حريق يلتهم 4 أفدنة قمح في قرية بأسيوط    متحدث الصحة عن تسبب لقاح أسترازينيكا بتجلط الدم: الفائدة تفوق بكثير جدًا الأعراض    بمشاركة 28 شركة.. أول ملتقى توظيفي لخريجي جامعات جنوب الصعيد - صور    برلماني: مطالبة وزير خارجية سريلانكا بدعم مصر لاستقدام الأئمة لبلاده نجاح كبير    التحول الرقمي ب «النقابات المهنية».. خطوات جادة نحو مستقبل أفضل    ضياء رشوان: وكالة بلومبرج أقرّت بوجود خطأ بشأن تقرير عن مصر    سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الأربعاء 1 مايو 2024    600 جنيه تراجعًا في سعر طن حديد عز والاستثماري.. سعر المعدن الثقيل والأسمنت اليوم    تراجع أسعار الدواجن 25% والبيض 20%.. اتحاد المنتجين يكشف التفاصيل (فيديو)    خريطة المشروعات والاستثمارات بين مصر وبيلاروسيا (فيديو)    بعد افتتاح الرئيس.. كيف سيحقق مركز البيانات والحوسبة طفرة في مجال التكنولوجيا؟    أسعار النفط تتراجع عند التسوية بعد بيانات التضخم والتصنيع المخيبة للآمال    رئيس خطة النواب: نصف حصيلة الإيرادات السنوية من برنامج الطروحات سيتم توجيهها لخفض الدين    اتصال هام.. الخارجية الأمريكية تكشف هدف زيارة بليكن للمنطقة    عمرو خليل: فلسطين في كل مكان وإسرائيل في قفص الاتهام بالعدل الدولية    لاتفيا تخطط لتزويد أوكرانيا بمدافع مضادة للطائرات والمسيّرات    خبير استراتيجي: نتنياهو مستعد لخسارة أمريكا بشرط ألا تقام دولة فلسطينية    نميرة نجم: أي أمر سيخرج من المحكمة الجنائية الدولية سيشوه صورة إسرائيل    جونسون: الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأمريكية نتاج للفراغ    قوات الاحتلال تعتقل شابًا فلسطينيًا من مخيم الفارعة جنوب طوباس    استطلاع للرأي: 58% من الإسرائيليين يرغبون في استقالة نتنياهو فورًا.. وتقديم موعد الانتخابات    ريال مدريد وبايرن ميونخ.. صراع مثير ينتهي بالتعادل في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    معاقبة أتليتيكو مدريد بعد هتافات عنصرية ضد وليامز    موعد مباراة الأهلي والإسماعيلي اليوم في الدوري والقنوات الناقلة    عمرو أنور: الأهلي محظوظ بوجود الشناوي وشوبير.. ومبارياته المقبلة «صعبة»    موعد مباريات اليوم الأربعاء 1 مايو 2024| إنفوجراف    ملف رياضة مصراوي.. قائمة الأهلي.. نقل مباراة الزمالك.. تفاصيل إصابة الشناوي    كولر ينشر 7 صور له في ملعب الأهلي ويعلق: "التتش الاسطوري"    نقطة واحدة على الصعود.. إيبسويتش تاون يتغلب على كوفنتري سيتي في «تشامبيونشيب»    «ليس فقط شم النسيم».. 13 يوم إجازة رسمية مدفوعة الأجر للموظفين في شهر مايو (تفاصيل)    بيان مهم بشأن الطقس اليوم والأرصاد تُحذر : انخفاض درجات الحرارة ليلا    وصول عدد الباعة على تطبيق التيك توك إلى 15 مليون    إزالة 45 حالة إشغال طريق ب«شبين الكوم» في حملة ليلية مكبرة    كانوا جاهزين للحصاد.. حريق يلتهم 4 أفدنة من القمح أسيوط    دينا الشربيني تكشف عن ارتباطها بشخص خارج الوسط الفني    استعد لإجازة شم النسيم 2024: اكتشف أطباقنا المميزة واستمتع بأجواء الاحتفال    لماذا لا يوجد ذكر لأي نبي في مقابر ومعابد الفراعنة؟ زاهي حواس يكشف السر (فيديو)    «قطعت النفس خالص».. نجوى فؤاد تكشف تفاصيل أزمتها الصحية الأخيرة (فيديو)    الجزائر والعراق يحصدان جوائز المسابقة العربية بالإسكندرية للفيلم القصير    حدث بالفن| انفصال ندى الكامل عن زوجها ورانيا فريد شوقي تحيي ذكرى وفاة والدتها وعزاء عصام الشماع    مترو بومين يعرب عن سعادته بالتواجد في مصر: "لا أصدق أن هذا يحدث الآن"    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 1-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. تخلص من الملل    هل حرّم النبي لعب الطاولة؟ أزهري يفسر حديث «النرد» الشهير (فيديو)    هل المشي على قشر الثوم يجلب الفقر؟ أمين الفتوى: «هذا الأمر يجب الابتعاد عنه» (فيديو)    ما حكم الكسب من بيع وسائل التدخين؟.. أستاذ أزهرى يجيب    هل يوجد نص قرآني يحرم التدخين؟.. أستاذ بجامعة الأزهر يجيب    «الأعلى للطرق الصوفية»: نحتفظ بحقنا في الرد على كل من أساء إلى السيد البدوي بالقانون    إصابات بالعمى والشلل.. استشاري مناعة يطالب بوقف لقاح أسترازينيكا المضاد ل«كورونا» (فيديو)    طرق للتخلص من الوزن الزائد بدون ممارسة الرياضة.. ابعد عن التوتر    البنك المركزي: تحسن العجز في الأصول الأجنبية بمعدل 17.8 مليار دولار    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    "تحيا مصر" يكشف تفاصيل إطلاق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم قطاع غزة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط.. صور    أفضل أماكن للخروج فى شم النسيم 2024 في الجيزة    اجتماعات مكثفة لوفد شركات السياحة بالسعودية استعدادًا لموسم الحج (تفاصيل)    مصدر أمني ينفي ما تداوله الإخوان حول انتهاكات بسجن القناطر    رئيس تجارية الإسماعيلية يستعرض خدمات التأمين الصحي الشامل لاستفادة التجار    الأمين العام المساعد ب"المهندسين": مزاولة المهنة بنقابات "الإسكندرية" و"البحيرة" و"مطروح" لها دور فعّال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤامرة حقيقية
المومياوات الملكية فى خطر
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 02 - 2015

