متحدث الخارجية مهنئًا المصريين بعيد تحرير سيناء: الدبلوماسية استعادت آخر شبر من أرضنا    شوشة: كل الخدمات في رفح الجديدة بالمجان ولا يشملها سعر الوحدة السكنية    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    انطلاق فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية بمدينة مصر للألعاب    محافظ الجيزة يهنئ الرئيس السيسي بذكرى عيد تحرير سيناء    نقيب المحامين يهنئ رئيس الجمهورية والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء    أسعار الذهب في مصر بمستهل تعاملات اليوم الخميس 25-4-2024    عيد تحرير سيناء، بالأرقام جهود التنمية الزراعية والثروة السمكية في أرض الفيروز ومدن القناة    ارتفاع الطماطم والفاصوليا بسوق العبور اليوم الخميس    40 سنة تجارب.. ما حقيقة نجاح زراعة البن لأول مرة في مصر؟    28 أبريل، نظر دعوى تدبير العلاوات الخمس لأصحاب المعاشات    عاجل: أسعار الذهب اليوم الخميس 25-4-2024 في مصر    الإسكان: استرداد 9587 م2 بالسويس الجديدة وإزالة مخالفات بناء بالشروق وزايد وبني سويف    الطائرات الحربية الإسرائيلية تستهدف منزلا في مخيم البريج بغزة    اعتقال أكثر من 8 آلاف و455 فلسطينيا منذ 7 أكتوبر    أمريكا تطالب إسرائيل بتقديم تفاصيل حول تقارير المقابر الجماعية بغزة    بعد شهور من التوقف والخلافات السياسية.. واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا    عاجل| الدفاع المدني بغزة يطالب بفتح تحقيق دولي في إعدامات ميدانية ارتكبها الاحتلال    بيلاروسيا.. الرئيس لوكاشينكو يعلن نشر أسلحة نووية روسية في البلاد    بيراميدز يفتقد رمضان صبحي بمواجهة إنبي في الدوري    سبورت الإسبانية تفجر مفاجأة حول موقف ديكو من رحيل تشافي عن برشلونة    الزمالك: سنقدم للجهات الإدارية كل ما يتعلق بأزمة خالد بو طيب    الترجي يتقدم بطلب رسمي لصن داونز قبل موقعة الحسم بنصف نهائي دوري أبطال أفريقيا    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    ضبط تشكيلين عصابيين ارتكبا 20 حادث سرقة دراجات نارية في الفيوم والجيزة    القبض على مسن أنهى حياة زوجته بالمنيا    ننشر الجداول الجديدة للنقل الثانوي بالأزهر بعد استبعاد أيام الإجازات    بالصور.. ضبط المتهمين بارتكاب جرائم سرقة بالقاهرة    محافظة الجيزة تشن حملاتها بشوارع الطوابق وكعابيش والمشربية لمنع التعديات على الطريق العام    رحلة 404 أفضل فيلم مصري، قائمة جوائز مهرجان أسوان لأفلام المرأة بدورته الثامنة    توقعات علم الفلك اليوم الخميس 25 أبريل 2024    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    التنسيق مع الصحة.. أبرز قرارات اجتماع المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية    علماء: البعوض يهدد نصف سكان العالم بحلول نهاية القرن    هل تناول الأسبرين يوميًا يقلل خطر الإصابة بالسرطان؟    