من المفاجآت السعيدة في حياتك ككاتب أن تكتشف كاتبا آخر لم يسبق لك الدخول إلي عالمه الفني! شيء من هذا القبيل حدث لي مع الكتاب الصادر بالقاهرة مؤخرا اعترافات الفتي القيرواني للكاتب التونسي كمال العيادي الذي يستعيد فيه ذكرياته عبر عدد من النصوص القصصية المفعمة بحس روائي حين كان طفلا في حومة علي باي. هنا أنت في مواجهة مباشرة مع تجربة عذبة من تجارب أدب السيرة الذاتية مكتوبة بحبر القلب، دون تجمل أو تذويق، بل صدمة الواقع القاسي الذي لا يرحم ودهشة اكتشاف الانثي بعين مراهق، وشقاوة الصعلكة في دروب حي شعبي منذور لقطاع الطرق و البلطجية و بنات الهوى. قد تبدو بعض عبارات العمل صادمة للقارئ العابر، وقد يكون الكاتب قد تعجل فأضاع مادة خام لعمل روائي عظيم في عدة نصوص متصلة منفصلة، لكن المؤكد أننا أمام عمل ملمحي أسطوري و تصوير مبدع وبراعة مدهشة في السرد . يكتب العايدي عن واقع غرائبي لحارة تونسية فتشعر انه مصري و ابن بلد حتى النخاع . استمع إليه و هو يقول في هذا المقطع : منذ وعيت الدنيا، وأنا اعرف عن روح صلوحة المذبوحة كل شيء تقريبا إلا سبب موتها مذبوحة، فلا احد كان يجيبني عن هذا السؤال. بيتها، أو حفرتها، التي عند الربوة تبدأ مباشرة بعد حدود قطعة ارض الخلاء التي كنا نخصصها للعب الكرة وتنظيم مقابلات ساخنة مع حومة نهج صفاقس وجماعة المنشية وحتى أولاد المنصورة رغم أننا كنا نعتبرهم اقل شانا منا في الإجرام ، كونهم مجرد أبناء لموظفين و مدرسين مثقفين ، وآباؤهم يقرون حتى الصحف اليومية والكتب . فاتن طبعا ! في مقال الأسبوع الماضي جميلات.. و لكن حول خطأ مطبعي اسم الإعلامية اللبنانية فاتن موسي إلي فاطمة موسي فعذرا واجبا ومحبة دائمة .. لمزيد من مقالات محمد بركة