قبل الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة.. مجلس الوزراء في أرقام    وزارة التعليم العالى: نحرص على إعداد جيل من الكوادر فى مجالات الأمن السيبرانى    بعد إعلان تشكيل الحكومة الجديدة.. رفع الجلسات العامة ب«النواب» دون تحديد موعد عودتها    قطر تدين محاولة الاحتلال الصهيوني تصنيف "الأونروا" منظمة إرهابية    روسيا :كشف عملاء للمخابرات الأوكرانية يعدون لهجمات ضد أسطول البحر الأسود    تشكيل الحكومة الجديدة.. 5 أسباب ترجح كفة استمرار أشرف صبحي وزيرا للرياضة    رودري: اعتزال كروس يلهم الجميع    إحالة أوراق متهم في قضية مقتل اللواء نبيل فراج إلى المفتي    تعديل تركيب وامتداد مسير عدد من القطارات على خط «القاهرة / الإسماعيلية»والعكس بدءًا من السبت المقبل    ثقافة الإسكندرية تقدم "قميص السعادة" ضمن عروض مسرح الطفل    نتنياهو: الحرب فى غزة ستتوقف لإعادة المحتجزين ثم ستتبعها مناقشات أخرى    قناة الوثائقية تستعد لعرض فيلم «رحلة في عالم فيليني»    سُنن صلاة عيد الأضحى.. «الإفتاء» توضح    بقيمة 200 مليون يورو.. «النواب» يوافق على اتفاقية مع إسبانيا لتوريد قطارات «تالجو»    حزب المصريين: الحكومة السابقة واجهت تحديات خطيرة داخليا وخارجيا    إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة بالطريق الصحراوي الغربي بقنا    الصين تؤكد دعم جميع الجهود السلمية لحل الأزمة الأوكرانية    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع مستجدات مشروع كوبري المزلقان على الطريق الزراعي بالواسطى    جامعة كفر الشيخ تتسلم شهادة رخصة مركز تدريب معتمد من المجلس الأعلي للجامعات    الأربعاء المقبل.. انطلاق مهرجان الأفلام اليابانية بالقاهرة    مي عمر عن علاقتها بمحمد سامي: «مبخافش من الحسد ومبركزش في كلام الناس»    تعرف على موعد حفل زفاف جميلة عوض على المونتير أحمد حافظ (خاص)    محمد الباز ل"إكسترا نيوز": بعض الوزارات الخدمية والاقتصادية تحتاج تغيير    شاهد.. مجدي أفشة: أنا أفضل لاعب في مصر.. والقاضية ظلمتني    رئيس الوزراء يتفقد المعرض الطبي الأفريقي الثالث    نقيب البيطريين: حصلنا على وعد بضم أعضاء النقابة إلى تعيينات ال120 ألف فرصة عمل    من الترويج للمثلية الجنسية إلى إشراف «التعليم».. القصة الكاملة لأزمة مدرسة «ران» الألمانية    6 قرارات للمجلس الأعلى للجامعات لشئون الدراسات العليا والبحوث    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي لتنفيذ حكم حبسه في تزوير توكيلات انتخابات الرئاسة    نائب رئيس جامعة الزقازيق يتفقد سير الامتحانات بكلية التمريض    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في سريلانكا إلى 12 شخصًا    نائب: ضيوف مصر يمثلون عبئا على الموازنة العامة    بنك القاهرة: 2.7 مليار جنيه قيمة التعاملات عبر محفظة القاهرة كاش بنهاية مارس 2024    محافظ الشرقية: إزالة 372 إعلانا مخالفا وغير مرخص خلال شهر    بعد الفوز على الاتحاد السكندري.. أبوقير للأسمدة يجدد الثقة في محمد عطية    أسامة قابيل يوضح حكم تفويض شخص آخر فى ذبح الأضحية؟    