انطلاق القافلة الطبية المجانية حياة كريمة بقرى الخير والنماء بمركز الفرافرة    مصرع وإصابة 10 أشخاص إثر تصادم سيارتين في البحيرة    الأهلي يصطدم بالترجي التونسي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    حمزة العيلى عن تكريم الراحل أشرف عبد الغفور: ليلة في غاية الرقي    الليلة.. أنغام وتامر حسني يحيان حفلا غنائيا بالعاصمة الإدارية    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    الشواطئ العامة تجذب العائلات في الغردقة هربا من الحر.. والدخول ب20 جنيها    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    توقيع عقد تنفيذ أعمال البنية الفوقية لمشروع محطة الحاويات بميناء دمياط    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    مشاجرات خلال اعتقال الشرطة الأمريكية لبعض طلاب الجامعة بتكساس الرافضين عدوان الاحتلال    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    المنيا.. السيطرة على حريق بمخزن أجهزة كهربائية بملوى دون خسائر في الأرواح    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    مدحت العدل يكشف نصيحة جماهير ريال المدريد بإسبانيا للإعلامي إبراهيم عيسى ونجله    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    اختيارات النقاد.. بعد سيطرة الكوميديا ما هى الأفلام الأنسب لموسم العيد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدين والسياسة ... هل يَلْتَقِيان؟

حين يُفهَم «الدين» الفَهم الصائب المستقيم، وحين تتحقق «السياسة» الرشيدة العادلة على وجهها: فلن تجد بينهما إلا وئامًا والتقاءً، واتصالاً وائتلافًا، دون طغيان أو افتئات من أحدهما على الآخر
أما حين تختل إحدى الكفتين، سواء بالفهم الشارد المعوّج للدين، أو بالفساد والطغيان، أوالنفعية والزئبقية فى عالم السياسة: فحينئذ يكون الخصام البئيس،والفراق البائن بينهما،والخسارة الفادحة لهما، ويعيش الإنسان - من جرّاء ذلك عصورًا تغيب فيها شمس العدل، وتضمحل فيها إنسانية الإنسان، وتزدوج فيها المعايير، وتسود فيها الأثرة والأنانية، ويكون التظالم فيها على جميع الأصعدة الفردية والدولية صاحبَ الكلمة الأخيرة، ويتحقق فيها قول أبى العلاء فى لزومياته: أَعَاذِلُ قد ظَلَمتْنا الملوك ...ونحن على ضعفنا أَظلمُ!!
فلا تكاد تسمع فى الوجود حسيسًا لأنّات الجَوْعَي, وآلام الثكالي، وشكايات البؤساء، وصرخات المظلومين، حتى وإن ازدهرت مظاهره الخادعة بحضارة زائفة مترعة بالرفاهة، ومتخمة بمنجزات الحداثة، ومزهوة بزخرف المتاع؟! فهل من سبيل إلى الالتقاء بين الدين والسياسة؟ أو أن ذلك مجرد حلم طوباوى يتراءى للحالمين بالمدن الفاضلة بعد غياب؟
فى عصور الازدهار الكبرى للحضارة الإسلامية تفتقت العبقرية الفكرية الإسلامية عن علم مستحدث من علوم تلك الحضارة الباذخة، أنجبته تلك العبقرية على غير مثال سبق، كما منحته عنوانًا مبتكرًا هو علم «السياسة الشرعية» الذى يَشِى عنوانه الدقيق بضرورة الجمع بين «السياسة والشريعة» كما أنه يكاد ينطق - بغير لسان بالعلاقة الوثقى بين «الشرع» و«السياسة» ولا تكاد وظيفته كما تبلورت لَدَى أعلامه - تخرج عن التأكيد على أن «السياسة الشرعية» هى كل ما كان فِعْلاً يكون الناس فيه أقرب إلى الصلاح، وأبعد عن الفساد، وإن لم يضعه الرسول صلى الله عليه وسلم، وَلاَ نَزَلَ به الوحي، شريطة أن يكون ذلك الفعل على وِفاقٍ مع روح الشريعة ومبادئها الكلية، وغير مناقضٍ لأصولها القطعية.
