وزير التعليم يستقبل وفد البنك الدولي لبحث أوجه التعاون فى الملفات المشتركة (صور)    جامعة الجلالة تحصل على المراكز الأولى في مسابقة الابتكار الصحي وريادة الأعمال    وزير المالية: لا زيادة في أسعار أو شرائح الضريبة على الدخل    رئيس "الإسكان الاجتماعي": مبادرة سكن لكل المصريين الأفضل على مستوى العالم    أمريكا: على إسرائيل تقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين في غزة    الأمير فيصل بن خالد بن سلطان يرعى حفل الزواج الجماعي بالحدود الشمالية ل248 شابًا وفتاة    كيليان مبابي يفوز بجائزة أفضل لاعب في أوروبا    مانشستر سيتي يفوز بجائزة أفضل فريق في العالم لعام 2024    بداية من الأربعاء.. مراجعات الثانوية العامة بالجيزة بالتعاون مع حياة كريمة    50 صورة من افتتاح مسجد "الطنبغا المارداني ".. ماذا نعرف عنه؟    استمرار سهرات المهرجان الدولى للطبول وسط حشد جماهيري كبير (صور)    أمين الفتوى يوضح هل تسقط الصلاة الفائتة بعد الإفاقة من البنج    القبض على «ٌقمر الوراق» بحوزتها 2.5 كيلو «حشيش» (التفاصيل الكاملة)    الاتحاد السكندري يعلن قبوله دفعه جديدة من الناشئين بسعر رمزي لشراء استمارة التقديم    محافظ أسوان يترأس اجتماع مجلس الصحة الإقليمي (تفاصيل)    سالم الدوسري يحصل على أعلى تقييم بين لاعبين الدوري السعودي    بدء الاختبارات الشفوية الإلكترونية لطلاب شهادات القراءات بشمال سيناء    لاعب أرسنال: الأعين كلها نحو رفح    ضبط شخص يدير صفحة عبر "فسيبوك" للنصب على أهالي كفر الشيخ    إصابة جندي بولندي في عملية طعن على يد مهاجر غير شرعي    "هيئة الدواء" توقع مذكرة تفاهم مع "مركز مراقبة الدولة للأدوية" بكوبا لتبادل الخبرات    تعرف علي الحكاية الكاملة لفيلم ولاد رزق    محافظ جنوب سيناء يترأس الاجتماع الأسبوعي لمتابعة الموقف التنفيذي للمشروعات    متى يلزم الكفارة على الكذب؟.. أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح    شركات محددة تستحوذ على "نصيب الأسد"، اتهامات بالتلاعب في تخصيص الأراضي بالدولار    كشف ملابسات سرقة سائق بإحدى شركات تطبيقات النقل الذكي حقيبة سيدة    الخميس.. قصور الثقافة تقيم حفل أغاني موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بمسرح السامر مجانا    قومية سوهاج تقدم عرض اللعبة ضمن موسم مسرح قصور الثقافة بالصعيد    محافظ الإسماعيلية يشيد بدور مجلس الدولة في فض المنازعات وصياغة القوانين    روسيا تطور قمرا جديدا للاتصالات    عضو تنسيقية تقدُّم: إعلان مجلس السيادة السوداني عن حكومة كفاءات وشيكة تهديدٌ للقوى المدنية    «الضوابط والمحددات الخاصة بإعداد الحساب الختامي» ورشة عمل بجامعة بني سويف    رئيس جامعة بني سويف يشهد الاحتفال بيوم الطبيب    رئيس جامعة بني سويف يكرم الدكتور محمد يوسف وكيل وزارة الصحة السابق    اشترِ بنفسك.. رئيس "الأمراض البيطرية" يوضح طرق فحص الأضحية ويحذر من هذا الحيوان    برلماني: الرئيس يثق في قدرة الحوار الوطني على وضع رؤية اقتصادية جديدة للدولة    القبض على المتهم بقتل صديقه في مشاجرة بقليوب    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    موعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2024.. تصل إلى 9 أيام متصلة (تفاصيل)    محافظ مطروح يشهد ختام الدورة التدريبية للعاملين بإدارات الشئون القانونية    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية البراجيل في ملوي غدًا    الطب البيطرى: تحصين 144 ألفا و711 رأس ماشية ضد الحمى القلاعية بالجيزة    سياح من