مفاجأة في أسعار الذهب اليوم 9-6-2024 بعد الارتفاعات الأخيرة    أسعار الفراخ والبيض اليوم 9 يونيو "خيالية".. الكل مصدوم    السعودية تلغي تصاريح بعض حجاج الداخل بسبب اللقاحات وتوجه رسالة للوافدين    حزب الله ينفذ 11 عملية ضد إسرائيل في أقل من يوم    البحرية البريطانية: حريق شب في سفينة نتيجة قذيفة أطلقت من اليمن    مصرع 6 أشخاص وإصابة 8 آخرين في انقلاب سيارة محملة بالعمالة بالبحيرة    اليوم .. طقس حار نهارا معتدل ليلا والعظمى بالقاهرة 36 درجة    اليوم.. مغادرة آخر أفواج حج الجمعيات الأهلية إلى مكة المكرمة    تامر عبد المنعم عن صفعة عمرو دياب: كل واحد يلزم حدوده ومليون دولار لن تكفي لرد الكرامة    وصفات طبيعية لعلاج قشرة الرأس، أبرزها الزبادي وزيت شجرة الشاي    أخبار غزة.. مسيرات تدد بمجزة النصيرات والاحتلال الإسرائيلي يقتحم بلدات جديدة    عاجل: حدث ليلا.. الغضب يشتعل ضد نتنياهو واحتجاجات عنيفة أمام البيت الأبيض    حزب الله يعلن قصف مقر قيادة كتيبة السهل في ثكنة بيت هلل الإسرائيلية براجمة من صواريخ فلق 2    عاجل.. اتحاد الكرة يحسم مصير إمام عاشور من المشاركة أمام غينيا بيساو    «مين هيقدر يديره؟».. القيعي يكشف سبب رفضه لتعاقد الأهلي مع ميدو    أمم أوروبا 2024.. المنتخب الإنجليزي الأعلى قيمة سوقية ب 1.78 مليار يورو    «البترول»: خططنا لتلبية احتياجات الكهرباء من الغاز أو المازوت    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 9 ونيو 2024    البنك المركزي يعلن معدلات التضخم في مصر بنهاية مايو.. الاثنين    جدول مواعيد امتحانات الثانوية العامة 2024.. تنطلق غدا    «التعليم»: اتخذنا إجراءات غير مسبوقة لمنع تداول امتحانات الثانوية    طلاب «إعلام المنوفية» يطلقون حملة «إعلامنا» للتعريف بالكلية ومميزات الدراسة بها    طرح البرومو الدعائي لفيلم عصابة الماكس: في كل خطوة كمين (فيديو)    مناخ «الزراعة»: الموجات الحارة تؤثر على الفواكه والخضروات    فضل الدعاء في هذه الأيام المباركة.. لا يرده الله    للحجاج والمعتمرين.. محظورات لا يجب فعلها أثناء الحج    «زي النهارده».. 9 يونيو 1967 تنحي الرئيس عبدالناصر بعد نكسة 67    وزير الصحة يتفقد مستشفيي رأس الحكمة والضبعة المركزي بمطروح (صور)    ما سبب الشعور بالصداع عند الاستيقاظ من النوم؟.. «السر في التنفس»    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. «هيئة الدواء» تسحب أدوية جديدة من الصيدليات.. انفراد..النيابة العامة تحيل «سفاح التجمع» لمحاكمة عاجلة أمام «الجنايات».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأحد: 48 ساعة قبل عودة الغليان (تفاصيل)    حبس 8 مسجلين خطر بينهم سيدة ضبط بحوزتهم 13 كيلو مخدرات بالقاهرة    بايدن مخاطبًا ماكرون: شراكة الولايات المتحدة وفرنسا «لا تتزعزع»    تحرك عاجل من السعودية بشأن الحج بدون تصريح    10 سنوات إنجازات | طرق وكباري و3 محاور رئيسية لإحداث طفرة تنموية في قنا    أسامة كمال: الحكومة المستقيلة لهم الاحترام.. وشكل الوزارة الجديدة "تكهنات"    ليلى عبد اللطيف تكشف حقيقة توقعها بعيد أضحى حزين في مصر    كوميديا وإثارة وظهور مُفاجئ ل السقا وحمو بيكا..