فماذا يكون الحال حين تكون «السياسة» خِلوًْا من هذا المفهوم البسيط العميق فى آن معًا؟ ماذا يكون الحال لو سارت السياسة على نحو تتقاطع فيه مع «الدين» وتتباعد عنه، وتخلو منه كما ينادى من ينادى هذه الأيام بدعوى أن مجال الدين مقصور على الكليات والآفاق الغيبية، والخفقات الروحية وحدها، بمنأى عن حياة البشر الصاخبة المضطربة التى تصطرع بالاختلالات السلوكية والمفاسد الحياتية، فى المعاملات والتصرفات: يسيرون فيها كيفما شاءت لهم الأهواء المتصارعة والرغبات الآنية بلا ضابط أو عاصم، وكأن الذوات البشرية فى هذا المفهوم الشاحب قد انشطرت انشطارًا كليًا إلى «روحانيات» محلِّقة هائمة يتولاها «الدين» من جهة، وإلى «سلوكيات وعمليات» تُترَك «للسياسة» وحدها، بمفهومها الفضفاض المُنْعَتِق من «شرع» يوجهها إلى الخير والسداد، ويطهرها من الأنانية، والنفعية، والظلم، والعدوان، ويقى البشرية مفاسدها وشرورها وطغيانها؟
ترى .. كم ستخسر السياسة حين تنفصل عن الدين على هذا النحو الصادم الذى ينادى به من ينادي؟ إنا حينئذ نكون كمن يبدِّد ثروة اخرة بالمعانى الرفيعة والقيم الضابطة التى لا تقوم الحياة الإنسانية المُثلَى بدونها، أو كمن يفرط فى المكُوِّن الإنسانى الباطنى المزخور القائم على المراقبة الذاتية، والحساب الداخلي، حيث تمسك الذات البشرية بميزان مُرْهف يَكُفَّها من باطنها عن الاعوجاج، ويحاسبها عليه حسابًا عسيرًا، وبذلك تتحصل التشريعات السياسية الظاهرية التى تقوم بالضبط الخارجي: على العمق «الجَوَّاني» الداخلى الذى يتولى الرقابة الأعمق، والحساب الأدق .. وَيَالَهُ من حساب!!
ولئن كانت تلك الأفهام التى قصرت دور «الدين» على «الروحانيات» ونأت «بالسياسة» عنه، قد جَنَتْ على أصول تلك السياسة الشرعية الصحيحة ونبذتها وراء ظهورها، فإن فريقًا آخر - على الجانب المضاد- قد جَنَى على تلك «السياسة الشرعية» بما هو أفدح وأبعد مدي، إنها جناية ذلك الفريق الذى يستخدم الدين استخدامًا زائفًا، ويوظّفه كما يوظّف النصوص الدينية من الكتاب والسُنّة ويضطرها اضطرارًا إلى خدمة أهداف غريبة عنها، تصب جميعها فى مجرى «لعبة السياسة» حيث لا يكون الهدف المقصود والغاية المبتغاة سوى اعتلاء أرائك «السلطة» والظَّفَر بمقاليد السلطان، حتى وإن سَالَت فى سبيل ذلك دماء، وتقطعت أشلاء، وتهدمت دُولٌ، وتبعثرت كيانات، ولا يرون حرجًا فى أن يستخدموا تلك النصوص القرآنية والحديثية استخدامًا «براجماتيًا» نفعيًا، فينتقون منها ما يؤجج المشاعر، أويُلْهِبُ الحناجر، استغلالاً لقداسة تلك النصوص، واقتطاعًا من سياقاتها، ودون مراعاة لأسباب نزولها، وعموماتها، إِلْهابًا لعواطف الجماهير، ثم يسوقونهم بها سوْقًا إلى حيث شاءت لهم الأهواء، تَلَمُّظًا إلى اعتلاء سُدَّة الحكم، وإلى الهيمنة على أرائك السلطان!!
كما أن فريقًا ثالثًا يَعِبُّون من الكأس نفسه حتى الثُّمالة: جناية على «السياسة الشرعية» كذلك، وأعنى بها تلك النوابت الشاردة فى زماننا هذا، تلك التى اقتنصت من «السياسة الشرعية» ومن القرآن والحديث نصوص الحرب والقتال وحدها، دون أن تشفعها بما شُفِعَت به من آيات الرحمة والعدل، والعفو والصفح، والسلام والأمن، فى ابْتِسارٍ بئيس لدلالاتها الخاصة التى نزلت فيها، ودون وعى «بروح» الإسلام العامة التى فَتَحَتْْ له أبواب المشارق والمغارب على مصاريعها، ومهدت لانتشاره فى الخَافِقَيْن بمثل ما مهدت له الجيوش المُجَيَّشة والجنود المجنَّدة!!
ثم أقول: أَلَمْ يكن الشيخ محمد عبده - فى كتابه الإسلام والنصرانية ناطقًا بالحق .. حين استعاذ بالله تعالى صراحة من السياسة المنفصلة عن عمود الدين، ومن كل حرف يُلفظ فى كلمة «السياسة»: لفظًا ومعني، بل من ساس ويسوس ومشتقاتها؟؟!!
عضو هيئة كبار العلماء
لمزيد من مقالات د.محمد عبدالفضيل القوصى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.