«اندهشت واندهش ولا أزال مندهشا من ان جهات التحقيق في مصر لم تحقق حتى الآن في اخطر مشروع تعرضت له آثار مصر منذ عام 1952، واندهاشي قائم على ان تحقيقات الآثار التي نفذت في السنوات الأخيرة كانت علي قضايا مبنية علي أدلة ضعيفة, ولكنها أبدا لم تتطرق إلي الجريمة الكاملة التي نفذت علي أجساد أجدادنا المصريين , وستكون لهذه الجريمة أثار خطيرة في المستقبل, ليس فقط علي الأجساد الملكية المصرية, وإنما ستتعلق بالتاريخ المصري القديم ومحاولات سرقته, وستتعلق أيضا بالأمن القومي المصري».
فوجئ المصريون في أواخر السنة الماضية بفيلم وثائقي عن الملك توت عنخ آمون في قناة البي بي سي الأولي بعنوان «حقيقة توت عنخ آمون», وقد قام الفيلم بتشويه الملك توت عنخ آمون , ولم يتحرك احد لملاحقة كل من تسببوا في هذا الفيلم, ولم ينتبه احد ان النتائج المشوهة كانت نتيجة ما حدث في المومياوات الملكية أيام نظام مبارك, وكل يوم نكتشف عن تسرب عينات من الأجساد الملكية, ولم يفكر احد أن يسأل نفسه من الذي سربها؟ وماذا سيفعل بها الذين في حوزتهم الآن؟, وما خطورة ذلك علي الأمن القومي المصري؟, ومنذ شهر ونصف حدث جدل حول مومياء توت عنخ آمون, وفوجئ المصريون بعد أن هدأ الجدل ان اللجنة الدائمة للآثار المصرية اتخذت قرارا بإعادة المومياء إلي مكانها الأصلي في غرفة الدفن بعد ان ظلت تعرض لمدة سبع سنوات في الغرفة الأمامية, ولم يسأل احد نفسه من الذي اتخذ قرار نقلها من غرفة الدفن إلي الغرفة الأمامية بمقبرة توت عنخ آمون؟ وهل قرار إعادتها ناتج من تعرضها للتلف, وهل حوسب المسئولون عن ذلك ؟

