أعود اليوم وأكتب للمرة الأخيرة عن استمرار أزمة مقر الحزب الوطنى المحترق على كورنيش النيل منذ ثورة يناير وفشل الحكومة فى ايجاد مخرج أو حل نهائى لوقف هذه المأساة التى تتوالى فصولا منذ أربع سنوات بعد أن كتبت هنا فى هذا المكان منذ عام راجيا وداعيا المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء بالبحث عن حل عاجل لانهاء أزمة هذا المبنى وتجاوز هذا المنظر القبيح على نيل القاهرة لأن التأخير فى القرار وكأنه يعكس حالة الارباك التى تعيشها الدولة فى ايجاد حل بقرار رئاسى أو من رئيس الوزراء وهذا غير صحيح لانهاء هذا المنظر والبحث فى إمكانية استغلال هذا المبنى العتيق الكبير فى فرص استثمار حقيقية أولا لتنمية موارد الدولة واستغلالها. وكذلك إعادة الحياة وضخ شرايين التجميل والبهاء إلى هذه المنطقة التى تمثل أبهى مناطق القاهرة الكبرى وأعرقها تاريخا وحضارة شاهدة على اصالة المكان وفخامة قلب العاصمة أمام الناظرين والزائرين. إذ لا يمكن بأى حال غض الطرف دوما من قبل الدولة عن هذه المأساة صحيح أن المبنى كان رمزا للفساد وطغيان حكم الحزب الوطنى وعصر مبارك ومآلاته على الشعب المصرى طيلة 30 عاما وما نتج عنه من تخريب وتدمير للدولة والشعب وتجريف لكل مناحى الحياة فى مصر، ولكن ها هو مبارك وعصره ورجال فساده قد رحلوا إلى غير رجعة، وأصبحوا فى مزبلة التاريخ.. وتبقى مصر بمؤسساتها وهيئاتها وحكوماتها وشعبها وتراثها وآثارها ومبانيها شاهدة على خلد الزمن فى هذه الدولة. وبالتالى فلا يجب أن تتأخر قرارات المهندس محلب فى الاسراع بايجاد حل بدلا من استمرار الجدل والخلافات البيزنطية بين سكان القاهرة للابقاء على المبنى أو هدمه كان من الممكن أن نخاطب الرئيس السيسى ونطالبه باصدار قرار جمهورى أو التدخل مباشرة ولكننى أعرف شواغل واهتمامات الرئيس الكبرى بوضع هذا الوطن على منصة الانطلاق نحو الاستقرار والإنجاز والنجاح مهما كانت العواقب.. وتبقى مشكلة هذا المبنى وغيرها من الأمور الداخلية فى ذمة رئيس الحكومة ومجلس وزرائه خاصة أن للرجل جهدا مقدرا وحركية متواصلة ونجاحات فى الفترة الأخيرة لا يمكن أن يغفلها الا جاحد من عينة جماعة الاخوان. وبالتالى المسألة لم تعد تحتمل أو تحتاج إلى كل هذا التسويف أو التأجيل، ولذا فاننى أتمنى عليه الآن أو بعد انتهاء المؤتمر الاقتصادى مباشرة باصدار قرار نهائى وليس حمال أوجه بعيدا عن تشكيل لجان وخلافه لأن اللجان فى مصر صراحة هى مقبرة الحلول مع الأخذ فى الاعتبار أن يبتعد ويتناسى ويغادر فكرة هدم المبنى وتحويله إلى حديقة تابعة للمتحف المصرى، لأننا عددنا سابقا خطأ مثل هذا القرار منذ عام. ناهيك، وهذا هو الأهم أيضا ووفقا للجنة التى شكلها الزميل والصديق سمير غريب الذى كان يتولى رئاسة هيئة التنسيق الحضارى فى القاهرة حتى وقت قريب وأرسلها لمعاينة هذا المبنى فور احتراقه وبعد ثورة 25 يناير للوقوف على حالته والسعى لإنقاذه وكانت مشكلة من خبراء الهندسة والمعماريين وهيئات مسئولة فى محافظة القاهرة والهيئة افادت بان هذا المبنى الكبير وقاعة المؤتمرات خلفه بحالة سليمة وان كل ما أصابه الخلل هو فقط احتراق المكاتب وسرقة أجهزة التكييفات وتضرر بعض الحوائط والجدران والأبواب، وبالتالى يسهل ترميمها ومعالجتها على الفور، فضلا عن أن نفقات الهدم ستكلف الدولة 23 مليون جنيه وبالتالى منع إهدار كل هذه المبالغ فى الهواء لأننا لانملك ترف الثراء. والكلام أيضا للصديق سمير غريب أن المبنى الثالث الصغير خلفهما والقريب من المتحف المصرى هو الذى اصابه الضرر الأكبر وهو صغير الحجم يمكن هدمه وتحويله إلى حديقة تابعة للمتحف على أن نسارع باستغلال المبنى الرئيسى وقاعة المؤتمرات وتحويلهما لفندق عالمى، وهو يتفق مع رأيى السابق الذى سبق وطرحته وتمسكت به فى هذا المكان مرتين. والحل طرح المبنى عبر عطاء لشركات سياحية عالمية أو مستثمرين عرب أو أجانب لاستغلال المبنى وترميمه على نفقتهم بنظام B.O.T أو يمكن تأجير المكان لها لمدة عشر سنوات مقابل حق الانتفاع به وتسديد أجر سنوى للدولة على أن تحتفظ بحقها فى الأرض بحيث يضاف هذا الفندق إلى سلسلة الفنادق الموجودة بطول شريط كورنيش النيل بدءا من فنادق جاردن سيتى مرورا بالفندق الجديد الذى تم تجديده بجوار مبنى الحزب الوطنى وصولا لفنادق رمسيس هيلتون وكونراد وغيرهما فى تلك المنطقة. باعتبار أن حال السياحة لن يبقى على هذه الشاكلة إلى الأبد بل على العكس ينتظرنا مواسم سياحية كبرى وعودة لتكون القاهرة قبلة وملتقى للسياح العرب والأجانب بعد نجاح المؤتمر الاقتصادى وتحقيقا للاستقرار الكامل وانطلاق قطار النهضة والتنمية الشاملة التى ينتظرها الوطن كجسر للمستقبل. وبالتالى هذا أنسب الحلول لاستغلال المبنى والمكان وهذا لا يحتاج إلا إلى قرار جريء وإرادة صلبة من المهندس محلب على ألا يعطى بالا لأصحاب نظرية هدم كل ما ينسب لمبارك وعصره أو آخرين يطالبون بتركه هكذا شاهدا ودليلا ورمزا لعصره وفساده وهذا وذاك على خطأ.. فانقاذ الدولة وتنمية الموارد وتجميل القاهرة هو الأهم والأنفع.. وأتمنى أن استيقظ من النوم مبكرا ليخبرنى المهندس محلب كما فعل معى من قبل بقراره الصائب ومفاجأة عبقرية الحل التى ينتظرها سكان القاهرة حتى يثلج صدور الجميع.. فمصر وشعبها يستحقون مستقبلا أفضل. لمزيد من مقالات أشرف العشري