مدينة القوصية الحالية مقامة على أنقاض المدينة الأثرية القديمة وقد أطلقت المصادر المصرية على هذا الإقليم وهو الإقليم الرابع عشر من أقاليم مصر القديمة اسم "نجفت بحتت" وعاصمته "قيس" ومنها جاء اسمها الحالي وفي اليونانية "كوساي" وكانت تنطق بالقبطية " قوص قام" ومنذ عام (1230هجرية) أصبحت تنطق باسمها الحالي القوصية وتقع بعض أجزاء المدينة القديمة تحت مدافن المسلمين الموجودة بمنطقة الشيخ نجيب القبلي وهو ما يبرر وجود مناطق مرتفعة داخل هذه المقابر، وما زالت هناك أسماء مصرية قديمة تطلق علي مناطق حديثة بالقوصية كالبربا والتي يعني اسمها قديما (بر- با ) أي "المعبد" وكانت المدينة مكرسة لعبادة إلهة اسمها "حتحور" وهي إلهة الحب عند المصريين القدماء والتي كان يرمز إليها بالبقرة، وما يؤكد ذلك الألقاب التي كان يحملها حكام وموظفو الإقليم ومنهم "خو - إن - أوخ"والذين اكتشفت لهم عدة مقابر بقصير العمارنة شرق مدينة القوصية على الضفة الشرقية من النيل حيث يدعو نفسه "رئيس بقرات ثنت" وهي البقرات المقدسة لحتحور.
وظهر شعار الإقليم لأول مرة في عصر الأسرة الرابعة (2680-2650ق.م) ضمن ما ورد من أقاليم وضياع على جدران معبد وادي الملك سنفرو مؤسس الأسرة الرابعة، ثم ظهر الاسم على مدى عصور الأسرات القديمة بداية من الأسرة الرابعة وذلك على العديد من القطع الأثرية والبرديات وفي مختلف العصور التاريخية بداية من الدولة القديمة وحتى عصر الدولة الحديثة كما ظهر اسم القوصية بمختلف اللغات القديمة ومنها اللغة المصرية القديمة بمختلف كتاباتها، ويقع الإقليم الرابع عشر وعاصمته (القوصية) على ضفتي نهر النيل الشرقية والغربية وهذا على عكس الإقليم الثاني عشر وموقعه الحالي "دير الجبراوي " بأبنوب علي البر الشرقي لمدينة أسيوط وكذلك الإقليم الثالث عشر على الجانب الغربي من النيل وموقعه الحالي مدينة أسيوط، وقد قدر العالم الألماني هيلك (Helck) امتداد الإقليم بنحو 34كم وهذا يعني امتداد الإقليم جنوبا من قرية "أم القصور" التابعة الآن لمدينة منفلوط، وحتى الكيلو 306 عند قرية دير مواس التابعة الآن لمحافظة المنيا هذا ما توصلت إليه معلومات الباحث الأثري بأسيوط سمير حمده الذي فجر سرا كبيرا منذ أيام ولم يكشف عنه حتى كتابة هذه السطور وهو مكان المعبد الخاص بالملكة حتشبسوت والذي سيعد اكتشافا أثريا سيفتح طريقا واسعة أمام الباحثين لسبر أغوار الحضارة المصرية القديمة وهو موضوع مقالي الأسبوع المقبل إن شاء الله.