شاهد برومو «عصابة الماكس» (فيديو)    مقتل 45 شخصا على الأقل جراء صراع عشائري في الصومال    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    طارق سليمان: كنت مع مشاركة شوبير في نهائي إفريقيا على حساب الشناوي    جامعة العريش تطلق مبادرة شاملة لتأهيل الخريجين لسوق العمل    مع بدء رحلات الحج.. خريطة حدود الإنفاق الدولي عبر بطاقات الائتمان في 10 بنوك    «القومى للمسرح المصري» يحتفي بدورة «سميحة أيوب»    «هيكسروا الدنيا».. سيف زاهر يكشف ثنائي جديد في الزمالك    خبير مائي: سد النهضة على وشك الانتهاء من الناحية الخرسانية وسيولد كهرباء خلال سنتين    طارق قنديل يتحدث عن.. سر نجاح الأهلي ..البطولة الأغلى له.. وأسعد صفقة بالنسبة له    إصابة 6 أشخاص في تصادم سيارة وتروسيكل بالإسماعيلية    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    مصرع طفل عقب تعرضه للدغ عقرب فى جرجا بسوهاج    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ليلى عبداللطيف تتسبب في صدمة ل أحمد العوضي حول ياسمين عبدالعزيز (فيديو)    "نيويورك تايمز": قنبلة أمريكية صغيرة تقتل عشرات الفلسطينيين في غزة    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    حظك اليوم برج الحوت الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    عاجل.. انفراجة جديدة في مفاوضات بن شرقي وحقيقة عرضين الخليج ل "الأخطبوط"    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياحة فى الفيوم..منجم ذهب عائده صفر!
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 03 - 2015

هنا واحدة من أقدم عشر مدن فى العالم، حيث وضع انسان ما قبل التاريخ أولى لبنات الحضارة.. وشكل الزمن تكويناته البديعة فى ثنايا الطبيعة ، تاركا لنا بقايا حياة، كانت قائمة منذ ملايين السنين..
هنا الفيوم كما سماها العرب بعد الفتح الاسلامي، تحويرا لاسمها القبطي» بيوم»، اى البحيرة.. وهنا موطن عبادة سوبك أو التمساح، من زمن مصر القديمة حتى عصور اليونان والرومان، ومعابد مدينتى كرانيس وماضى شاهدة على ذلك حتى الآن.
«تحقيقات الاهرام» قامت بجولة قصيرة شملت بعض معالم الفيوم الاثرية والطبيعية، و بقدر استمتاعنا بما شاهدناه من طبيعة خلابة وشواهد أثرية، بقدر حزننا، ودهشتنا. ومع تنقلنا من مكان لآخر لم يفارقنا السؤال: لماذا غابت الفيوم عن خريطة مصر السياحية رغم أنها تملك كل ما يجعلها فى القلب منها؟!.
من أنتم؟!
محمود كامل شاب طموح درس الارشاد السياحى فى كلية السياحة، ويعمل فى هيئة تنشيط السياحة بالفيوم. اصطحبنا فى رحلة سريعة لمدينة كرانيس وقصر قارون ووادى الريان البديع. وخلال الرحلة بدأت تتضح اجابة سؤالنا تدريجيا، فمن تم اختيارهم ليستقبلوا السائحين فى الاماكن الاثرية غير مؤهلين على الاطلاق، فهم مجرد»غفر» للحراسة، أو بائعو تذاكر، يستقبلوننا بتوجس ولسان حالهم: من انتم؟ وما الذى اتى بكم الى هنا ؟! وعندما نبدأ فى التصوير نجد معارضة شرسة، بحجة ان اللوائح والتعليمات تمنع قيام الصحفيين بالتصوير، حتى ان احدهم فى قصر قارون قال لنا بدهشة « هتصوروا ايه يعني؟» ،وهو ما يعكس بوضوح عدم ادراكه اصلا لقيمة المكان الذى يحرسه، وعندما قلنا لاحد العاملين بشرطة السياحة: اعتبروننا سياحا وليس صحفيين، اجابنا بآننا «مصريين» ولسنا اجانب!!.