وفي الحقيقة شخص واحد حوسب عن مشروع المومياوات الملكية وعما حدث لمومياء توت عنخ آمون وهذا الشخص هو صاحب هذا المقال , وتعرض لكل أنواع الاضطهاد والسخف لأنه واجه من قاموا بالمشروع « الجريمة !» علي مومياوات ملوك مصر وقت تنفيذ المشروع, وأعتقد أن شعب مصر من حقه أن يعلم ما حدث ويعرف القصة من بدايتها , والبداية كانت في شتاء 2003 حينما استيقظ المصريون علي أن مومياء ملكية مصرية كانت خارج مصر وقد نسيها المصريون, ولكن القصة لم تكن كاملة , بل كانت مسرحية تساهم في تغييب المصريين عن الوعي بتاريخهم , وشارك في القصة إعلاميون ورجال أعمال وأثريون من أجل عمل إنجاز وهمي لنظام مبارك , هذه المومياء سميت بأسماء عدة مومياء اطلانطا أو مومياء متحف مايكل كارلوس ولكنها كانت ستدخل مطار القاهرة باسم مومياء الملك رمسيس الأول بالرغم من أن الفراعنة أنفسهم فقدوا مومياء رمسيس الأول ولم يعرفوا مكانها ووضعوا مومياء أخري في تابوت الملك ! , ولولا مقال لي بأخبار الأدب لكان العالم يضحك علي غبائنا وجهلنا بتاريخنا.

من المعروف أن عدد المومياوات الملكية يمصر هو ستة وخمسين مومياء ملكية موزعة بين ثلاثة متاحف وهي المتحف المصري ومتحفا الأقصر والتحنيط بمدينة الأقصر وقد تم الكشف عنها في خبيئتي الدير البحري ووادي الملوك عامي 1881 و 1898, والمومياء الملكية الوحيدة التي توجد بمقبرتها هي مومياء الملك توت عنخ آمون وهي موجودة بمقبرتها منذ اكتشافها عام 1925 , وقد خضعت هذه المومياوات للفحص البصري والأشعة السينية، وآخر فحص تعرضت له المومياوات الملكية كان في عام 1968 وكان بواسطة بعثة مشتركة بين جامعة الإسكندرية وجامعة شيكاغو , ولكن مومياء الملك توت عنخ آمون تميزت بفحصها أربع مرات أخرها كان في عام 1972 بواسطة طبيب الأسنان الأمريكي جيمس هاريس , وكان الهدف الرئيسي من فحص المومياوات الملكية هو الحصول علي معلومات عن أعمار الملوك وأسباب وفاتهم وبيانات عن أجسادهم.



مشروع المومياوات الملكية الجريمة الكاملة!



في أوائل عام 2004 حدث جدل محلي وعالمي حول جدوى فحص المومياوات الملكية التي أعلن عنه المجلس الاعلي للآثار , وبدا للعالم وللمصريين أن هذا المشروع غير مدروس بسبب التخبط وعدم وجود دراسة كاملة عنه , وقد ثار الجدل حول الهدف من الدراسة , وتقنيات الفحص , والقائمين على الفحص , وانتقد الأثريون هذا الفحص وانتقل الانتقاد من أروقة الأثريين إلي الإعلام ولكن ذلك لم يحرك المسئولين بالدولة إلي إيقاف العبث بأجساد ملوك مصر.