كل أوروبا.. شاهد رحلات جولات البلد على كورنيش الغردقة    بشرى للمواطنين.. تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة حتى نهاية الأسبوع    خلال زيارته للمحافظة.. محافظ جنوب سيناء يقدم طلبا لوفد لجنة الصحة بمجلس النواب    إسرائيل تعتقل 22 فلسطينيا من الضفة.. وارتفاع الحصيلة إلى 8910 منذ 7 أكتوبر    تفاصيل الساعات الأخيرة في حياة فؤاد شرف الدين.. «كان يقاوم الألم»    نسألك أن تنصر أهل رفح على أعدائهم.. أفضل الأدعية لنصرة أهل غزة ورفح (ردده الآن)    محافظ الجيزة: تطوير وتوسعة ورصف طريق الطرفاية البطئ    رئيس وزراء إسبانيا: نعترف رسميا بدولة فلسطين لتحقيق السلام    كارول سماحة تعلق على مجزرة رفح: «قلبي اتحرق»    مصرع شخص صعقا بالكهرباء داخل منزله بقرية شنبارة فى الشرقية    مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية يوضح فضل حج بيت الله الحرام    توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 28 مايو 2024.. مكاسب مالية ل«العذراء» ونصيحة مهمة ل«الميزان»    دويدار: الجزيري أفضل من وسام أبو علي... وأتوقع فوز الزمالك على الأهلي في السوبر الإفريقي    حمدي فتحي: أتمنى انضمام زيزو لصفوف الأهلي وعودة رمضان صبحي    عضو مجلس الزمالك: إمام عاشور تمنى العودة لنا قبل الانضمام ل الأهلي.. ولكن!    مدرب الألومنيوم: ندرس الانسحاب من كأس مصر بعد تأجيل مباراتنا الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تسليم العهدة
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 04 - 2015

أخذت أجازة من العمل , قبل صدور الحركة بأربعة أيام , اعترض رئيسي اللواء المدير العام , أخبرته أنني أحتاجها , حتى لا يفاجئني قرار الإحالة للمعاش , وأنا منهمك فى العمل , قال :
أنت متأكد من انك ستحال للمعاش ؟
قلت له :
- أنا أتمنى أن أستمر فى العمل , ولكن الأمر كما تعلم ليس بيدي , ولا بيدك .
جادل كثيرا , كنت أعرف أنه يجاملني , ويريد أن يؤكد لي أنه كان يريدني أن أستمر معه في العمل , وأخبرني انه كتب عني , كلاما طيبا , وهو ما يجعل الوزير يمد خدمتي في العمل مدي الحياة .
كنت متأكدا أنه يكذب , ويحاول أن يبدو مجاملا , لأنه فى أثناء الكلام كان يحول عينيه بعيدا عني , وكان يطرق إلى الأرض ليتجنبني ,
وقد عرفت من صديق لي في الوزارة , انه قال للجنة التي قابلتنا قبل ذلك , لتقييمنا , أنه لا يريدني أنا , ومعي خمسة من زملائي ..
لأجل هذا كرهته ,ولا أريد أن أراه , ومع ذلك أخبرته , أنني لا أريد أن أرى الشماتة , ولا الرثاء , في وجوه زملائي ومرءوسي , وأنا خارج من مكتبي آخر مرة بعد صدور القرار .
كما كنت قد خرجت من مجلس تأديب الضباط , بعقوبة تعيق النمو , كما يقولون عندنا في الداخلية , بسبب كتاب نشرته , لم يتحمله الوزير , لأجل هذا كنت متأكدأ من أني لن ابقي في الوزارة .
فى النهاية وافق المدير على الإجازة .
جمعت أوراقي الخاصة من فوق المكتب والأدراج , كانت اشياء لا لزوم لها , ولكنني يجب أن افسح مجالا للقادم بعدي , ليكون المكتب نظيفا أمامه .
مقلمة على هيئة ساعة, إطار صغير للصور فيه صور أسرتي . تليفون على شكل آلة كاتبة . مجموعة من الأقلام , مبراة ضخمة ألمانية الصنع , مصحف له غلاف جلدي سميك , مدون على هوامشه تفسير للقرآن الكريم و شرح للكلمات . طاقم مكتب جلدي , وساعة مكتب في ظهرها بوصلة , تشير إلى اتجاه القبلة وأجندة تليفونات , دونت فيها أرقام تليفونات كل أصدقائي ومعارفي ومن اتعامل معهم في عملي . اوراق بيضاء في علبة من البلاستيك أكتب فيها الأشياء المهمة , أو بعض الملاحظات .