فى طريقنا لوادى الريان بموازاة الساحل الجنوبى لبحيرة قارون، شاهدنا بعض القرى والفنادق.. مجرد ابنية بلا حياة ، خالية من البشر ، وبدأت مظاهر التلف والتشققات الخارجية فى الزحف على هياكلها، ذلك فى الوقت الذى يفترض ان تكون عامرة بالزوار للاستمتاع بطقس شتوى اكثر من رائع.
نحرث فى البحر
سألنا محمود عن مدى رضاه عن نشاط الهيئة فى الترويج للسياحة المصرية- على الاقل- فى الفيوم، فأجاب وهو يلتقط اكوام القمامة فى جنبات بقايا مدينة كرانيس الاثرية: بالطبع لست راضيا، فرغم اقتراحنا لافكار كثيرة، الا اننا نواجه كالعادة بالروتين والبيروقراطية والموافقات التى تستغرق وقتا طويلا، رغم ان هناك قرارات لا تتطلب كل هذا الوقت، وهو ما يصيبنا باحباط كبير،كما ان الخطة التى تقدمها الهيئة لكل محافظ عند توليه المنصب، لا تتم متابعتها او تقييمها، وبالتالى لا نعلم ما الذى تم انجازه بالفعل من مقترحات، والاسباب التى منعت انجاز البعض الآخر، وبالتالى نشعر كمن يحرث فى البحر، وفى النهاية يتساوى من يعمل بمن لا يعمل. ويقر محمود بأن الفيوم عليها محاذير امنية بسبب ارتباط اسمها بالجماعات المتطرفة ، حتى ان سائحة فرنسية اخبرته ان السفارة لو علمت بزيارتها للفيوم لتلقت توبيخا عنيفا، لانها من وجهة نظرهم، تعرض نفسها للخطر.
محمود رغم احباطه- اطلق موقعا متكاملا باللغة الانجليزية ،لمن يريد التعرف على الفيوم، بعنوان «explore fayoum» ،او «اكتشف الفيوم» ، ومن خلال علاقاته يتواصل معه من يرغبون فى زيارة الفيوم، وغالبا ما يصطحبهم بشكل شخصى وليس كموظف من الهيئة، كما انشأ صفحة على «فيس بوك» للغرض ذاته.
جهود ذاتية
محمد أنس شاب اخر من مدينة الفيوم. ولولعه بالآثار، قام هو الاخر بعمل مدونة بعنوان» واحة الفيوم»، ويقوم هو الآخر بجهوده الذاتية باصطحاب بعض الافواج، فى رحلات سفارى فى محمية وادى الريان، لكن المشكلة ان الزوار مطالبون بتدبير وسائل انتقالهم ، اما داخل الفيوم فأحيانا يتحمل عبء تأجير سيارات دفع رباعى للتمكن من دخول بعض الاماكن داخل المحمية، او بعض الاماكن الاثرية فى الصحراء بلا طريق ممهد.
أنس الذى اصطحبنا لنرى حجم الاهمال الذى تتعرض له بقايا آثار مدينة كيمان فارس-او مدينة شدت وهو اسم الفيوم القديم فى العصور الفرعونية- تلك التى بنيت عليها جامعة الفيوم، وتبقى منها خمسة مواقع فقط، اكتفت وزارة الآثار باحاطتها بسور ، مع تركها فريسة للمياه الجوفية والحشائش، بل انه كشف لنا عن وجود قطع اثرية كثيرة يتم العثور عليها اثناء الحفر لبناء العمارات السكنية، منها ما يتم الردم عليه من جديد حتى لا تعطل»الآثار» بناء البرج ، ومنهم من يتركها فى الشارع دون ان يلاحظها احد!
أنس يتمنى ان تستفيد الفيوم من المشروع الذى أعلن عنه وزير الإسكان مؤخرا بشأن العاصمة السياحية الجديدة بمدينة 6 أكتوبر، والمطلة على منطقة الأهرامات ، والمتحف الكبير،وقال :»يجب أن يكون هناك برنامج سياحى شامل ، تدرج به الفيوم ، ويستكمل الجزء الترفيهى فى «مدينة اكتوبر» من خلال الفنادق والمول التجارى الذى سيتم انشاؤه، ومن المعروف ان الفيوم بها كل انواع السياحة من ريفية واثرية وطبيعية ودينية».
