" أسمع كلامك إصدقك أشوف أمورك أتستعجب" مثل شعبي ينطبق علي قرارات المسئولين التي تتغني بتبني سياسات مالية تركز علي إعادة توزيع ثمار الإصلاح الاقتصادي والنمو لصالح الفئات الأقل دخلا والمهشمة وغير القادرة علي تحمل أية أعباء إضافية، كلام جميل والفعل في ظل غياب مجلس النواب عجل الله بقانونه ونظامه ثم انتخاباته فأن مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2014 / 2015 المبدئي والتي أعلنته وزارة المالية في بيانها بعد إجراء حوار مجتمعي مثله فقط رجال الأعمال متناسية المجتمع المدني بمؤسساته والنقابات المهنية والعمالية وغيرهم من شرائح المجتمع كأنهم صفراً علي الشمال . أعلنت فيه قيمة الإيرادات الضريبية بنحو 364.3 مليار جنيه من إجمالي الإيرادات العامة البالغة نحو 548.6 مليار جنيه أي ما نسبته 66.4 ٪ من الإيرادات العامة ، وبالطبع لا ننكر أن الضرائب تمثل موردا رئيسيا للدولة يصرف منها علي الصحة والتعليم فضلا عن الأمن والدفاع وجميع الخدمات العامة التي تقدم للمواطنين ،وتتعدد مصادرها من على الدخل أوالمبيعات والضرائب الجمركية، ولكن إذا نظرنا لإسهام كل نوعا منها بالموازنة ومدى عدالة توزيع العبء الضريبي على فئات المجتمع وكفاءة الجهاز الضريبي في تحصيلها سنرى عجبا. أولا التعديلات علي قانون الدخل تضمنت إلغاء ضريبة 5٪ الإضافية التي فرضت علي دخل المشروعات الزائدة عن مليون جنيه سنويا ، وتخفيض الحد الأقصي للضريبة الي 22.5٪ وإلغاء مبدأ التصاعد بتوحيد الضريبة علي المنشآت ذات الأرباح خمسة آلاف جنيه سنويا من أول الورش الصغيرة حتي المشروعات الضخمة والشركات الأجنبية الاحتكارية بل أمتد الكرم الحاتمي ليشمل الأفراد الأثرياء وأصحاب الدخول العالية متضحية بالموارد الضريبية والعدالة الضريبية بتخفيض الحد الأقصي للضريبة علي دخول الأفراد الي 22.5٪ بحجة الركود الاقتصادي مما يستدعي تخفيض معدلات الضريبة علي المشروعات وتشجيع الاستثمار فما الحجة لتخفيضها علي الأفراد الأثرياء الذي لا يمثلون سوي 5٪ من أفراد الشعب ، وفي بلد يعاني أزمة اقتصادية طاحنة وتتغني حكومته بتحقيق العدالة الاجتماعية ، بل أن الدول الرأسمالية تفرض ضرائب علي أصحاب الدخول الكبيرة فمثلا في فرنسا وبريطانيا تصل الي 40٪ وألمانيا واستراليا وأمريكا 45٪ واليابان 50٪ والسويد 57٪ والدانمارك 62٪ ثانيا في المقابل حزم شديد للغلابة من دخول عامة الشعب الذي يمثلون 95٪ حيث أوضح مشروع الموازنة أن العلاوات الجديدة للعاملين بالحكومة لن يتم ضمها علي الأجر الأساسي والعلاوات الخاصة ستخضع للضرائب ، بدلا من المفترض أن ترفع حد الإعفاء الي 18 ألف جنيه سنويا وتخفيض معدلات الضريبة علي المشروعات الصغيرة والمتوسطة وعودة فرض الضريبة ال 5٪ علي المشروعات التي تزيد عن مليون جنيه سنويا وتطبيق الضريبة التصاعدية علي أصحاب الدخول الضخمة والمطلق عليهم ملياردير أصبح مألوفا من كثرتهم "اللهم لا حسد" .
ثالثا فئات الشعب تعاني القلق من زيادة الأسعار مجددا للكهرباء والماء والغاز ووسائل النقل بواقع 20٪ قبل أغسطس المقبل بعد تطبيق حكومة محلب الشريحة الثانية من رفع الدعم، بعدما ضربت الشريحة الأولي عصب الفقراء موجة غلاء الأسعار من مأكل وملبس ومسكن ووسائل نقل وغاز وكهرباء ، وهيكلة منظومة دعم الخبز والتموين يرأها خبراء الاقتصاد زيادة للأسعار بالإكراه رغم فرحة الغلابة ، وقرار رفع أسعار السجائر وتركت الكحوليات الأولي بالزيادة مما مس فقط محدودي الدخل ، مع إستمرار الحكومة بثبات حاليا والمستقبل القريب علي الاعتماد علي المشروعات الخدمية وليس الإنتاجية والصناعية كما هو معلن في مشروعاتها المطروحة للاستثمار في المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، بل تصب تركيزها على انخفاض دعم الطاقة ورفع الضرائب لتقليص العجز بالموازنة وتغيب عنها بنود تهم حياة المواطنين تحت خط الفقر فهم من يدفعون التكلفة بزيادات غير منطقية تنعكس على خفض قيمة مرتباتهم نتاج تعويم الجنيه وتراجع مستوى المعيشة . هل من الممكن أن تنظر الحكومة بعين الإعتبار وتعيد النظر في حوار مجتمعي جاد يشمل الجميع من فئات الشعب وهيئاته ونقاباته ومؤسساته خاصة في عدم وجود مجلس للنواب للمراجعة والتغيير في الموازنة وتعديلات قانون الضرائب ،إما أن الحوار المجتمعي ضحك علي الدقون ولا علاقة له بالفقراء ومحدودي الدخل وإنما فقط لرجال الأعمال لجذبهم للاستثمار وإرضاء صندوق النقد الدولي... أعوذ بالله من وسوسة الشياطين!!!! [email protected] لمزيد من مقالات محمد مصطفى حافظ