وأصر المسئولون بالمجلس الأعلي للآثار علي تنفيذ فحص المومياوات الملكية في هيئة مشروع سمي «مشروع المومياوات الملكية» مع مؤسسة الجمعية الجغرافية الأمريكية , وقد وقع عقد بتنفيذ المشروع يستغرق خمس سنوات وكان العقد قد وقع قبل الجدل الذي دار بين الأثريين وكان في 30 ديسمبر عام 2003 ( 2003 – 2008 ), وانقسم المشروع إلي ثلاث مراحل , وكانت المرحلة الأولي تبحث عن دلائل حول عادة المصريين في التضحية بالبشر, وسميت هذه المرحلة باسم «قربان الدم», والمرحلة الثانية تناولت شخصيات محاربة مثل الملك سقنن رع والملك تحتمس الثالث, وأسمت الجمعية الجغرافية الأمريكية المرحلة الثالثة باسم « نفرتيتي « وهي تتعلق بعائلة الملكة نفرتيتي والتي تضم اخناتون ونفرتيتي نفسها وتوت عنخ امون وابنتيه ووالدة ووالد الملكة تي يويا و تويا وزوجها الملك امنحتب الثالث



مؤسسة غير علمية تفحص المومياوات الملكية



طبقا لقانون الآثار في مصر فان أي حفائر أو مشروع ترميم أو صيانة أو دراسة للآثار المصرية فإنه مسموح لأي معهد أو جامعة مصرية أو خارجية بان تقوم بهذه الدراسة , وذلك بعد ان تستوفي الشروط سواء العلمية أو الأمنية, وكان من الغرابة ان يسمح المجلس الاعلي للآثار بمؤسسة إعلامية ليست لها خبرات علمية بان تقوم بدراسة المومياوات الملكية , ولم تكن مؤسسة الجمعية الجغرافية تعمل تحت غطاء علمي وبالتالي يعد التعاقد معها مخالفتين مخالفة بان يتم التعاقد معها دون العودة إلي مجلس الشعب ومخالفة لقانون الآثار المصرية باعتبارها لا ينطبق عليها الشروط العلمية, وقد يؤدي ذلك في النهاية إلي تدمير للبقايا البشرية التي تخص ملوك مصر , ومن الغريب ان هذه المؤسسة الأمريكية لا تستطيع الحصول علي حق دراسة مومياوات الهنود الحمر في بلدها ولم تجرؤ علي إقامة مثل هذه الدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية, ويضاف إلي ذلك وجود شبهة وأعمال خاصة بين مسئولي الآثار وهذه المؤسسة الأمريكية قبل إقامة الدراسة وأثنائها وحتى الآن , حيث يعمل مسئولو الآثار كمستشار و«مستكشف مقيم» لدي الجمعية الجغرافية الأمريكية وتربطهم صداقة بمسئولي الجمعية مثل تيري جارسيا وتيم كيلي وجون فاهي, وبالتالي تعد هذا مخالفة قانونية.



شركة طبية تسوق لجهازها الطبي علي أجساد الملوك



ومن الأخطاء القانونية التي وقع فيها مسئولو الآثار الذين سمحوا لمشروع المومياوات الملكية هو وجود شركة ألمانية تتخصص في بيع المستلزمات الطبية, وهي التي منحت جهاز الأشعة المقطعية الذي سيستخدم في دراسة المومياوات الملكية, وتقوم هذه الشركة بالدعاية والإعلان عن أجهزتها وهذا يشير إلي أنها ستستخدم جهاز تسوق له عالميا وسيكون ذلك علي أجساد الملوك المصريين , والغرابة ان الشركة ستساهم بنصف منحة الجهاز والجمعية ستساهم في صيانة الجهاز علي مدي خمس سنوات ولم نحاسب الشركة علي قيمة الدعاية التي ستحصل عليها من خلال دراسة الأجساد الملكية.