فتحت أدراج المكتب .
أجندات كثيرة , ودفاتر صغيرة , تعود لسنوات بعيدة ماضية , كنت أدون فيها ذكريات خاصة ومواقف حدثت لي , تعينني علي تذكر الأحداث , تواريخ تخص العمل وتخصني , أكتب كل شىء كما هي عادتي , فأنا أدون كل شىء , مهما كان تافها وحقيرا.
المجلات التي اشتريتها علي مدي أكثر من ثلاثين عاما, هي كل خدمتي , بعض تلك المجلات كانت تتحدث عن مناسبات مرت بها البلاد , نسيناها , منها مجلة تتحدث عن أحداث سبتمبر 1981 , وما جرى فيها , والفترة التي أعقبتها , وفيها صور لعملية اغتيال الرئيس أنور السادات , واحاديث صحفية أدلي بها بعض الوزراء , وكلها تتعلق بحادث مقتل الرئيس السادات .
ومجلة فيها تسجيل كامل لمضبطة مجلس الشعب , فى الجلسة التى خصصها المجلس لوزير داخلية , وهو يرد على استجواب , قدمه أحد الأعضاء عن عمليات التعذيب , وقتها أحضر الوزير شريط فيديو , وظهر فيه أحد الصحفيين , وهو يتحدث عن كيفية إعداد الصور التى ظهرت فى الجرائد والمجلات التي تتحدث عن التعذيب .وفى نفس الشريط دخل على خط التليفون , الذي كان يراقبه الوزير , شيخ جليل , وهو يسأل الصحفي عن سعر الدولار , وقتها إتهم الوزير الشيخ , بأنه يتاجر فى العملة , لقد أصبحت تلك المجلات تاريخا يقرأ. وأصبح الصحفي رئيسا لحزب , ورشح نفسه لرئاسة الجمهورية , منافسا للرئيس , وسجن وخرج , ومجلة ثالثة تتحدث عن فضيحة تليفونات شهيرة , سجلها أحد الهواة , وكانت لوزير معروف , مع شابة أرمينية, سيدة مجتمع , راقية وجميلة , كانت تعاشر عددا كبيرا من المسئولين , ووصل الأمر إلي مجلس الشعب , وقتها تعجب رئيس الوزراء , من الأعضاء الذين أثاروا الموضوع تحت قبة المجلس , وقال قولته الشهيرة : كيف تمنع الحكومة , رجلا من تقبيل عشيقته , في بير السلم ؟
ومجلات , وصحف أخري , وكتب ..
جمعت كل هذه الأشياء , ووضعتها فى كرتونة , وطلبت من شعبان عسكري المكتب , أن يحملها الى السيارة .
استدعيت أمين المخازن .
سلمته الطبنجة , سلاحي الشخص . لم أستخدمها قط , إلا في تدريبات ضرب النار , كان هذا السلاح هاجسي الأكبر طوال مدة خدمتي , كنت حريصا عليه , حتى لا يضيع منى , أو أنساه فى مكان ما , كما حدث مع أحد الزملاء ونسى سلاحه الشخصي فى دورة مياه أحد المساجد , وقتها أوقفوه عن العمل , وحولوه إلى مجلس تأديب , ثم ضُبِطَت الطبنجة بعد ذلك , وكان عامل المسجد الذي عثر عليها يحاول بيعها . وعندما تدخل المرشد لشرائها قبضوا عليه , وأعيدت الطبنجة إلى الحكومة , ولكن زميلنا دفع ثمنها وعوقب .
أخرجتها من جرابها الجلدي , ووضعتها علي المكتب , بعد أن نزعت منها خزينة الطلقات , أفرغت الخزينة من الطلقات , طلقة , طلقة .
تناولها أمين المخزن دون أن ينظر فى وجهي , نظر فى الرقم المدون مؤخرتها وظرف الماسورة , وطابقه بالرقم المدون فى الاستمارة التى عنده . لم يتكلم . أعطيته الطلقات , نفس العدد كما تسلمته مع الطبنجة .
حرر لي إيصالا , يفيد إخلاء طرفي من الطبنجة والذخيرة, وناولني الرجل الإيصال صامتا . حاولت أن أعطيه بعض النقود , رفض , وانخرط في البكاء دون سبب واضح .
