فصل وزارة السكان عن وزارة الصحة كان أمرا ضروريا للتمكين من رسم وتنفيذ استراتيجية وسياسات التنمية السكانية فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد وتستوجب تركيز الاهتمام بقضايا السكان والزيادة الرهيبة فى التعداد والتى تحتاج الى خطط وبرامج لتستفيد منها الدولة من هذه الزيادة لتكون ثروة قومية بدلا من اعتبارها عبئا على جهود التنمية ، وهذا ما نصت عليه المادة 41 فى الدستور والتى تلزم الدولة بتنفيذ برنامج سكانى يهدف الى تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكانى والموارد المتاحة وتعظيم الاستثمار فى الطاقة البشرية وتحسين خصائصها وذلك فى إطار تحقيق التنمية المستدامة . فوفقا للساعة السكانية بالجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء فقد وصل عدد السكان «داخل مصر» الى 88 مليون نسمة ، وقال الجهاز ان عدد السكان زاد مليون نسمة فى اقل من ستة أشهر فقد بلغ 87 مليون نسمة فى 19 أغسطس الماضى . اللواء أبو بكر الجندى رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء يوضح أن مشكلة السكان أخطر من الإرهاب على مصر وتهدد أمنها القومى لأن الإرهاب نشعر به ولكن المشكلة السكانية مغيبة عن الكثيرين فإن هناك 2 مليون زيادة سنوية ولا يوجد أى زيادة فى الموارد وللاسف المجتمع لا يشعر ، والنمو الاقتصادى لا يتعدى 2% ولكن النمو السكانى تعدى 2،55% فى عام 2014 وحتى تتحقق العدالة لابد ان يصل النمو الاقتصادى الى 7،5% . ويضيف أن السكان ثروة تعد أهم مورد لأى دولة لكن متى يكن النمو الاقتصادى فى تراجع يكن السكان محنة وأزمة ومشكلة وحتى يصل النمو الاقتصادى الى 7،5% لابد من زيادة الانتاج ولحين تحقيق هذا لابد من التحكم فى معدلات النمو ، كما ان هناك فكرة مرسخة فى عقول السكان الأكثر فقرا فهم يعتبرون أن أبناءهم مصدر دخل لهم لأنهم يعملون . أما الدكتور محمد فؤاد أستاذ الاقتصاد بجامعة 6 أكتوبر فيشير الى أن الزيادة السكانية الكبيرة من أكبر المشاكل التى تواجه المجتمع ومعدل زيادة السكان أكثر 4 أضعاف من الدول المتقدمة والتى يقدر معدل زيادتها 0,6%، بينما يصل معدل الزيادة السكانيه فى الدول النامية إلى 1,5 %. وقال إن خطورة الوضع تكمن فى التداعيات الاقتصادية المرتبطة بالزيادة السكانية فى بلد يعانى أكثر من 26% من سكانه من الفقر الشديد ويصل هذا الرقم خارج المدن الكبرى إلى 70% و فى الوقت نفسه يعيش السكان فى مساحة لا تتعدى 10% من مساحة مصر. لذا فإن الخروج من الوادى «الضيق» يجب أن تتم ترجمته إلى أكثر من مجرد شعار بل يجب اتخاذ خطوات حقيقية لإعادة تشكيل الخريطة السكانية ، فى الوقت ذاته يجب أن تعيد الدولة النظر فى برامج تنظيم الأسرة التى أصبحت غير فعالة بالمرة. قنبلة موقوتة ويوضح طلعت عبد القوى رئيس الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية وعضو لجنة الخمسين أن المشكلة السكانية أصبحت تمثل خطرا دائما وقنبلة موقوتة مهددة بالانفجار فى كل دقيقة ، وتنقسم المشكلة السكانية الى ثلاثة محاور أولها ارتفاع معدل النمو السكانى بشكل غير طبيعى حيث ان عدد سكان مصر يتضاعف كل 20 عاما وكان يتضاعف من قبل كل 50 عاما ، وفى كل ساعة لدينا 240 مولودا ، وكل يوم لدينا 5.600 مولود ومنذ يوم 22 اغسطس 2014 الى 12 فبراير 2015 اى من خلال خمسة أشهر و21 يوما زاد عدد السكان مليون نسمة ، أى فى السنة 2 مليون ، وزاد معدل الخصوبة لدى المرأة فى 2008 ثلاث مرات فقد أوضح المسح الصحى السكانى أن معدل الخصوبة خلال عمرها الإنجابى 3.5 اما معدلات استخدام وسائل تنظيم