تعاقد علي إتلاف المومياوات الملكية



ونشرت جريدة الأسبوع في مايو 2005 صورة من التعاقد الذي تم بين المجلس الاعلي للآثار والجمعية الجغرافية الأمريكية والذي وقع بتاريخ 30 ديسمبر عام 2003, وتضمن العقد بنودا خطيرة جدا وخطورتها قائمة علي الأمن القومي المصري وعلي الآثار المصرية والأجساد الملكية, وكان من بنود التعاقد هو إعطاء ملكية جهاز الأشعة المقطعية إلي المجلس الاعلي للآثار وثمنه 750 ألف دولار وتتحمل الجمعية الجغرافية الأمريكية تكاليف صيانة الجهاز وهي 250 ألف دولار, كما تفرض المادة الرابعة من التعاقد علي المجلس الاعلي للآثار إعطاء البيانات المستخرجة من جهاز الأشعة المقطعية للجمعية الجغرافية ويكون للجمعية الجغرافية الحق الكامل لاستغلال البيانات في أي وقت ولا نهاية زمنية, ولا يحق للمجلس الاعلي للآثار الملاحقة القضائية, وتضمنت المادة الخامسة إعفاء الجمعية الجغرافية من أي مسئولية عن أي تلف عارض أو متعمد أو ناتج عن استخدام جهاز الأشعة المقطعية ولا يحق للمجلس الاعلي للآثار الملاحقة القضائية, وفي حالة نقض المجلس الاعلي للآثار بنود الاتفاقية يعيد الجهاز أو يدفع قيمته, وتحكم هذه الاتفاقية قوانين الولايات المتحدة الأمريكية وإقليم كولومبيا



عدم استعداد وفحص متعجل!



بدأ فحص المومياوات الملكية بعد جدل كبير وعدم وجود ضمانات حول سلامة المومياوات الملكية, وانقسم الفحص تقنيا علي مرحلتين وهما مرحلة الأشعة المقطعية ومرحلة تحليل الحمض النووي , وبدأت مرحلة الأشعة المقطعية في أوائل ديسمبر 2004 بشكل سري بعيد عن أعين الإعلام المصري وتم عمل أشعة مقطعية للملوك الموجودين في قاعتي المومياوات الملكية بالمتحف المصري وفي الخامس من يناير 2005 تم تنفيذ عمل الأشعة المقطعية لمومياء الملك توت عنخ امون والمومياوات الثلاثة بمقبرة رقم 35 بوادي الملوك وهي المرأة العجوز و المرأة الشابة والطفل, ويبدو ان الجمعية الجغرافية الأمريكية لم تكن مقتنعة بخبرة المصريين في الأشعة المقطعية فأرسلت تلغرافا لاستدعاء فرانك راؤول بجامعة زيورخ بسويسرا واستدعت كلاً من ادوارد اجرتل و بول جوستنر من ايطاليا وذلك لدراسة صور الأشعة المقطعية, ويبدو ان المشروع لم يكن مدروسا بسبب استدعاء هؤلاء المتخصصين وبسبب الجدل في الاستعانة بالأجانب استدعي المجلس الاعلي للآثار تليفونيا الدكتور اشرف سليم للاستعانة به وإسكات المنتقدين والإعلام المصري.