مرصد الأزهر: الحفاظ على عقول الأفراد من الانحراف أحد أهم مقاصد الشريعة    مجموعة "إي اف جي" القابضة تعتزم شراء 4.5 مليون سهم خزينة    صيادلة الإسكندرية: توزيع 4.8 ألف علبة دواء مجانا في 5 قوافل طبية (صور)    الرباط الصليبي يبعد مدافع أتالانتا من قائمة إيطاليا في يورو 2024    عاشور: الجامعة الفرنسية تقدم برامج علمية مُتميزة تتوافق مع أعلى المعايير العالمية    المؤهلات والأوراق المطلوبة للتقديم على وظائف المدارس المصرية اليابانية    بالأسماء.. شوبير يكشف كل الصفقات على رادار الأهلي هذا الصيف    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    الحكومة تتقدم باستقالتها.. والرئيس السيسي يكلف مدبولي بتشكيل جديد    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    طريقة التسجيل في مبادرة الأمراض المزمنة.. الكشف والعلاج بالمجان    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    شكري: مصر تستضيف المؤتمر الاقتصادي المصري الأوروبي نهاية الشهر الجاري    الطيران الإسرائيلي يغير على أطراف بلدة حانين ومرتفع كسارة العروش في جبل الريحان    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    حالات وإجراءات تأجيل امتحانات الثانوية العامة 2024 للدور الثانى بالدرجة الفعلية    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    أفشة: ظُلمت بسبب هدفي في نهائي القرن.. و95% لا يفقهون ما يدور داخل الملعب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفي الفقي يفتح خزائن اسرار البابا

في جعبة المفكر السياسي الدكتور مصطفي الفقي كثير من الاسرار في خزائن موصدة واغلفة ملفات تحمل خاتما مهيبا سري للغاية وبحكم عمله كان في خزائن الاتصال بين رئيس الجمهورية ورأس الكنيسة في الثمانينات والتسعينات‏,‏ شهد فيها احداثا خطيرة‏. وقام بأدوار مؤثرة مع البابا شنودة الثالث, الذي رأي فيه الفقي شخصية مهيبة متزنة, لكن الشخصيات المهيبة لاتبرز فجأة من المجهول, او تولد من ضربة حظ تصيب في الصميم او تطيش في الفراغ, انما قيمتها انها رمز وتجسيد لما هو ابقي واكبر منها.. نوع نادر من الشخصيات سار الشوط الي نهايته دون كلل, بفهم عميق لروح مصر ومكوناتها الحضارية التي تصنع عبقرية شخصيتها المتفردة.. مواقف متعددة وعلاقة متميزة جمعت بين قداسة البابا شنودة والدكتور مصطفي الفقي الذي اختص الأهرام بهذا الحوار هاتفيا لوجوده حاليا في زيارة بمملكة البحرين بدعوة من حكومتها, ولدواع كثيرة فإن بعض اجاباته لم تسلك طريقا مباشرا, انما ذ هبت عن طريق دائري, متحسبا لوجود اي مزالق من الافضل تجنبها..
دكتور مصطفي.. كيف تنظر لرحيل البابا في هذا التوقيت والظرف العصيب لمصر والمصريين, في مرحلة تحول مفصلي ؟
جادت وفاة قداسة البابا شنودة في وقت حرج لنا جميعا, لان مصر احوج ماتكون لحكمة هذا الرجل وعقلانيته وحرصه الشديد علي اللحمة الوطنية, وعلي المصلحة العليا للوطن, وليس البعد الطائفي المحدود, لقد احب مصر من كل قلبه واتسع قلبه بالمحبة للكل, بد ون تمييز فأحبه المسلمون والمسيحييون معا, واجه الصعاب بقلب تقي وبالحكمة وطول البال. لم يعرف الكراهية يوما, واذكر ا نني ذهبت اليه في نهاية الثمانينيات, لكي استشرف رأيه في مجلس الشوري, لكي يختار اسماء لمرشحينمسيحيين للتعيين بالمجلس, فأعطاني اسماء اسلامية بحتة وسألته: ماهذا ياقداسة البابا ؟!.. فقال لي: لايعنينا اسماء اقباط ولامسلمين, لكن المهم ان يكونوا مؤمنين حقا بالوحدة.. فقد كان من اكثر الناس اعتدالا, الي درجة ان بعض المسيحيين كانوا ينتقدونه, ظنا منهم انه يفرط في حقوق لهم
خزانة الاسرار.
