لست فى حاجة إلى القول بأن تجديد الدعوة لإحياء مشروع السوق العربية المشتركة يكتسب أهمية كبرى فى هذه المرحلة التى يتضح فيها بجلاء حجم التحديات الكبرى المفروضة على الأمن الاقتصادى العربى . ومن حسن الحظ أن كل ما كان يقال فى الماضى لتبرير التقاعس عن المضى نحو السوق العربية المشتركة بشأن تباعد النظم والأفكار التى تحكم المسار الاقتصادى فى الدول العربية لم يعد له وجود مؤثر الآن بعد أن سقطت نظريات الاحتكار الحكومى للأنشطة الاقتصادية، وأصبح القطاع الخاص يحتل مرتبة أساسية فى بناء الاقتصاد الوطنى لسائر الدول العربية. إن ما نحتاج إليه الآن لا يزيد على مواصلة الإصلاحات الهيكلية وتيسير حركة الاستثمار والتنمية بإزالة المعوقات البيروقراطية التى تعيق حرية الانتقال المأمون لرؤوس الأموال العربية، وذلك ليس بالأمر المستحيل فى ظل ما حدث من نمو ملحوظ لنشاط القطاع الخاص. نحن بحاجة فقط إلى مراجعة شاملة للأنظمة الاستثمارية فى الدول العربية، وبما يؤدى إلى إزالة العقبات التى تعترض إقامة المشروعات المشتركة. ونحن بحاجة إلى رؤية تشريعية متكاملة تشجع القطاع الخاص على الإقبال باطمئنان لتحمل دوره فى مسئولية بناء السوق المشتركة، وذلك من خلال تيسير سبل التبادل التجارى العربى وتوفير ميزات نسبية للاستثمارات المشتركة والتخلى عن أجواء الحساسيات والشكوك التى تحول دون إمكان جذب استثمارات وخبرات أجنبية. إننا بالفعل بحاجة إلى وعى مستنير يتخطى أوهام الخوف والحذر فيما بيننا وأن نتعاون فى إطار حزمة واحدة لاقتحام الأسواق الخارجية لتصدير منتجاتنا والحصول على أفضل شروط لاستقدام التكنولوجيا اللازمة للإنماء الصناعى والزراعى . وليس جديدا أن أقول إنه قد آن الأوان لتغيير جذرى فى نظم النقد البنكية العربية لكى تتوافر للمصارف العربية وفوائض رؤوس الأموال التى تذهب إلى المصارف الأجنبية القدرة على الإسهام الجاد فى تمويل متطلبات التنمية الاقتصادية وتطوير البنية التحتية المؤهلة لاستقبال وسائل الإنتاج الحديثة ووسائل التصريف والتصدير التى تلائم تحديات العصر! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: من يقتدى بتجارب غيره يتعلم بسهولة ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله