مثل أي حبيبين تزوجا عن قصة حب, وباركهما الأهل والأصدقاء, لكن في ظل ظروف الاحتلال الإسرائيلي لم تدم فرحة الزوجين والأهل. لقبض قوات الاحتلال علي الزوج الشاب بعد يومين من زواجه لمحاولاته صد مصادرة أرض الزيتون الموروثة عن اجداده ومصدر رزقهم, حيث صناعة زيت الزيتون وبيعه لأهل القرية المقيمين بها في رام الله ويعتبرون أحد أعيانها.من خلال هذا الحادث تطرقت المخرجة نجوي النجار إلي طبيعة الحياة الاجتماعية لسكان مدينة رام الله في فيلمها المر والرومان الذي أصبغ الأحداث بدلالته وقسمها إلي شقين الأول جاء بشكل شمولي حيث الحياة الصعبة التي يعيشها السكان في مدينتهم بسبب ما يقوم بها الإسرائيليون من أفعال تتعدي علي حقوقهم, ومعاناتهم في الوصول إلي القدس ويتجسد المر إلي الخصوصية في تجسيد مأساة زيد الشاب حديث الزواج المحبوس إداريا والزوجة التي لم تهنأ بفرحة عرسها وحياتها الجديدة, والأسرتان اللتان لم تكتمل فرحتهما. أما الشق الثاني فجاء في دلالة الرمان كفاكهة تتميز بصعوبة الحصول عليها, وصعوبة أكلها والاستمتاع بمذاقها الذي يأتي في بعض الأحيان خليطا بين حلاوة الفاكهة, والمزازة, ولونه الأحمر, عبرت المخرجة عن هذه الدلالة في إصرار الرجل علي تمسكه بأرضه وتحمل السجن مقابل عدم التوقيع علي قرار المصادرة للإسرائيليين مقابل الافراج عنه, وارتبط بالزوجة التي تقف مع زوجها في محنته من مباشرة عمله علي أكمل وجه, ورفضها الارتباط بمدرب الرقص الحديث في الفرقة التي تعمل بها برغم ارتياحها الشديد إليه بسبب تعامله المتسم بالرقة والتعاطف معها. لقد ربطت المخرجة دلالة الرومان بالحب وبحث صاحبة المقهي عنه في محاولة ارتباطها بقيس الشاب مدرب الفرقة الذي يميل إلي حب قمر الزوجة التي تحلم بيوم خروج زوجها من السجن.. لتوضح هنا نجوي النجار العذاب النفسي والمر الذي تعيشه هذه الشخصيات في البحث عن الحب وكأنه فاكهة الرمان المفقودة, لكن المخرجة في نهاية فيلمها الذي قدم نموذج المرأة العربية, وأصالة العائلة العربية وتماسكها بل والمجتمع الريفي المتمسك بجذوره, استطاعت أن توضح بحث المجتمع عن الرمان ولكن كشيء يدخل السعادة عليهم من خلال ذهاب البلدة إلي العرض المسرحي المر والرمان الذي تقوم به قمر بعد خروج زوجها من السجن مع زملائها بالفرقة في حديقة عامة متحدين فقر الامكانيات وضعفها, ومن ثم تدخل البهجة علي أهل البلدة وتسري السعادة داخلهم, وداخل قمر البطلة التي تنظر لزوجها بعيون مليئة بالحب واللهفة, ويبادلها نفس المشاعر في نفس اللحظة الزمنية التي تستقر بها أمور قمر وزوجها بهذه النظرة التي تؤكد حصولهم علي الرمان, نجد أن كاميرا نجوي النجار انتقلت إلي مكان آخر هو الملاهي لتؤكد حصول قيس علي ثمرة رمانه التي يستحقها بافتتاحه ملاهي الأطفال التي ورثها عن أبيه, وتعتبر الملاهي فاكهة الرومان الخاصة بالأطفال. لقد عبرت المؤلفة المخرجة نجوي النجار عن فكرتها بسيناريو اتسم بالسلاسة والعمق في بنائه المحتوي علي العديد من الدلالات التي أبرزها الاخراج المتسم بالتركيز علي الانفعالات لتوضيح أبعاد الشخصيات ودلالتها, لكن مايؤخذ علي نجوي النجار الصبغة التقريرية التي جاءت في بعض مناطق الحوار مما أفقد هذه المشاهد قوتها الإخراجية إلي حد ما, في حين جاءت الموسيقي معبرة عن الأحداث والشخصيات بدقة متناهية, وكشفت براعة لاعبيها وتوزيعها خاصة في المشاهد التي احتوت علي البيانو والكمان, والبيانو والعود في التعبير عن الشخصيات والأحداث.. وظهرت الموسيقي هنا وكأن ثمة حوارا قائما بين الآلات وبعضها, ورغم الاعتماد علي آلتين من جنسين مختلفين البيانو والعود ألا أن أداءهما جاء غاية في الرقة والتعبير بعمق عن الفيلم. ساعة ونصف الساعة مدة زمن عرض الفيلم استطاعت نجوي النجار والممثلون بآدائهم المميز في التعبير عن مشاعر متناقضة ومتلاحقة للشخصيات, وجميع العاملين بالعمل في صنع فيلم شديد الواقعية ممزوج بالأسلوب الواقعي والتسجيلي والرمزي في لغة إخراجية محملة بالمشاعر والرقة.