الظروف السياسية
ورغبة فى التعرف على الوضع عن قرب، قمنا بزيارة هيئة تنشيط السياحة وكان فى استقبالنا ميرى بشرى مديرة الهيئة التى اكدت انهم قاموا فى الفترة الاخيرة بمجهود «كبير» ، حيث تواصلوا مع 100 شركة سياحة فى القاهرة ،وقدموا ثلاثة برامج مقترحة للزيارة، منها ما يستغرق يوما واحدا أو اكثر، كما أوضحت انهم يرسلون برامجهم الى النقابات المهنية ودواوين المحافظات والنوادى الكبري، وينظمون برامج للتوعية السياحية بالمدارس، كما يقيمون معارض للمنتجات البيئية من سجاد وخزف ومنتجات نخيل ، مشيرة الى ان بعض الجهات استجابت لهم، وهناك اقبال على رحلات السفاري، اما موقع الهيئة الالكترونى فهو مازال تحت التجريب! وبشكل اجمالى ترى انهم غير مقصرين، والمشكلة تكمن فى ظروف البلاد السياسية، رغم محاججتنا لها بأن الفيوم ليست على الخريطة منذ ما قبل ثورة يناير..
نحو عشرة من موظفى الهيئة التفوا حولنا، كل يدلى بدلوه فى وضع السياحة بالفيوم . انطباعاتنا لم تكن ايجابية، فالكلام متضارب، وبينما يعتقد البعض ان الهيئة تقوم بدور كبير، وان السياحة فى الفيوم جيدة ، يرى زملاؤهم انه لا بد من الاعتراف بأن الوضع ليس على مايرام. هذا الفريق الاخير يرى ان هناك مشكلة فى الطرق ووسائل النقل وضعف البنية التحتية بشكل عام ،وهنا اشارت مديرة الهيئة الى ان الاتوبيسات الخاصة بهم قد حرقت اثناء الاعتداء على مقر المحافظة فى احداث يناير،رغم انه من الممكن التغلب على المشكلة بتأجير اتوبيسات خارجية.. ووفقا لاحصائيات قدرها احد الموظفين ،فقد نظمت الهيئة فى عام 2010، 900 رحلة الى الفيوم ، اما فى عام 2014 فبلغت 200 رحلة فقط، وارجع ذلك الى الاحداث التى تمر بها البلاد، ورأى محمد كمال مدير ادارة المعارض. انه فى عام 2005 عندما اعلنت محمية وادى الحيتان منطقة تراث عالمي، كان الناس يزورونها فقط دون باقى مزارات الفيوم، و يرثى حال بعض الاماكن التى اشتهرت بجمالها، مثل السواقى التى فقدت رونقها القديم ، وكذلك عين السيلين بعد ان جفت مياهها بسبب زلزال 92 فتم استبدالها بمياه صناعية.
كمال الذى تولى ادارة الهيئة من قبل، اقترح ضرورة استغلال ما تنفرد به الفيوم من مميزات مثل مراقبة الطيور المهاجرة والتزحلق على الرمال، كما يمكن عمل برنامج سياحى يربط مدن شمال الصعيد ( الفيوم وبنى سويف والمنيا)، وان تكون هناك مرونة مع المستثمرين الراغبين فى استغلال المناطق المحيطة بالاماكن الاثرية والمحميات الطبيعية ، خاصة فى شمال بحيرة قارون، بدلا من ان تترك سدى بحجة انه من الممكن ان يكون بها آثار مدفونة، وقال:» يمكن عمل مسح والتأكد من خلوها من الآثار، ثم يتم فتح الباب للمستثمرين، كما يجب عمل برامج تهدف لابقاء السائح للمبيت، كعمل برامج الصوت والضوء والعشاء البدوي، أما ما يحدث الآن فهو الاكتفاء بالاحتفال بمناسبة تعامد الشمس فى قصر قارون.