ألا تفتح لنا خزانة أسرارك قليلا, خاصة أنك كنت مسئول الاتصال أو ضابط الاتصال إن جاز الوصف بين رئاسة الدولة وقيادة الكنيسة, حتي بعد مغادرة منصبك الرسمي في الرئاسة؟ يصمت بعض الوقت.. ثم يقول: أريد أن تعلم أن البابا شنودة شخصية حكيمة, قلما يجود الزمان بمثلها, كان يحفظ آيات من القرآن الكريم والأحاديث النبوية, وذات يوم أحضر أمامي معجما لألفاظ القرآن وتفسيرها, ولم أكن وأنا المسلم, قد اطلعت علي مثل هذا الكتاب من قبل, هكذا كان البابا متسامحا بصيرا, متسلحا بفهم عميق لروح الحضارة العربية, مثلا عقب أحداث العمرانية, اعتكف في دير وادي النطرون, واصطحب معه ماكينة الغسيل الكلوي في إشارة الي غضبه مما جري واستعداده للبقاء أطول فترة, وذهبت إليه محاولا استرضاءه واصلاح الأوضاع واعادته الي المقر البابوي, وجلسنا معا وبصحبتنا الأنبا موسي والأنبا يؤانس والأنبا أرميا, وعرضت عليه حلولا قبل بعضها, وتم اطلاق بعض المسجونين من الاخوة الأقباط, وقد حكي لي البابا أن الرئيس السابق مبارك عرض عليه اعتبار عيد القيامة اجازة رسمية لكل المصريين, فرفض البابا شنودة, وقال له: لا ياسيادة الرئيس, ان المسلمين والمسيحيين متفقون علي عيد ميلاد السيد المسيح, أما عيد القيامة فمحل خلاف لا نريد له أن يتصاعد, وعلي العموم يوم شم النسيم يأتي في اليوم التالي, فيجمعنا جميعا.. انه رجل نادر فقد كان رجل دين وشاعرا وصحفيا ومؤرخا وكاتبا ومثقفا.. شخصية ذات وزن في كل الاتجاهات, واحتفظ بصداقات مع المسلمين, من ثم ليس غريبا أن يحزن عليه المسلمون والمسيحيون, في مصر وفي غيرها.
اصطدم البابا شنودة كثيرا مع الرئيس السادات, واختلف أحيانا مع مبارك, هل كان ذلك راجعا لتكوينه الشخصي, أو إلي عوامل أخري؟
لقد حكي لي البابا قصة خلافه مع السادات, والعلاقة المتوترة بينهما التي أدت الي اقصاء شنودة وعزله في وادي النطرون, مشيرا الي أوجه اختلاف عديدة جرت بين الاثنين, وأن أسبابا سياسية وقفت وراءها, خاصة أن الرئيس السادات أراد تثبيت سلطته بوسائل أثارت مخاوف الأقباط, فقام البابا من ناحيته بإبلاغ الرئيس فحوي تلك المخاوف, معتبرا أن نقله مطالب الاقباط ومخاوفهم ليس هدفه أن تلعب الكنيسة دورا سياسيا, إنما أن تحاط القيادة بما يدور في خلد رعاياها.. وفجر البابا مفاجأة تتمثل في أن هذا الخلاف كان من الممكن لجمه في أضيق الحدود, لكن الوسطاء بين الرئيس والبابا ومعظمهم كانوا مسيحيين وسعوا الفجوة بينهما, حتي سحب السادات اعتراف الدولة بالبطريرك, وفرض عليه الاعتكاف, لكنه لم يستطع ازاحته عن الكرسي البابوي, إذ أنه يأتي ب قرعة إلهية, وأن الأب متي المسكين لم يكن علي علاقة ودية مع البابا شنودة, لكنه كان رجلا صالحا بكل المعايير, وقد ذهب الي البابا وقدم إليه محبته, مع انتهاء الأزمة برحيل السادات.
صرع أجنحة
ما رؤيتك أنت لتأثيرات هذا الخلاف؟
أري أنها واقعة مؤسفة محزنة, فقد كانت فتنة مشبوبة باللهب.. اشتعلت ثم خمدت, لكنها بمرور السنين تركت جروحا وحروقا وكسورا, والمزعج أن صناعة الفتن لا تأتي من عود ثقاب يلقي علي كومة قش بالمصادفة, إنما صناعة لها أسسها وطرقها, في بلد يتربص به المتربصون, وبدا ذاك ظاهرا للعيان في أحداث طائفية كان يمكن تفاديها.
