لاحظت شرود السيدة التي تساعدني بأعمال المنزل و حين سألتها انفجرت بالبكاء و ببساطة لغتها قالت(جوزي حلف علي طلاق اني متأخرش مع أن أنا اللي بشتغل و كل شوية يا مدام يحلف علي الفاضي انا مش عارفة ( عيشتي معاه حلال وإلا حرام ) فين بقى الأمان اللي بحسه لم أستطع الرد و بعد برهه من الذهول بررت لها العذر بجهله بالدين و أميته.. و فكرت فيما قالته و هو شئ خطير يهدد معظم بيوت مصر من هذة الطبقه ومن الطبقه الأرقى الذي يستخدمة كسلاح يشهره في وجه أمرأته أم أطفاله أينما أراد. العلاقات الاجتماعية أساسها تقوى الله عزوجل ، ومن هذه العلاقات علاقة الزواج ،في الغالب يكون الرجل هو الطرف الأقوى والمرأة هي الطرف الأضعف، فبإمكانه أن يأخذ كل شيء ويفعل أي شيء، لكن الذي يحكم هذه العلاقة تقوى الله، ولذلك تكررت الوصية بتقوى الله في آيات الطلاق في سورة النساء وفي ثنايا سورة الطلاق. العلاقة بين الزوجين علاقة مقدسة مباركة مبنية على المودة والرحمة، وإذا خلت هذه العلاقة من هذين الركنين أصبحت جحيماً لا يطاق .ومما يزعزع البيت المسلم تهديد المرأة بالطلاق عند كل تصرف أو قول يصدر عنها فيصبح الطلاق كالسيف المشهر أمام الزوجة ، وأمام مستقبلاتها ،والحقيقة أن ذلك يعتبر منقصة في الرجولة ، واهانة لمعاني الزواج وارتباطاته بل يعبر عن ضعف في شخصية الزوج. من ناحية شرعية فإنه لا ينبغي للمسلم الإكثار من لفظ الطلاق والتهديد به كون ذلك يتنافي مع التعاليم الإسلامية فقد قال الله سبحانه وتعالى: (( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيرا))ً [النساء :19 ] .وكان آخر ما أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع حسن معاملة النساء حين قال "استوصوا بالنساء خيرا "وكررها ثلاث مرات ،[ البخاري ومسلم]
والرسول صلى الله عليه وسلم جعل مقاييس أخلاق الرجال بحسن معاملتهم لزوجاتهم حين قال "خيركم خيركم لآهلة وأنا خيركم لأهلي "[ رواه الترمذي عن عائشة] لماذا كثر على ألسنة الناس الحلف بالطلاق والتهديد بالطلاق، ولو لأتفه الأسباب،وقد جاء في بعض الآثار:« إن أبغض الحلال عند الله الطلاق، لا تطلقوا أيها الرجال، فإن الطلاق يهتز له عرش الرحمن ، ملعون من حلف بالطلاق أو حلف به بغير حق، والطلاق يمين الفسّاق» وبعض الأزواج يجعل هذا الأمر وسيلة ضغط لفرض أوامره على زوجته ليمنعها من فعل شيء لا يرغبه ،أو يفرض عليها أمراً لا ترغبه هي ، والغريب أن التهديد بالطلاق يكون في أغلب الأحيان لهفوات ومشاكل بسيطة لا تستدعي نطق تلك الكلمة وترديدها بين الحين والآخر لما لها من آثار نفسية مؤلمة عند الزوجة إن من حق الزوج منع زوجته عن أي شيء يخالف الشرع أو حتى لا يعجبه ولكن يكون ذلك بطريقه أكثر احتراما وأدبا فلا تفقد الزوجة معه الشعور بالأمان والاستقرار فهما من أهم احتياجاتها النفسية. التهديد بالطلاق يدخل أيضاً في باب التعنيف الذي يعطل الحياة واستخدامه في غير محله يجرح كرامة الإنسان التي كفلها الله لبني ادم وجعله حقاً من حقوقهم فيما بينهم ، إن أحوج ما تحتاجه المرأة في حياتها الأسرية هو الأمان لكي تؤدى دورها الأسري على أكمل وجه حيث أن الدور الأسري يتطلب منها الإبداع في التخطيط وان تكون لها رسالة ورؤية لتنجح في مهمتها فمثل هذا التعنيف يشغلها ويحد من تركيزها على أسرتها وحياتها ويجعلها منشغلة البال لا تشعر بالطمأنينة. والعجيب أن فتاوى الطلاق قد تحتل المرتبة الأولى في برامج الفتاوى بل في اتصالات المشايخ ،وهذا يبين مدى جهل الأزواج بمفاهيم الطلاق وكراهته وحرمة العلاقة الزوجية وقدسيتها.والزوجة قد لا تُظهر لزوجها مدى تألمها من تهديد زوجها لها بالطلاق ، لكن الواقع أن المرأة تتألم كثيرا وتسأم هذه الحياة ،وتعتبر هذا جرح لمشاعرها وقمع لحريتها واهانة لها أدعو كل من يستخدم هذا الأسلوب إلى حسن الرفق بزوجاتهم وامتناعهم عن هذا الأسلوب الذي قد يؤدي فعلاً إلى حصول الطلاق وبعده لا يفيد الندم. [email protected] لمزيد من مقالات شروق عياد