بالطبع ونحن نستمع لحديثه، راودنا سؤال بديهي: ولماذا لم تنجز تلك الافكار اثناء توليك منصب المدير؟! ولان الاجابة متوقعة وتتلخص فى الظروف ونقص الامكانات.. تجاهلنا الامر برمته..
العين بصيرة
بالطبع كان يجب ان نسمع ردا على ملاحظاتنا بشأن الاهمال الواضح فى المواقع الاثرية، وعدم استغلالها بالشكل الامثل حيث يصل عددها الى 32 موقعا ، خمسة فقط مفتوحة للزيارة.
تلقى ملاحظاتنا بمنطق «ما باليد حيلة» ، أحمد عبد العال مدير عام آثار الفيوم الذى كشف لنا عن أن منطقة «كيمان فارس» تسلمتها المحافظة منذ عام 1970 فيما عدا خمس مواقع وهى عبارة عن حمامات رومانية ويونانية، موضحا انه بعد التوسع العمرانى فى المدينة وبناء الجامعة دون وجود صرف صحي، فى البداية وادخاله لاحقا فى التسعينيات، ادى إلى مشكلة كبيرة، فبدأت مياه الصرف تنضح فى المواقع الاثرية ، ويوضح:»المشكلة بحاجة إلى حل جذري، لانه بمجرد ازالة الحشائش تنمو من جديد بعد ثلاثة أشهر، وكنت قد اقترحت مرارا بنقل ما فى تلك المواقع الخمس من اثار، إلى منطقة كوم اوشيم فى الارض المتاخمة لمنطقة كرانيس حيث توجد مساحة شاسعة، وهو ما حدث من قبل مع بعض القطع والاعمدة التى كانت متناثرة فى محيط جامعة الفيوم، والآن هى معروضة فى متحف مفتوح هناك، لكن للاسف لا أحد يستمع لنا، وحذرت كثيرا من ان تلك الاثار مهددة بالتلف والضياع اذا استمر الوضع على ما هو عليه، بل ان الرقابة الادارية كانت قد كتبت تقريرا للدكتور زاهى حواس توصى فيه بازالة تلك المواقع والتخلص بما فيها من اثار لاستغلال تلك المساحات! والآن الحراس يحرسون الاسوار الحديدية واذا سرق منها شيء يتم مجازاتهم!
اما فيما يتعلق بهرم هوارة حيث مشكلة المياه التى تغمر غرفة الدفن، أوضح عبدالعال ان تلك المنطقة تخلو من المصارف ، فتتجمع مياه الصرف الزراعي، وكان من المقرر ان تبدأ وزارة الرى فى عمل مصرف الا انه تم اكتشاف وجود قصر اللابرانت الاثرى تحت الأرض، فتوقف المشروع، ووقعت ثورة يناير.
الدولة ضدنا
ويلفت عبد العال إلى ان الدولة بمؤسساتها لا تساعد وزارة الاثار فى عملها، بل ويكشف عن انه كانت هناك محاولات كثيرة للبناء على مواقع أثرية لولا تدخل الوزارة ودخولها فى مواجهة مع المحافظة والمحليات، ويضرب مثلا بمنطقة هرم هوارة التى صدر 42 قرار ازالة تعديات عليها من أعمال بناء وزراعة، ولم يتم تنفيذها حتى الآن، حتى أن المحافظة ترغب فى بيع اراض فى المنطقة لمستثمرين. والمشكلة ان القانون 117 لسنة 83 ، وتعديلاته فى 2010 يعتبر التعدى على المنطقة الاثرية مجرد جنحة .
سألناه: ما الذى ينقص الفيوم كى تكون وجهة سياحية حقيقية؟
فأجاب عبدالعال بحسم: لاشيء سوى ان تقوم هيئة تنشيط السياحة بقليل من الجهد فى اطار امكاناتها. وهنا يكشف عن مفارقة غريبة وهى ان هيئة تنشيط السياحة فى الفيوم تابعة للمحافظة، وتحصل على دعم من وزارة السياحة لكن ليس لها ميزانية، بعكس هيئة تنشيط السياحة فى الاقصر حيث تتبع الوزارة، وهو وضع ملتبس، وبالتالى فإن من يعمل بهيئة الفيوم موظفون، اغلبهم لا علاقة لهم بالسياحة، اللهم الا بعض الشباب المعين حديثا.