مرحلة تحليل الحمض النووي لملوك مصر



لم تكن مرحلة تحليل الحمض النووي ضمن التعاقد مع الجمعية الجغرافية الأمريكية وإنما مع مؤسسة إعلامية أخري وهي قناة ديسكفري وهذا خطأ أخر, ويعد هذا هو الأخطر لان عينات الحمض النووي لملوك مصر في أيدي مؤسسة إعلامية أجنبية, وقد اجبر مسئولي الآثار المصريين علي هذه الاتفاقية بعد ان بدأت الصحف الإنجليزية تشكك في التعاقد مع الجمعية الجغرافية الأمريكية, وسمح للإنجليز بالدخول في اتفاقية جديدة علي أجساد ملوك مصر, وتدور هذه الاتفاقية علي إقامة معمل للحمض النووي في المتحف المصري بتكلفة 2 مليون دولار مقابل التصوير والمشاركة في تحليل الحمض النووي لملوك مصر, وللمرة الثانية لم تثق قناة ديسكفري في خبرة المصريين في الحصول علي عينات من المومياوات الملكية وتحليلها, واستدعي منتج قناة ديسكفري براندو كويلتشي الانثربولوجية المتخصصة في مومياوات الانكا وهي انجيليك كورثالز والتي لم يكن لديها وقت فرشحت مكانها البرت زنك مدير معهد المومياوات بايطاليا, وبدأت المرحلة بمومياء حتشبسوت ونجحت قناة ديسكفري في عمل فيلمين وثائقيين عن حتشبسوت ونفرتيتي في يوليو 2007 وقد جنت منهما أرباحا خيالية, ولكن المثير في مرحلة الحمض النووي هو ما حدث في 24 فبراير عام 2008 وهو العينات التي أخذت من مومياء توت عنخ آمون والمومياوات الثلاثة في مقبرة رقم 35 السالفة الذكر, فقد تم الحصول علي ثلاثة عينات من كل جسد, ويعد هذا غريبا لأنه من المفترض انه يتم الحصول علي عينة واحدة, وهذا يفرض تساؤلاً لمن تكون العينات غير عينة الدراسة وهل تم اخذ ثلاث عينات من كل مومياء ملكية؟, ولم تستفد مصر من هذه المرحلة سوي عشرة صفحات تم نشرهما في دورية الجمعية الطبية الأمريكية في 17 فبراير عام 2010 , ولم تكن هناك دراسة كاملة عن هذه المرحلة.



فحص مومياء توت عنخ آمون وتعريضه للتلف



ومن المومياوات التي نالت اهتماما في مشروع المومياوات الملكية هي مومياء الملك توت عنخ امون, وتم فحص مومياء توت عنخ امون بالأشعة المقطعية وتحليل الحمض النووي, ونفذ الفحص بالأشعة المقطعية في الخامس عشر من يناير 2005, ونفذ الفحص بتحليل الحمض النووي في عام 2008 , وفي الخامس من يناير 2005 تم فحص مومياء الملك توت عنخ آمون في جو غير ملائم, وكانت هناك عاصفة ورياح وأمطار أثناء نقل جسد الملك من المقبرة وإدخاله في العربة المتحركة التي كانت تضم جهاز الأشعة المقطعية, وسوف تبدو في المستقبل أثار هذه العملية وهذا الفحص.



نتائج المشروع الخطير لدراسة مومياوات ملوك مصر



ومن أهم النتائج التي نتجت عن المشروع الخطير هو ما حدث في أواخر السنة الماضية, حيث أنتجت القناة الأولي بهيئة الإذاعة البريطانية فيلما وثائقيا عن توت عنخ آمون , وقرار اللجنة الدائمة بإعادة مومياء الملك توت عنخ آمون إلي تابوت الدفن بعد ان نقله المجلس الاعلي للآثار إلي الغرفة الأمامية بمقبرة الملك منذ سبع سنوات.

