله عز وجل بها النبي صلي الله عليه وسلم, وهي معجزة الإسراء والمعراج، وهى من المعجزات التي أيد الله سبحانه وتعالى رسوله وحبيبه فى دعوته، ولا نزال إلى اليوم نتعلم منها الدروس والعبر.