الإرهاب مرفوض جملة وتفصيلاً، إلا على الأعداء مصداقًا لقول سبحانه {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60]، ولكن هذه الكلمة أصبحت اليوم ملتبسة لدى البعض، وأصبحت تستغل لنصرة سياسات بعينها وأنظمة معينة. فهل يا ترى وضع دين الإسلام منهجًا للحدِّ من ظاهرة الإرهاب؟ أم أنه أباحها ولم يمنعها؟ لا بد أولاً من تحديد معنى الإرهاب لغةً واصطلاحًا؛ إذ إن أمريكيا ومعها كثير من دول العالم تعتبر كل أنواع المقاومة ضد احتلالها وأصدقائها إرهابًا!! وهذا مخالف للأحكام الشرعية وللمواثيق الدولية. جاء في لسان العرب: "أرهب الرجلُ ركب الرَّهْب، وفلانٌ طال رَهبهُ أي كمُّه، وفلانًا خوَّفهُ، والبعير فذعهُ عن الحوض. فالإرهاب إذن هو الاعتداء على الأبرياء والمدنيين بالترويع أو الخطف أو الإيذاء أو القتل أو الطرد من الأوطان أو غير ذلك مما يُعتبر اعتداءً وترويعًا. وبهذا المعنى؛ فإن الإسلام منع كل وسائل هذا الإرهاب، ابتداءً من العنف الكلامي الذي نهى عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وطلب من المسلمين الالتزام بالرفق واللين والكلمة الطيبة، وصولاً إلى القتل وهو أشد أنواع الاعتداء وذروة سنام الإرهاب، وقد نهى القرآن صراحة عنه، قال تعالى {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32]، ولم يسمح بالقتل إلا ضمن شروط ضيقة جدًّا، وهي شروط معتبرة في أكثر قوانين العالم. أما إذا وقع الإرهاب من أحد الناس؛ فإن الأحكام الشرعية توجب معاقبته بما يتناسب مع الجريمة التي اقترفها، وليست هناك عقوبة واحدة محددة؛ لأن أنواع الجرائم التي تُرتكب عن طريق الإرهاب مختلفة بشكل واسع؛ فقد تكون اعتداءً جسديًّا، أو نفسيًّا، أو قتلاً، أو خطفًا، أو سرقةً أو غير ذلك.. وكل جريمة من هذه الجرائم لها عقوبتها المناسبة، وقد تكون هذه العقوبة حدًّا منصوصًا عليه، وقد تكون تعزيرًا متروكًا تقديره لولي الأمر. وها هم المسلمون يموتون بالمئات في تفجيرات وضربات جوية هنا وهناك، في بلادنا العربية والإسلامية من أقصاها إلى أدناها من حدود اليمن جنوبًا إلي أقصى حدود العراق شمالاً، ناهيك عن مجازر الصهاينة ضد الأطفال والعزل في فلسطين، وها نحن قد رأينا كيف يعبث المستوطنون الصهاينة بدهس أطفال فلسطين بسياراتهم علنًا في الطرقات، وكيف تقوم إسرائيل بإزالة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين علنًا، ويستخدم الكبار الفيتو ضد إدانة الإجرام الصهيوني، ويوميًّا يموت أطفال عرب في معسكرات الإيواء من البرد في سوريا ولبنان ولا يجدون ما يسترهم من البرد، فمتي نتخلص من هذه والعنصرية؟ وحسنا فعلت الدول العربية المشاركة في عاصفة الحزم بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز؛ إذ وقفت بجوار اليمنيين ضد اعتداء الحوثيين المدعومين من إيران قلبًا وقالبًا، وليت قادة العرب يتمون الجميل مواصلين نصرة المظلومين في العراق الشقيق، حيث غارَ الجرحُ هناك. وليتهم يتمنون الجميل بنصرة الشعب السوري الذي يلاقي الأمرين، فلا بد لهذه المجازر أن تقف؛ لأن الله سائلنا عنها يوم نلقاه، ولا بد من الحزم للحفاظ على الدماء المعصومة ومنع إراقتها، فهذا هو مطلب الشرفاء.