في أواخر 2014 بثت قناة بي بي سي 1 فيلما وثائقيا بعنوان «حقيقة توت عنخ آمون» , وكان الفيلم مشوها لشكل ولسيرة الملك توت عنخ آمون, وأقامت القناة بما يسمي « الفحص التقديري» لمومياء الملك باستخدام تقنية الحاسب الآلي, واعتبرت القناة توت عنخ آمون بأنه ولد ب «زنا المحارم» بالزواج بين أخ وأخت, وهما الملك اخناتون ونفرتيتي, وهذه احدي النتائج التي توصل لها مشروع الجمعية الجغرافية الأمريكية , وشارك في الفيلم الوثائقي مصريون كانوا أعضاء في مشروع الجمعية الجغرافية مثل الدكتور المصري اشرف سليم المتخصص في تقنية الأشعة المقطعية و البرت زنك مدير معهد المومياوات بايطاليا, ولكن اخطر ما جاء في الفيلم الوثائقي هو ما قاله ألبرت زنك والذي أشركه المجلس الاعلي للآثار في مرحلة تحليل الحمض النووي لملوك مصر, وأكد زنك في الفيلم الوثائقي حصوله علي عشر عينات من المومياوات الملكية, ومن الغريب ان يطلب الدكتور زاهي حواس في تصريحات حول الفيلم الوثائقي التحقيق في هذا الموضوع وهو الذي سمح له بالاشتراك في مشروع المومياوات الملكية ولكني أؤيده بفتح التحقيق في هذا المشروع الذي يعد الأخطر منذ تسلم المصريين إدارة الآثار منذ عام 1952.

وفي ديسمبر 2014 قررت اللجنة الدائمة للآثار المصرية إعادة مومياء توت عنخ آمون إلي مكان دفنها الأصلي وهو التابوت الموجود بغرفة الدفن بمقبرة الملك توت عنخ آمون والتي بقيت به لمدة ثلاثة ألاف عام منذ 1323 ق م وحتى 2007 م, وبقيت المومياء محتفظة ببيئتها الأصلية طوال هذه السنين ولكن المجلس الاعلي للآثار نقلها في شهر نوفمبر عام 2007 إلي فاترينة زجاجية بالغرفة الأمامية بنفس المقبرة, وبالتالي أصبحت المومياء عرضة لدرجة الحرارة العالية ودرجة الرطوبة التي تصل إلي 80 % نتيجة لعدد الزوار الذين يقومون بزيارة المقبرة, وظلت مومياء الملك توت عنخ آمون تتعرض لأخطار التلف والتدمير طوال سبع سنوات لان فاترينة العرض لم تكن مطابقة للمواصفات وكلفت الدولة 300 ألف جنيه ولا تستحق أكثر من خمسة ألاف جنيه طبقا للمستندات ويجب محاسبة الأعضاء الذين أكدوا أنها مطابقة للمواصفات , كما ان ماكينة تغيير الهواء غير صالحة ولا تعمل وهي أيضا كلفت الدولة نصف مليون جنيه , ولكن الأخطر هو التدمير المباشر للمومياء بإصدار قرار نقلها من التابوت وعرضها في الغرفة الأمامية , وقرار اللجنة الدائمة بإعادتها إلي التابوت لصيانتها يعني أنها تعرضت إلي أخطار التلف بل وشكلت اللجنة الدائمة لجنة زارت المقبرة ودرست أوضاع المومياء في الشهر الماضي , ويتكون أعضاؤها من الدكتور غريب سنبل والدكتور يوسف خليفة والسيدة سامية ميرغني والتي شاركت في لجنة مطابقة مواصفات فاترينة العرض.

ما حدث في المومياوات الملكية هو جريمة يستحق عليها العقاب لان المومياوات الملكية هي تراث يخص المصريين والإنسانية , ولم تكن حقل تجارب من اجل شهوة إعلامية أو مجد وهمي, وأطالب جهات التحقيق بفتح هذا الملف الذي يدل علي أوهام نظام مبارك, والذي شارك في تدمير جزء من التاريخ المصري , وسرب عينات الملوك المصريين والتي أصبحت الآن في أيدي من يستطيعون سرقة التاريخ المصري بأدلة, ويستطيعون تشويه تاريخ المصريين , وقد بدأ هذا التشويه في أواخر السنة الماضية , وسيستمر طالما لم تكن هناك محاسبة أو عقاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.