تذهب بعض الكتابات الي ان الكنيسة المصرية الأرثوذكسية تعاني صراع أجنحة داخلها, ومع التيار العلماني القبطي خارجها, وأنه صراع مرشح للتصاعد؟
هذا الأمر يخضع لشيء من المبالغة, فقادة الكنيسة رجال دين زاهدون, وللكنيسة المصرية شخصيتها التي حافظت عليها علي مدي تاريخها, وكان دورها دوما دورا دينيا وطنيا, وليس حزبيا طائفيا, واستطاع البطريرك الراحل أن يبلور هوية الأقباط, وأن يحتوي الجميع علمانيين وغير علمانيين, فمثلا صور له بعضهم أن تعيين المفكر جمال أسعد عبدالملاك في برلمان2010 يعطي اشارة سلبية بوصفه قبطيا علمانيا, وأنه يهاجم الكنيسة, فأبلغت قداسته أن جمال أسعد يهاجم مبارك وابنه أكثر, وأنه محب للكنيسة ويحترم رموزها, فرضي.
لكن الدور السياسي للكنيسة برز بوضوح في عهد البابا شنودة, إلي حد اعتبره البعض تحديا للدولة وسيادة القانون, مثل حكم الزواج الثاني؟
أعتقد أنه ليس هناك تعارض أو تحد, فقد انطلقت الكنيسة في معارضتها حكم الزواج, من منظور النص الديني المسيحي الذي يمنع ذلك الحكم, والأحوال الشخصية لكل ملة متروكة لما تحدده شريعتها وكتابها, ويهمني هنا أن أؤكد من خلال علاقتي مع قداسة البابا شنودة وبعض رموز الكنيسة المصرية, أن هناك اجماعا علي التمسك بالمادة الثانية من الدستور, مع إمكان اضافة عبارة اليها مضمونها: مع تطبيق شرائع أهل الديانات السماوية علي أصحابها في الأحوال الشخصية بالطبع, فالبابا دوما كان إطفائيا متمرسا لحرائق الوطن, التقيت به بعد مشكلة جريدة النبأ ومشكلة وفاء قسطنطين, وقلت له: هل أنت مستاء, فقال: بل حزين من أجل الوطن, وخائف عليه.. لأجل ذلك, ونحن علي أبواب مرحلة جديدة في تاريخنا, أحذر من دعاوي الفرقة بين أبناء الوطن الواحد, مثل حديث البعض هنا أو هناك عن الأغلبية العددية من المسلمين, أو احتكار المصرية الفرعونية وحصرها في الأقباط فقط بزعم انهم أصحاب البلد الأصليين, فهذا كله هراء غير صحيح, الوطن لجميع أبنائه مسيحيين ومسلمين دون تفرقة أو تمييز, هنا أذكر الجميع بأن يذهب المسيحيون والمسلمون, عند اللزوم, للاحتجاج أو الاعتصام أمام دار القضاء العالي أو مجلس الشعب أو ميدان التحرير, أو حتي قصر عابدين, فيجب ألا يعتصم الأقباط في الكنيسة, أو المسلمون في الأزهر.. الكنيسة مثل الأزهر مؤسسة وطنية عظيمة, لكنهما داوران دينيتان في المقام الأول, ليس لهما أن ينخرطا في السياسة اليومية, هما يمثلان الجانب الروحي, وأداة القوة الناعمة في مصر, تماما كالجامعات ومصادر المعرفة والثقافة والمتاحف وتراثنا العريق الزاخر.
ظلت علاقة الكنيسة بقيادة البابا شنودة مع أقباط المهجر غائمة الملامح, مثيرة للتساؤلات؟
بذل قداسة البابا محاولات لضبط الأعصاب والحرص علي سلامة الوطن ووحدته, لوعيه بأن العقائد تتعلق بالإيمان وقلوب مشبوبة بالعاطفة, وبأن العلاقة الطيبة المتينة بين مسلمي مصر ومسيحييها هي حصن الأمان لكل المصريين, لذلك كان البابا عنصر توازن وحكمة واعتدال يبادر ويتحرك, وقد دخلت عليه يوما وهو يملي رسائل لأبنائه في المهجر, حتي لا ينصتوا إلي الشائعات التي تتسرب إليهم دون أساس من الحقيقة عن أوضاع الأقباط في مصر, وأحيانا تعرض البابا لانتقادات خارجية علي أساس أنه مسالم أكثر مما ينبغي, وقد قمت بزيارة لواشنطن في2009 وآلمني أن جزءا كبيرا من معلومات أقباط المهجر غير صحيح تماما, فأحدهم سألني: هل هناك مأمور قسم مسيحي في مصر, وآخر يستفسر: هل تستطيع المسيحية ارتداء الصليب(؟!).. فرددت: نعم, وأعدت عليهم قول البابا لا يوجد اضطهاد ولا تمييز, لكن هناك تهميش.. وهذا صحيح, وينبغي علاجه بأسرع ما يمكن, فنحن شعب واحد جذوره واحدة, منذ الفراعنة, يدين بدينين علي نهر واحد.
