أحمد بن أحمد الجروان احد رموز المدرسة الدبلوماسية الوطنية فى دولة الإمارات العربية المتحدة مسكون بفيض المشاعر القومية حريص من خلال موقعه رئيسا للبرلمان العربى خلال العامين الأخيرين على الإٍسهام بنصيب وافر فى تعزيز وتقوية النظام الإقليمى العربى من منظوره الشعبى عبر التأكيد على أن البرلمان بات يمثل الذراع التشريعية لهذا النظام خاصة بعد أن اكتملت هيكلته. على هامش ترؤسه للجلسة العامة للبرلمان العربى مؤخرا بالقاهرة تحدث ل"الأهرام " حول العديد من قضايا الأمة ولكن الأحداث والتطورات الراهنة فى مصر استغرقت المساحة الأكبر من هذا الحوار .. فإلى تفاصيله : - هناك دعوة للجامعة العربية لتفعيل اتفاقية الدفاع العربى المشترك ، فهل توافقون على مثل هذا الطرح؟ - بالطبع ، أوافق بقوة على مااقترحه الأمين العام للجامعة العربية بمايحقق الإسراع بتشكيل قوة عربية مشتركة تكون مسئولة عن حماية الأمن القومى العربى الذى يتعرض لانتهاكات حقيقية وتحفظ مقدرات الأمة وخصوصيتها، وذلك كنواة لجيش عربى موحد فى مرحلة لاحقة ,ومن الأهمية بمكان التأكيد فى هذا المنحى بأن الأمة العربية ليست من دعاة الحروب أو تبنى النزعات العدائية ضد الآخرين ,ولكن ثمة حاجة الى بناء نسق من القوة يكون بمقدوره تأمين أمنها واستقرارها وتنميتها وحتى لاتتاح الفرصة لقوى خارجية لتتولى الدفاع عنها بالإنابة وهى لاتهدف فى حقيقة الأمر الالتحقيق مصالحهامثلما جرى مؤخرا عندما تشكل التحالف الدولى لمحاربة تنظيم داعش. - لكن فيما يتعلق بتفعيل اتفاقية الدفاع العربى المشترك يبدو أن بعض الدول العربية لاتقبل بذلك، كيف تفسر ذلك ؟ - نحن نؤمن فى البرلمان العربى بعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية فيمايتعلق بتطبيق سياساتها وتشريعاتها ، ولكن بصورة عامة نحن ننتمى الى نظام إقليمى واحد، وبالتالى فإن تفعيل هذه الاتفاقية التى تم إبرامها فى خمسينيات القرن الفائت ضمن الجامعة العربية سينطوى على أهمية قصوى بحسبانها تشكل إطارا عربيا جماعيا لمواجهة مختلف المخاطر التى تزايدات فى الآونة الأخيرة سواء من الكيان الصهيونى أو من التنظيمات الإرهابية. - الى أى مدى تثق فى قدرة العرب على التصدى لخطر الإرهاب ؟ - فيما يتعلق بمصر فإنه بوسعى القول إنه تمت السيطرة على الإرهاب وذلك فى ظل مااتخذته الأجهزة المعنية بها من خطوات وإجراءات فى الفترة الأخيرة ولدى ثقة قوية فى قدرة القيادة المصرية والشعب المصرى على احتواء كل من يحاول زعزعة وأمن استقرار الوطن أما فيما يتصل بالعالم العربى فهو يمتلك القدرة على محاصرة وتدمير التنظيمات والجماعات الإرهابية بشرط توافر الإرادة الدولية وفعالية التعاون الدولى فى هذا السياق لاسيما على صعيد تجفيف منابعها ومصادر تمويلها والأسباب التى تقف وراء نموها . - هل تعتقد أن ثمة حاجة الى ضرورة مشاركة قوات برية عربية فى القضاء على "داعش" ؟ - نحن ندعم فى البرلمان العربى كل الوسائل والآليات التى من شأنها أن تسهم فى التصدى للإرهاب والقضاء على مخاطره فى المنطقة بعد أن امتدت تهديداته الى العديد من المناطق العربية وفى مقدمتها العراق وسوريا ولبنان وغيرها، وفى الوقت ذاته فإننى أدعو شبابنا الذين ضللوا وانتموا وارتبطوا بهذه التنظيمات الإرهابية للإسراع الى التخلى عنها والنجاة بأنفسهم منها والهرب من تطرفها ، فلدينا الديانات السماوية التى تحض على المحبة والمودة والتسامح وبناء الشخصية السوية . - إلى أى مدى تعتقد أن هناك محاولة مقصودة للإضرار بالعلاقات المصرية الخليجية وخاصة العلاقات المصرية السعودية ؟ - وفق قناعتى ليس بوسع أى طرف – مهما كان – أن ينجح فى تقويض هذه العلاقات لأنها قائمة على أسس متينة والثقة المتبادلة ، بيد أن من الأهمية بمكان ألا يتم التركيز على مثل هذه النتوءات وتضخيمها على نحو يحقق أهداف الجهات التى تقف وراءها والتى تتمثل فى أن تتحول الى مادة إعلامية تستفيد هى منها بالدرجة الأولى ، وهو مايؤكد أن هذه الجهات باتت مفلسة فى تعاطيها مع هذا الملف ولم يعد لديها ماتقدمه الا العبث بهذه العلاقات من خلال نشر الأكاذيب والسموم . العلاقات المصرية الخليجية برزت بحسبانها قوية للغاية وليس بمقدور عاقل سواء فى المنطقة أو فى العالم أن يشكك فى قوتها ومداها وطابعها الاستراتيجى , وكما تعلم فإن المواجهات تنطوى فى العادة على بعض الخدع والمؤامرات وما جرى يأتى فى هذا السياق ,لكن الشارع العربى لا يسمح بأن يستخف به طرف ما مثلما حاولت الجهات التى تقف وراء هذه التسريبات أن تفعله به وهو ما فشلت فيه بكل تأكيد نظرا لأنها تتحدث عن القيادة المصرية بكل ماتتسم به من خصائص تجردها من القيام بمثل هذا العبث بحكم مكونها الثقافى والسياسى. - ألا ترى أن هذه المحاولة العبثية كانت تهدف الى إجهاض بناء التحالف الاستراتيجى المصرى الخليجى ؟ - دعنى أتذكر فى هذا السياق الآية القرآنية الكريمة " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم " فماجرى يعكس مؤشرا بالغ الأهمية يكمن فى أن مسار العلاقات بين الطرفين: مصر من ناحية ودول الخليج من ناحية أخرى تمضى فى سياقها الصحيح وتحقق نجاحات يوما بعد يوما ، وإن كنت أنظر الى المسألة من منظور شامل يتصل بالعلاقات العربية العربية والتى تشكل مصر قلبها بعد أن تمكنت من عبور المطبات والمعوقات التى وضعت أمامها خلال الأعوام الأخيرة ونجاح الشعب المصرى فى الخروج من عباءة دوائر لاتمت له بصلة , وفى ضوء كل ذلك فإن ما جرى من بث الأكاذيب والتشويهات المتعمدة بل والخزعبلات , يؤكد أننا نمضى فى الاتجاه السليم. - كيف يكون بوسع البرلمان العربى أن يساند عودة قوية لمصر لمحيطها القومى والإقليمى ؟ - لدى قناعة أن مصر كانت وستبقى قوية وإن طال المرض جزءا من جسمها فى مرحلة ما بعد ثورة يناير إلا أنها سرعان ماتعافت معه ولم تسقط ولن تسقط بحول الله تعالى فثمة منظومة قوية قائمة فيها تنهض على تماسك وتوحد القيادة والشعب والجيش ولدى قناعة أخرى بأن الشعب العربى لن يسمح بإرهاب مصر أو التأثير على مقدراتها ودورها القومى مثلما تحاول بعض القنوات المعادية أن تبثه من حروب نفسية. - ماهى توقعاتك للمؤتمر الاقتصادى؟ - أوجه رسالة لكل الوطن العربى بأهمية المشاركة فى هذا المؤتمر الذى سيكون من شأنه تعزيز الشراكات الاقتصادية بين مصر والدول العربية وعلى وجه الخصوص فى منطقة الخليج وثمة رسالة أوجهها للخارج بأن الشعب العربى سيقف الى جانب شقيقته الكبرى مع الشعب المصرى الأبى. - هل تعتقد أن القمة العربية التى ستحتضنها مصر نهاية مارس يمكن أن تكون مغايرة ؟ - ثمة رسائل سنحملها الى هذه القمة باعتبارنا نمثل الشعب العربى فى مقدمتها : لماذا كل هذه الفوضى فى المنطقة؟ ولماذا استبيحت بعض أراضينا؟ فضلا عن الإخفاق فى بعض الملفات والقضايا المهمة وذلك على الرغم من وقوف المواطن العربى خلف قياداته . - الرئيس عبد الفتاح السيسى تبنى دعوة لثورة فى الخطاب الدينى ، ما مدى تفاعلكم ؟ - نحن محظوظون فى الوطن العربى بوجود مؤسسة الأزهر بمصر المعروفة بوسطيتها واعتدالها وعمق فكرها الدينى ومؤسسة الحرمين الشريفين فى المملكة العربية السعودية، وبالتأكيد نحن مع تنظيم الخطاب الدينى بحيث لايجب أن يترك الأمر لهؤلاء النفر الذين يمتلكون القدرة على الحكى والكلام وناصية البلاغة للتسلط والسيطرة على عقول البسطاء والبث فى عقولهم بالأفكار المتعارضة مع وسطية الاسلام.