ألقيت نظرة أخيرة على المكتب , الذي أمضيت فيه سبع سنوات كاملة , كل جزء فيه يذكرني بموقف تعرضت له . دولاب الملابس , حيث كنت أستبدل ملابسي الرسمية بالمدنية كل يوم . على باب الدولاب من الداخل , مرآة صغيرة أحضرتها فى اليوم الأول , لاستلامي العمل فى هذا المكتب . أضبط عليها رباط العنق الكاكي . وأعدل وضع علامات الرتب على كتفي , وعلامات الشرطة , علي ياقتي السترة الصوفية السوداء , وأضبط وضع الكاب علي رأسي قبل دخولي عند المدير العام .
علي الحائط , وفوق رأسي مباشرة , صورة لرئيس الجمهورية ,مازالت كما هي نفس الملامح الشابة لم تتغير منذ أربعة وعشرين عاما , صحيح أنها تستبدل كل عام , بصورة أحدث تبدو أكثر شبابا , ووجهه اكثر لمعانا , وشعره اسود داكن , ونظرته للأشياء حيادية , يبدو كشاب في الثلاثين , كل صوره تشترك فى النظرة الصارمة , التي أجاد المصور التقاطها , من زاوية تبرز وسامة الوجه , وشباب المظهر , وبريق العينين , وتلقائية النظرة , وصرامة العسكرية , وتخفي تجاعيد السن . وكانت براعة المصور أيضا في اختيار الزاوية , بحيث يجعلك تدور مع نظرة عيني الصورة القاسية , في كل إتجاه . فهي لا تترك المجال للفكاك منها , إلا بإغماض عينيك معا , حتي لا تراها . لأجل ذلك وضعتها فوق رأسي , ولم أضعها في مواجهتي , حتي لا اراه , وأتجنب ما تسببه لي من حساسية خاصة .
جاء زميلي العميد شفيق , وهو الذي سيحتل المكتب بعدى . تظاهر بأنه جاء ليودعني , ولكنه جاء ليلقى نظرة أخيرة على المكتب , وليتأكد من بقاء مستلزمات المكتب الرسمية والمستديمة كما هي .
عدة التليفون الأميرية . جهاز الفاكس . جهاز الكمبيوتر بمشتملاته الهارد , والمونيتور , والماوس , والكي بورد , والطابعة . ماكينة تصوير المستندات , ماكينة إتلاف الأوراق, جهاز التكييف بالروموت كنترول , دباسة الأوراق الضخمة صينية الصنع . خرامة ورق لونها احمر غامق . الدفاتر الرسمية التي تخص العمل . رزم من الأوراق البيضاء التى لم تستخدم . دوسيهات . رزمة من أوراق الكربون . كشاف إضاءة فى حالة انقطاع التيار الكهربي . حذاء جلد برقبة طويلة , يستخدم عند نشوب الحريق . أظهرت له كل الأشياء الخاصة بالمكتب.
أعطيته الأوراق السرية , والتقارير المهمة , التي تخص العمل , وفيها تقارير أداء للعاملين ..
زميلي شفيق , يلازمني ملازمة مستديمة منذ يومين , ولم يفارق مكتبي قط .
حتى وأنا أتكلم فى التليفون , كان يتظاهر بأنه يقرأ الجريدة , وكانت آذانه تلتقط كل مكالماتي , كان يريد أن يعرف مع من أتكلم , والموضوع الذي نتحدث فيه .
لم يكن العميد شفيق , هكذا فى أول الأمر , ظهرت عليه تلك الأعراض منذ أن عرف أنني ساتقاعد , وأنه سيجلس مكاني علي مكتبي . كان واثقا انه سيخلفني , لأنه الأقدم بعدى , بدأ يجلس معي فترات طويلة , فسرتها في أول الأمر , بأنها رغبته في أن يعرف كل شىء عن العمل الذي سيسند إليه , وفسرها هو , بأنه لا يريد أن يتركني لحظة , لفرط محبته الزائدة لي !!
عمل شفيق معي منذ ثلاث سنوات , منذ أن جاء مطرودا من أمن الدولة , حاول أن يفسر لي , في جلساتنا الودية , السبب الذي من أجله طردوه , وإخترع حكاية تافهة , وصدقتها , أو تظاهرت بتصديقها !.
شفيق يتمتع بمقدرة هائلة جمع المعلومات , وترتيبها , وتوصيفها , وتوصيلها الي من يحتاجها .
