42 حزبا سياسيا: مناقشة الحوار الوطنى العدوان الإسرائيلي على رفح يؤكد اصطفاف الجميع خلف القيادة السياسية    جامعة كفر الشيخ تفوز بالمركز الأول ب النسخة 12 لمهرجان إبداع ب الدوري الثقافي المعلوماتي    في عامه ال 19.. المدير التنفيذي لبنك الطعام: صك الأضحية باب فرحة الملايين    تفاصيل اجتماع وزير الداخلية ونظيره الفلسطيني    تأييد حبس أحمد طنطاوي سنة في قضية التوكيلات المزورة    الحكومة تدرس التحول إلى الدعم النقدي بدءًا من 2025-2026    فيتو تكشف في عددها الجديد، صحة المصريين.. خط أحمر    محافظ كفرالشيخ يتفقد أعمال تطوير وتوسعة شارع صلاح سالم بعاصمة المحافظة    مجلس جامعة أسوان يناقش سير امتحانات الفصل الدراسي الثاني لعام 2024/2023    رئيس "أميدا": نعتزم تدشين مركز استراتيجي في مصر لحفظ بيانات الدول الأعضاء    المراكز التكنولوجية بالشرقية تستقبل 11 ألف طلب تصالح في مخالفات البناء    منظمة الأغذية والزراعة: مصر العاشر عالميا في إنتاج زيت الزيتون    هيئة الرقابة المالية: اعتماد صندوق تأمين العاملين بشركة مصر للأسواق الحرة    القوات المسلحة: نجري تحقيقات في حادث إطلاق النيران بمنطقة الشريط الحدودي في رفح    المدعية العامة العسكرية الإسرائيلية: الغارة الجوية الأخيرة على رفح خطيرة للغاية    تاكيدا ل «المصري اليوم».. الزمالك يكشف هوية خليفة حلمي    فينيسيوس: مباراة بوروسيا دورتموند فريدة وعلينا البدأ بقوة منذ البداية    تجديد حبس المتهمين بالاعتداء على سائق وسرقته فى الجيزة 15 يوما    بتهمة الشروع في القتل.. المشدد 15 عامًا لتاجر في شبرا الخيمة    توقعات بمواعيد مختلفة لعيد الأضحى 2024 في العالم الإسلامي    حبس مدير أعمال الراحل حلمي بكر 3 سنوات وكفالة 50 ألف جنيه.. فيديو    كسر بالكتف والقدم.. وفاء عامر تكشف تفاصيل تعرضها لحادث خطير    "شو هالاجرام الإنسانية ماتت".. إليسا تعلق على مذبحة رفح    جامعة المنوفية تحصد مراكز متقدمة بمسابقة «إبداع 12»    يسرا: الفنانة الراحلة فاتن حمامة امرأة استثنائية بمعنى الكلمة    قص الأظافر ووضع المعطرات.. دار الإفتاء تحذر الحجاج من ارتكاب هذه الأفعال    حياة كريمة.. تقديم خدمات طبية مجانية لأهالى بيلا فى كفر الشيخ    حياة كريمة.. قافلة طبية شاملة لأهالى قرية "الشهيد الخيري" بالقنطرة غرب    لأصحاب الرجيم.. طريقة تحضير بيتزا توست بالفلفل الرومي    بدء الفعاليات التمهيدية للترويج لافتتاح النسخة الرابعة لحملة «مانحي أمل» في مصر    "متنورش العالي".. صبري فواز يكشف عن نصيحة لطفي لبيب له    إسكان البرلمان توصي بتشكيل لجنة لمعاينة مشروع الصرف الصحي في الجيزة    إعصار مدمر يضرب الهند وبنجلاديش.. مشاهد صادمة (فيديو)    قرارات جديدة بكلية الحقوق جامعة عين شمس 2024    وزير الإعلام البحرينى: العلاقات بين مصر والبحرين تتميز بخصوصية فريدة    بالصور: ياسر سليمان يطرب جمهوره بأغاني محمد رشدي على مسرح الجمهورية    سموحة يغلق ملف الدوري «مؤقتاً» ويستعد لمواجهة لافيينا فى كأس مصر غدًا    «الشيوخ» يناقش سياسة الحكومة بشأن حفظ مال الوقف وتنميته    يغسل الذنوب.. تعرف على فوائد أداء مناسك الحج    رفع الرايات الحمراء على شواطئ غرب الإسكندرية بسبب ارتفاع الأمواج    موعد رحيل جوارديولا عن مانشستر سيتي    