مازالت العمليات العسكرية التي تشنها قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في مواجهة الحوثيين وأنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح في اليمن، لم تحسم موازين القوى لصالح أحد الطرفين في حرب "غير متماثلة"، وهو ما يشير إلى أنها مسألة معقدة إلى حد كبير. لاسيما أن الانتشار الحوثي تزايد في مرحلة ما بعد عاصفة الحزم مقارنة بما قبلها، فضلا عن صعود نفوذ طهران حليفة الحوثيين بعد التوقيع على الإتفاق الإطاري النووي مع الدول الغربية في 2 ابريل الجاري، وهو ما يجعل هذه الحرب “إقليمية” بشكل غير مباشر، تتعلق بتناقض المصالح لأطرافها مع بعضها البعض، بطريقة تضعهم دائما في مفترقات طرق، يكونون فيها موضع اختبارات صعبة. فقوات التحالف تخوض هذه الحرب ضد التهديدات العسكرية لميليشيا مسلحة تحاول الاستيلاء على السلطة والاستحواذ على الدولة، بهدف تغيير موازين القوى الداخلية المختلة لصالح السلطة الميدانية في مواجهة السلطة الشرعية، لاسيما مع امتلاك الحوثيين قدرة مؤكدة على الرد المضاد. في هذا السياق، تستعرض صفحة مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية رؤيتين مكملتين إذ يرى د.معتز سلامة –رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بالمركز- أن انتصار قوات التحالف في مواجهة الحوثيين يعد ضرورة وليس خيارا، لأن البديل المطروح له هو الفوضى الإقليمية، والتي تجد مؤشرات لها في نهاية مبكرة لفرصة بناء نظام إقليمي عربي متماسك وتهديد لكيان الدولة الوطنية العربية واستقواء التنظيمات المسلحة الداخلية وانتعاش أدوار الجماعات الإرهابية “المتكاثرة”. في حين أن نجاح أهداف التحالف يعني ترسيخ استقلالية أمن الخليج عن الضمانة الأمريكية وقطع الذرائع الإيرانية في اليمن وسحب أذرعها في العراق وسوريا ولبنان. ومن ثم، فإن الحرب الراهنة يتوقف عليها مسار التوازن الإقليمي. وتتفق مع هذا التحليل، أ.صافيناز محمد أحمد – الباحثة في الشئون العربية بالمركز- حيث ترى أن الصراع ليس صراعا على شرعية رئيس بقدر ما هو صراع إقليمى متعدد الأبعاد، وتحديدا بين الرياضوطهران، فيما يخص إحراز المزيد من نقاط التفوق الإقليمي. وتعد اليمن إحدى ساحات هذا الصراع، بل يرجح أن تكون الحرب الحالية بين قوات التحالف والحوثيين “حرب استنزاف” طويلة الأمد نظرا لنجاح الحوثيين في بناء شبكة من التحالفات الداخلية والحزبية مكنتها من إحكام سيطرتها على المنشأت الحيوية والأجهزة الأمنية والألوية العسكرية. وبالتالي، فإن أولى خطوات تقليص القوة العسكرية تتمثل في تفكيك الارتباط بين الطرفين المتحالفين والتفكير الجدي في جدوى وتكلفة خيار التدخل البري وضرورة تدخل الأطراف الثالثة مثل سلطنة عمان للتوصل إلى تهدئة ميدانية تمهد لتسوية مستقبلية. المحرر