شغلتنا همومنا الذاتية فى العالم العربى الممتدة من العراق وسوريا إلى اليمن وليبيا عن القراءة الضرورية والواجبة لمرحلة ما بعد الاتفاق النووى الإيرانى وما تحمله من مخاطر وتهديدات للتوازن الاستراتيجى فى الشرق الأوسط قد يصبح معها التخلف العربى عن اللحاق بهذا القطار خطيئة سياسية لا تغتفر. حيث يصبح الحديث عن بناء أمن عربى حديثا مشكوكا فى صحته وجديته فى وجود قوتين نوويتين بالإقليم أولهما إسرائيل التى دخلت الفضاء النووى منذ سنوات بعيدة وثانيهما إيران التى إن لم تكن قد أنتجت القنبلة النووية بالفعل فإنها الآن تلامس العتبة النووية تماما! والحقيقة أن المشكلة ليست محصورة فقط فى اقتراب إيران من لمس العتبة النووية وإنما فى التفاهمات الغربية بقيادة أمريكا مع إيران لتسهيل الوصول إلى الاتفاق النووى المبدئى وهى للأسف الشديد تفاهمات حملت فى طياتها مباركة ضمنية لمخططات إيران لتوسيع نفوذها فى المنطقة خصوصا فى دول الجوار مثل العراق وسوريا وعدم التصدى الكافى لمجاهرة إيران بالتورط فى الأزمة اليمنية وما يحمله ذلك التورط من مؤشرات لمد هذا النفوذ الإيرانى باتجاه البحر الأحمر ومضيق باب المندب! وإذا كان العالم العربى قد عانى طوال العقود الماضية من محاولات الابتزاز المعنوى باسم احتمالية لجوء إسرائيل عند الضرورة لما يسمى «خيار شمشون» ووضع الأصبع على زناد سلاحها النووى ليكون على أهبة الاستعداد فإن العبء النفسى على العالم العربى سوف يصبح عبئا مضاعفا مع وصول إيران إلى العتبة النووية بينما تخيم على سماء المنطقة سحب كثيفة معبأة بنزاع شيعى - سنى يراد له أن يكون أحد أهم عناصر عدم الاستقرار فى الشرق الأوسط وبما يخدم مصلحة أمريكا وإسرائيل فى المقام الأول. وأغلب الظن أن أمريكا مازالت تراهن على قدرتها فى ضبط إيقاع الحركة العربية وعدم اضطرار العرب وفى مقدمتهم دول الاعتدال إلى التحليق بعيدا عن المظلة الأمريكية والبحث عن حلفاء جدد يمكن أن يقدموا لهم الدعم والمشورة الفنية لمجاراة هذا السباق النووى الذى فرض نفسه على الجميع ليكون سؤال اللحظة فى العالم العربى هو: نكون أو لا نكون! ولعل دعوة مصر لبناء قوة عربية مشتركة تكون مفتاحا للاجتهاد فى البحث عن إجابة لسؤال ضرورى وعاجل هو: ماذا بعد الاتفاق النووى الإيراني.. وإلى أين نحن سائرون؟ خير الكلام : ليس الأسوأ أن تفشل فى عملك وإنما الأسوأ ألا تعمل خوفا من الفشل !