تكلم معي كثيرا عن أمجاده في وظيفته السابقة , خانتني الذاكرة , ولم تحتفظ بشىء مما حكاه , وهي فرصة ندمت عليها غاية الندم , لأنها كانت ستضيف إلي ما اكتبه سحرا خاصا , ولكنه , والحق يقال , ساعد دون أن يقصد , في تحقيق نوع من الارتياب العام بين ضباط الإدارة التي اعمل بها , كما نجح في خلق جو من التوتر , والقلق , فقد كان يشي ببعض أسرارنا الصغيرة , لرؤسائنا في الوزارة , وفي مكتب الوزير , وهم هناك يتلهفون , لتكون بمثابةغلطة يبتزوننا بها , مما ساهم , في توسيع الجفوة بين الضباط , وبدأنا نرتاب في بعضنا البعض كمجموعة كانت متآلفة , وسرعان ما صدرت إليه التعليمات من رآستنا , بأن يلتزم بتعليمات التسلسل الوظيفي ولا يدخل إلا مكتب رئيسه , الذي هو انا .
كان هذا في حد ذاته مؤشرا جيدا , لرفض ممارسته , وطريقته في الدخول للمكاتب وبث المعلومات التافهة .
هو الآن يراقبني , طبقا لأبسط أنواع المراقبة التي تعلمها , نعرف هذا الأسلوب فى الرقابة على تصرفات القيادات قبل لحظات من تركهم العمل , وقراراتهم , حتى لا يتصرف أحدهم على نحو مريب تحت شعار « يا رايح أكثر من الفضايح « .
لم أمارس هذا الأسلوب مع المدير الذي كان قبلي .
أشاع العسكري شعبان بين العاملين فى الإدارة أنني عرفت بالحركة وأنني منقول من الإدارة آلتي اعمل بها إلى مكان بعيد في الصعيد .
توافد على المكتب بعض الضباط ممن عملوا معي , سلموا على , سألوني عما سمعوه , أخبرتهم أنني لم أعرف شيئا , وأنني فقط حصلت على أجازه .
توافد على المكتب بعض الضباط من العاملين معي , سلموا على , بدا بعضهم مغتبطا دون أن يدرى , كانت عواطفه تلقائية فى التعبير عن حالته , بينما جلس الآخرون صامتين . مكثوا جميعا دقائق معدودة وغادروا المكتب .
جاء بعدهم العاملون المدنيون , ومعهم بعض الموظفات ومعهن شيرين , أحضروا معهم على عجل هدية صغيرة فى حجم علبة السجائر . ملفوفة بورق يلمع . صافحوني جميعا , ظلوا واقفين , تكلم الأستاذ جرجس كبيرهم , وقال أنني تركت فيهم انطباعا ليس من السهل ان يمحى , كانت شيرين تنظر لحذائها , ولا تواجهني , قدم جرجس هدية باسم العاملين في الإدارة, وصافحوني ثم خرجوا .
تأخرت شيرين قليلا , نظرت إليها وهي خارجة . كانت أردافها ممتلئة , ووسطها ضيقا بشكل مثير . لم أفطن إليها من قبل . لم يكن بيني وبينها شىء , كما أنني لم أعاملها معاملة خاصة , تميزها عن غيرها من زميلاتها , ولكنها كانت عندما تدخل عندي , تتلعثم في الكلام , وترتبك لدي أي سؤال , واعتبرت هذا نوعا من الخجل , وأحجمت عن توجيه أي أسئلة لها , ولكنها بعد أن تضع الأوراق أمامي لتوقيعها , تقف عن يميني , كانت تتعمد الإلتصاق بكتفي , كنت في كل مرة أبعدها , خشية دخول احدهم فجأة , طلبت منها أن تقلب الأوراق , وهي واقفة أمامي لا بجواري , ولكنها كانت تنحني فيبدو مفرق ثدييها المثير .
عرفت أنها فعلت هذا مع المدير الذي قبلي , وبالطبع ستكون واحدة من المزايا التي يتمتع بها شفيق من بعدي .
نظرت إليها , ويدها لا تزال في يدي , ضغطت علي يدها وهي تصافحني, إبتسمت , ولكنني سرعان ما تداركت , وتركت يدها , وجمعت أشيائي . وغادرت المكتب إلى محطة قطار الصعيد .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.