تحولا إلي حيوانات ضالة تبحث عن فريسة تنهشها في الشوارع غير مبالين بعد أن أصبح الحرام يجري في جسديهما مجري الدم يمزقان الأجساد, ويقبضان الأرواح من أجل جنيهات قليلة. محمود سائق التوك توك البسيط استدان حتي يستطيع شراءه, و ينفق علي والدته و اشقائه بعد وفاة والده, وظل يجتهد ويعمل ليل نهار من اجل سداد ديونه, وبالكاد كان يتمكن من القيام بمهامه متحاملا علي نفسه, و لا ينام إلا ساعات قليلة إلا أن زبانية البشر و آكلي الحرام لا يريان سوي الفريسة ينقضان عليها فلا يتركاها إلا جثة هامدة, وكان محمود هو آخر ضحاياهما تاركا خلفه أسرة فقدت عائلها الوحيد تواجه أمواج الحياة العاتية بدون عائل بعد أن قتله كلاب الشوارع. خرج محمود من منزله كعادته في الصباح طالبا من امه أن تدعو له أن يرزقه الله برزقه ورزق أشقائه من خلال عمله علي التوك توك الذي استدان ثمنه من أقاربه و أصدقائه, حيث يخرج من منزله في الصباح, و لا يعود إلا في ساعة متأخرة من الليل يجوب شوارع الجيزة بحثا عن لقمة العيش وأثناء سيره بجوار شارع الهرم استوقفه شخصان, و طلبا منه أن يوصلهما إلي منطقة كرداسة, ولم يكن يعلم أنه المشوار الأخير في الوقت الذي ظل فيه الذئبان يخططان لجريمتهما طوال الطريق ينتظران الوقت المناسب لينقضا علي الفريسة حتي وصلا إلي منطقة نائية خالية من المارة و طلبا منه التوقف, و نزل أحدهما, بينما فوجئ محمود بالثاني ينقض عليه من الخلف ليتبين هنا أنه وقع فريسة, وكاد قلبه يتوقف فطلبا منه أن ينزل ويترك التوك توك لتدور به الدنيا,هل يترك التوك توك الذي استدان من كل من يعرفه لشرائه, و لم يسدد ثمنه حتي الآن, هل يترك رزق أشقائه الذين لا مصدر له سواه, فأبي و رفض لتبدأ مشاجرة وشد جذب, إلا أن الذئبين لم يباليا بكل هذا فهما لا يشاهدان سوي الفريسة التوك توك, و ثمنه الذي سوف يشتري لهما المخدرات و يقضيا بثمنه ليلية كيف, وفي دقائق معدودة و باحتراف و اتقان قاما بخنقه بشال كان بحوزة أحدهما ليسقط علي الأرض جثة هامدة ثم يلقيان بالجثة بجوار الترعة, وكأنه كلب قتلاه ويستوليان علي التوك توك و يهربان دون أن يشعرا بتأنيب الضمير, وعلي الفور توجها إلي عميلهما الذي هو شريكهما ليشتريه منهما, و هو يعلم بسرقته, و لا يفكر سوي في مكسب من المال بصرف النظر عن انه حرام أم حلال, و يعطيهما خمسة آلاف جنيه يقتسمانها, و يتوجهان علي الفور لتاجر المخدرات حتي يشتريا الكيف.. ياله من ثمن بخس لحياة الإنسان في هذا العالم الرخيص الذي لا يعرف أصحابه سوي الحرام و المخدرات التي غيبت العقول, و جعلت كل شيء مباحا من اجل الحصول عليها. وعلي الجانب الآخر ظلت والدة محمد و أشقاؤه ينتظرونه كعادتهم كل يوم إلا أن انتظارهم طال حيث لم يعدحتي الآن, وبقلب الأم دب الخوف فيه فطلبت من أولادها الاتصال بشقيقهم إلا أن الجانيين كانا قد استوليا علي الموبايل و أغلقاه لينزل أشقاء محمد الأطفال يستغيثون بأقاربهم وأصدقائه للبحث عنه حيث جابوا شوارع المنطقة والمناطق المحيطة بها, و لكن دون جدوي يوما كاملا من البحث, و كاد قلب الام ينفطر من البكاء و الصراخ بحثا عن محمد, و لكن دون جدوي حتي تلقت اتصالا من مستشفي الهرم ليصطحبها أقاربها إلي المستشفي و يذهبوا معتقدين أن محمد قد أصيب في حادث ليجدوه جثة هامدة فتصاب الأم بحالة هيستيرية من البكاء والصراخ و العويل و تصاب بإغماءات, فقد فقدت ابنها فلذة كبدها وعائلها و يكتشفون أن الأهالي قد عثروا عليه ملقي بجوار ترعة المنصورية بمنطقة كرداسة, و تبين من الكشف الطبي أن مجهولين قاموا بخنقه ولا يعلمون انهم قتلوا أسرة بأكملها من أجل المخدرات. حيث تلقي اللواء محمود فاروق مدير الادارة العامة لمباحث الجيزة إخطارا من المستشفي بالواقعة, و من خلال فريق بحث أشرف عليه اللواء جرير مصطفي مدير المباحث الجنائية بالجيزة, تم التوصل إلي مرتكبي الجريمة.