وعودة إلى سؤالنا، يؤكد عبدالعال الذى كان مديرا لآثار قنا لمدة ثلاثة اعوام ومن قبلها مديرا لآثار ابو سمبل، ان اثار الفيوم لا تقل جمالا وروعة عن آثار الاقصر واسوان، وقال:» حجرة الدفن فى هرم اللاهون المبطنة بالجرانيت الاحمر الشفاف لامثيل لها فى اى هرم آخر فى مصر، والموقع مفتوح للزيارة ، الا انه لا يمكن للسائح ان ينزل الغرفة الا بصعوبة لعدم وجود سلم! ويتابع:» لدى نحو الفى صورة لآثار منطقة مصر الوسطى تضاهى فى جمالها وروعتها كل آثار مصر، لكنها ظلمت ظلما شديدا، بسبب التركيز على اثار الاقصر وأسوان».
وبلغة الارقام يعلن عبد العال ان ايراد المواقع الاثرية فى الفيوم قبل الثورة وكانت اربعة مواقع بلغ 40 الف جنيه شهريا، أما بعد الثورة وبعد ان اصبحت مواقع الزيارة خمسة،فقد بلغت فى حدها الادنى 675 جنيها والآن متوسطها 7 آلاف جنيه! وهى ارقام هزيلة للغاية..
وطالب عبد العال بتنفيذ مقترح انشاء متحف كبير للفيوم تجمع به كل آثارها المتناثرة ما بين المتحف المصرى والمتحف اليونانى الرومانى بالإسكندرية الذى يضم 70% من آثار الفيوم،والمتحف القبطى ومتحف الفن الاسلامي، مشيرا إلى ان هناك 9بعثات تنقيب حاليا ما بين أمريكية وألمانية وايطالية وانجليزية مما يعكس غنى المحافظة من الناحية الاثرية، والآثار جسد السياحة .
أما بالنسبة لملاحظاتنا بشأن الموظفين فى الاماكن الاثرية، فأوضح عبد العال أن مفتشى الآثار لا يذهبون كل ايام الاسبوع لعدم صرف بدلات سفر وانتقال، وقال انه من المفترض ان تقيم هيئة تنشيط السياحة مركز معلومات لاستقبال الزوار به مرشد سياحى وبعض الكتيبات والمطويات حول الموقع، وذلك لمن لا يأتى من خلال الهيئة، وكنا ننتظر ان تقام كافيتريات وبازرات فى منطقة قصر قارون، وتحويلها الى منطقة سياحية متكاملة، لكن لم يحدث اى شيء رغم الاحتفال الذى اقيم بمناسبة تعامد الشمس ثلاث مرات حتى الآن.
منع التصوير
وفيما يتعلق بالنظافة فيبرر عبد العال بأن عمال النظافة فى المواقع الاثرية خرجوا على المعاش ولم يتم استقدام عمال جدد، وعندما طلبوا الاستعانة بالعمالة الزائدة فى المحافظة قيل لهم لا يوجد، ويحكى قائلا: » ذات مرة جرت مناقشة بين الوزير د.ممدوح الدماطى وأحد مفتشى الآثار الذى يضطر لجمع القمامة بنفسه فقال له: لم احصل على ليسانس الآثار كى اجمع القمامة!» اما فيما يتعلق بمنع التصوير للصحفيين فبرره بالخوف من كشف السلبيات حيث كان الوزير السابق يغضب بسبب قيام البعض بتصوير مظاهر الاهمال ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، فيتم معاقبة الموظفين.
بعد هضم كل الآراء السابقة وما سمعناه من الاطراف المختلفة، تكون لدينا يقين بأن تجاهل قيمة الفيوم السياحية والاثرية بمثابة «جريمة اهدار» لكنوز من الممكن ان تدر «ذهبا» لمحافظة تضم افقر القرى المصرية، وتحتل صدارة المحافظات الطاردة لشبابها للبحث عن مصدر دخل حتى ولو كان على ظهر قوارب الموت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.