الأسرة فقد تناقصت في2014 بنسبة 59% وكان المستهدف أن تزيد الى 67% ، وايضا تدنت خصائص السكان لأن الأصل فى السكان أنهم الثروة البشرية ، لكن ما يحدث هو العكس ومن الأمثلة على ذلك الأمية النسبة بها متوسط بين الذكور والإناث 25.6 % والفقر المدقع وصل الى 26.5% ونسبة البطالة حوالى 13% والمرأة المعيلة نسبتها 24% وكل هذا تدن فى مستوى المعيشة ، والبعد الثالث هو سوء توزيع السكان بالاضافة الى انتشار الأمراض كالسرطان والالتهاب الكبدى فيروس »سي« نتيجة تدهور الخدمات الطبية والتعليمية لأن المستشفيات والمدارس لا تسع كل هذا العدد السكانى . خطة استراتيجية وقال إن الحلول تكمن فى وضع خطة استراتيجية لمواجهة الزيادة السكانية ، من خلال توفير خدمات تنظيم الاسرة ذات الجودة العالية للمواطنين وبالأخص فى المناطق الفقيرة والمهمشة ، والتوعية بالمشكلة السكانية بمشاركة علماء الدين ووسائل الإعلام ، وعقد الندوات وربط السكان بالتنمية والمشروعات ، فكلما زاد الفقر زاد الإنجاب زادت الأمية ، ولابد من تطوير العشوائيات وتوفير فرص العمل وإعادة توزيع السكان ف 95% من الشعب المصرى يعيش على 7% من مساحة مصر بينما المساحة الشاسعة يسكنها فقط 5% . ويجب التفكير فى الحوافز الإيجابية للاسرة التى تنظم عدد أفرادها مثل الهدايا المالية والعينية كرحلات عمرة وحج ، ويمكن نقل التجارب من الدول الاخرى للاهتمام بالتعليم ووسائل تنظيم الاسرة بالمجان مثل دول إسلامية كباكستان وإندونيسيا . كما يجب تشجيع المؤسسات والجمعيات الأهلية على تنظيم قوافل وعيادات خارجية لتوعية المواطنين بمخاطر الزيادة السكانية على اعتبار أنها ليست مشكلة حكومة لكنها مشكلة دولة ولابد من التكاتف لمواجهتها ويجب أن تتوافر الادارة السياسية ، بمعنى توفير ميزانية وموارد لدعم برنامج تنظيم الاسرة وعندما تم اختيارى فى لجنة الخمسين وضعت المادة رقم 41 فى الدستور على الدولة ان تلتزم بتنفيذ برنامج سكانى بهدف تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكانى والموارد المتاحة وتعظيم الاستثمار فى الطاقة البشرية وتحسين خصائصها وذلك فى إطار تحقيق التنمية المستدامة . تأخر التنمية أما الدكتور أحمد وجيه مدرس سابق بقسم التخطيط الاقليمى بكلية التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة فيقول ان التركيب السكانى سبب لتأخر التنمية فى مصر والدول الشبيهة، ويعلم أى دارس مبتدئ لعلوم الديموغرافيا والتخطيط والتنمية ان إحدى معوقات التنمية فى أى مجتمع هى زيادة نسبة الإعالة فى هذا المجتمع خاصة إذا لم تكن لدى هذا المجتمع موارد طبيعية تذكر مثلما هو الحال فى مصر. ويتضح من المقارنة بين الأهرامات السكانية للدول التى تنمو اقتصادياً بسرعة كبيرة فى الصف الأول (كوريا، الصين، سنغافورة) والدول المتأخرة فى النمو فى الصف الثانى (مصر، السودان، تنزانيا)، اتساع قاعدة الهرم السكانى فى المجموعة الثانية، وبالتالى زيادة نسبة السكان خارج سن العمل، وبالتالى زيادة نسبة الإعالة الى حدها الأقصي، مما يدعونا الى استنتاج ان مستقبل مصر بائس فى حالة عدم تبنى سياسة قومية لتحديد النسل كما هو الحال فى الصين والهند، أو على الأقل بتبنى سياسات جذرية لتنظيم الأسرة كما حدث فى ايران وتونس بنجاح! والبديل سيكون دخول البلد فى دوامة زيادة ميزانية التعليم والصحة لمقابلة الزيادة السكانية المتمثلة فى 2 مليون نسمة كل عام، وعدم توافر أى أموال لتطوير أى منهما (التعليم والصحة) بخلاف الزحام الشديد فى التعليم والذى ينتج عنه ضعف مستوى الخريجين ولفظ سوق العمل الخارجى والداخلى لهم