استمعت باهتمام كبير وسعادة بالغة إلى خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى إذاعة القرآن الكريم لكنى أحسست بعد ذلك بخيبة أمل، وانتابتنى حالة من عدم الرضا عن رد فعل مسئولى الأزهر ازاء ما اقترحه من ضرورة تجديد الفكر الدينى وقد تخير عباراته بدقة بالغة وتزامنا مع الأحداث الجارية باليمن فوجئت بحملة على كل منابر المساجد فى مصر تصب اللعنات وبأقسى الألفاظ على كل من يتبع مذهب الشيعة ووصل الأمر بأحدهم إلى القول إن الشيعة أشد خطرا على الإسلام من اليهود!! وفى حدود علمى المتواضع أعلم أن للإسلام أركانا، وأن مرجعنا الرئيسى هو القرآن الكريم ثم السنة النبوية المؤكدة.. كما أعلم أن الإسلام يرفض الوصاية، ولا يعترف بالكهنوت، وأن الصلة مباشرة بين العبد وربه (وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب). كما أن كل إنسان مسئول فى نهاية الأمر أمام خالقه سبحانه وتعالى (وكل إنسان ألزمناه طائره فى عنقه) وقبل ذلك وبعده (لا إكراه فى الدين) و(لكم دينكم ولى دين). أفهم من ذلك أن الإسلام ليس فيه مسميات مثل «الإخوان المسلمين، والسنة، والشيعة، والمتصوفة».. وغيرها من المسميات التى أطلقها بعض المسلمين اما لأغراض سياسية أو لنعرات مذهبية معينة، أو لإيحاء كاذب بالأفضلية عند الله واحتكار الحقيقة. اننى أطالب وزير الأوقاف الرجل المستنير بأن يضع حدا لهذه المهزلة التى من شأنها ان تصب الزيت على النار وتؤجج لفتنة مذهبية تقضى على الأخضر واليابس وما يحدث حولنا فى سوريا، والعراق، ولبنان، واليمن أكبر شاهد على ما أقول، وليس لنا من عاصم فى هذه المحنة السوداء إلا التمسك بالإسلام الذى نزل على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام فنحن مسلمون، وكفي، ويجب أن يعلن الأزهر باعتباره مؤسسة علمية فى شئون الدين رأيه القاطع والحاسم فى هذا الشأن، وإذا كان هناك من رجال الأزهر من يتمسك بالأفكار المتشددة ويحاول أن يفرض مذهبه على غيره فليتنح جانبا، فهناك كثيرون من رجال الأزهر القادرين على حمل الأمانة، وقول الحق فى هذا الظرف العصيب، لقد اجتهد المسلمون قديما، وبذلوا جهدا مشكورا بما يتناسب مع ظروفهم السياسية والاجتماعية وجزاؤهم عند ربهم، ولكنهم فى النهاية بشر يخطئ ويصيب.. ونحن كمسلمين علينا أن نجتهد بما يناسب العصر الذى نعيشه ونستخدم ألفاظا ومصطلحات تتناسب مع هذا العصر ومن أجل ذلك أطالب بمنع التطاول على كل من اجتهد فى السابق، ومن يحاول الاجتهاد فى الحاضر.. فنحن مطالبون بالقراءة، والعمل، والتدبر، وإعمار الأرض، وفك أسرار الكون الذى نعيشه، والبحث فى الأسباب التى تجعل الإنسان فى حياته الدنيا قادرا على تحمل مسئولية الخلافة فى الأرض بالعلم الحقيقي، وتوفير كل وسائل الحياة من صحة، وغذاء، وكساء وغيرها.. هؤلاء وأذكرهم بقول رسولنا الكريم: هلك المتنطعون، ان مصر فى حاجة ماسة إلى كل دقيقة عمل جاد من كل من يعيش على أرضها.. ويجب إلا نسمح لأى كائن من كان أن يحاول تمزيق وحدتها أو نشر الفتن باسم الدين والدين منها براء.. د.صلاح الغزالى حرب