استطاع البابا شنودة ضخ الدماء في عروق الكنيسة المصرية ودورها إقليميا ودوليا.. كيف تقيمون هذا الدور؟
أحدثك من البحرين شاعرا بأسي الجماهير العربية, ومواكب المعزين تتوالي علي السفارات المصرية في الدول العربية, لأنه بطريرك العرب, والعرب يذكرون مواقفه الصلبة تجاه القضية الفلسطينية, ومنع الأقباط من زيارة القدس مادامت تحت الاحتلال الصهيوني, وكيف كشف عن ألاعيب إسرائيل, وفند فرية شعب الله المختار, باعتبارها مجرد ذريعة, وقد حرص الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات علي زيارته بالكاتدرائية كلما أتي إلي القاهرة, تقديرا لموقفه التاريخي.. ولو عدت إلي فترة القطيعة المصرية العربية فقد جاء الأمير سلمان وزير الدفاع السعودي( أمير الرياض في ذلك الوقت) واتصل بالرئاسة وقال لي: سأقيم معرض الرياض اليوم ولي طلب أن يكون البابا شنودة موجودا, فأدركت أهمية هذا الرجل الذي تمكن من حل الحساسية التاريخية للأقباط والعروبة.. وهو شخصية دولية قوية وبارزة جلس علي الكرسي البابوي41 عاما, ومد رعايته للكنائس في أركان الدنيا الأربعة, وكانت له اتصالات بزعماء العالم, وحظي باحترام كبير.. كنت بالنمسا سفيرا وأتي قداسة البابا إليها ودعي إلي المجر, فتوجهت معه برا, وهناك فوجئت برئيس المجر وهو يستقبله علي الحدود, وسبق أن تحدثت مع البابا شنودة بناء علي طلب وزير الخارجية أحمد ماهر لكي يستقبل مطران كنيسة إريتريا لإصلاح علاقة الطرفين, وامتدت جهوده لقضية مياه النيل مع الكنيسة الإثيوبية.. ويكفي أن نعود بالذاكرة إلي محاولة تفتيش البابا في مطار هيثرو, وبسببها انتفض المصريون المسلمون قبل المسيحيين, لأنهم اعتبروه إهانة للمصريين جميعا, إنه رمز وطني تاريخي.
البابا المقبل تري من يكون؟
إنها مسألة اختيار إلهي عن طريق القرعة في النهاية, وأري شخصيات محترمة كثيرة, تكون امتدادا للبابا الراحل, منهم الآباء: آرميا وموسي وبسنتي ويؤانس وبولا وبيشوي..
ومن منهم تراه أقدر علي قيادة دفة الكنيسة في مرحلة حساسة من تاريخ مصر؟
صمت برهة.. قبل أن يجيب: جميعهم وآخرون مؤهلون, وإن كان بعضهم أكثر ملاءمة وقدرة علي التفاعل مع واقع الأقباط والمصريين, ولا تطلب مني أسماء, فهي اختيار إلهي كما قلت.
أهم ملامح العلاقة بين قداسة البابا شنودة والمفكر السياسي مصطفي الفقي؟
هي علاقة شخصية قوية للغاية, منذ كنت مسئول الاتصال بينه وبين رئيس الجمهورية السابق(1985 1992), وقد استمرت حتي بعد ترك منصبي في الرئاسة, وكان البابا شنودة يزجي إلي التهنئة بعيد ميلادي في14 نوفمبر وهو بالمناسبة يوم جلوس قداسته علي الكرسي البابوي, وكان يدعوني دائما لحضور قداس عيد الميلاد, وحتي في آخر عيد ميلاد اتصل بي الأنبا آرميا وأخبرني بأن البابا يريدني في الصف الأول, وقد قبلته, ورأيت الأستاذ منير فخري عبدالنور يقبل يده, علي غير عادته كل عام, فقال لي: أشعر أنها قبلة الوداع, كان البابا ودودا مع الجميع, وكان يحب شيخ الأزهر الراحل طنطاوي, ويحترم فضيلة الشيخ الطيب, ويقدر فضيلة الشيخ علي جمعة.. إنه بصمة من روح مصر وعبقريتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.