وزير الرياضة يُشيد بنتائج التايكوندو في الألعاب الأوروبية ورفع الأثقال ببطولة العالم    «الداخلية»: تنظيم حملة للتبرع بالدم بقطاع الأمن المركزي    وزير الإسكان يتابع مشروعات تجديد أحياء القاهرة الإسلامية والفاطمية بالقاهرة    شريف العريان: لن أخوض انتخابات رئاسة اتحاد الخماسي الدورة المقبلة    رئيس لجنة الشئون الخارجية بالكونجرس الأمريكي: ملتزمون بدعم تايوان على جميع المستويات    أكثر من ألفي شخص دفنوا أحياء جراء الانهيار الأرضي في بابوا غينيا الجديدة    بينهم مصر.. زعماء 4 دول عربية يزورون الصين هذا الأسبوع    ضبط لصوص سرقوا دولارات من تجار بالسوق السوداء    وزير الصحة يدعو دول إقليم شرق المتوسط إلى دراسة أكثر تعمقا بشأن مفاوضات معاهدة الأوبئة    موعد وقفة عرفات 2024 وأهمية صيام يوم عرفة    لليوم الثاني.. تجهيز 200 شاحنة تمهيدا لإدخالها إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم    تحرير 1365 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    جامعة القاهرة تحصد 22 جائزة فى المجالات الأدبية والعلمية بمهرجان إبداع    سيد معوض ينصح الأهلي برفع جودة المحترفين قبل كأس العالم 2025    هل حج الزوج من مال زوجته جائز؟.. دار الإفتاء تجيب (فيديو)    كولر: لم أستطع الفوز على صنداونز.. لا أحب لقب "جدي".. والجماهير تطالبني بال13    متى عيد الأضحى 2024 العد التنازلي| أفضل الأعمال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعانى السياسية للمؤتمر الأمريكى

انتفض العالم الغربى رفضاً للعملية الإرهابية «شارل ابدو»، وعبرت معظم دول العالم عن وقوفها إلى جانب فرنسا ورفضها للعملية، وشاركت وفود من دول عربية وإسلامية فى المظاهرة التى شهدتها باريس وتصدرها الإرهابى نيتنياهو فى مفارقة عجيبة، ولم تشارك الولايات المتحدة فى هذه التظاهرة، ولو بصورة رمزية، فى موقف لافت، وبدلاً من ذلك دعا الرئيس الأمريكى إلى مؤتمر دولى للإرهاب يُعقد فى الولايات المتحدة فى 18 فبراير، ولا شك أن هذه التطورات فى مجملها تثير العديد من الملاحظات التى من أهمها:
أن العملية الإرهابية تكشف عن قصور واضح فى أداء أجهزة المخابرات الفرنسية والغربية، فالمعلومات متوافرة، ولكن هناك نقص واضح فى الخبراء الذين لديهم القدرة على ربط الخطوط ببعضها وتوقع مسارات عمل الإرهابيين، وقد أكدت مصادر مختلفة أن المخابرات المغربية والجزائرية قد قدمت معلومات وفيرة للمخابرات الفرنسية عن خلايا إرهابية يشارك فيها عناصر من أصول تنتمى للدولتين وتم إجهاض بعض العمليات تبعاً لذلك، كما أن الإرهابيين الذين قاموا بالعملية مدرجون على القائمة الأمريكية «تايد» والتى تشمل حوالى مليون عنصر تعتبرهم واشنطن إرهابيين محتملين ويُحظر ركوب أى منهم طائرات تتجه إلى أمريكا، وتتم متابعتهم دورياً والتنسيق بهذا الخصوص مع أجهزة مخابرات متعددة.
أن العالم الغربى ومن بينه فرنسا يجنون ثمرة ما يقومون به فى سوريا، وما قاموا به فى ليبيا، فرغم أن المعركة فى سوريا تقوم بين نظام الحكم، ومعارضة عسكرية أكثر من 80% منها منقسم ما بين تنظيم داعش الذى يسيطر على محافظات الرقة ودير الزور ومناطق فى ريف حلب، وكذلك تنظيم النصرة المرتبط بتنظيم القاعدة ومعه عدد من التنظيمات الإرهابية الأخرى المرتبطة بالقاعدة أيضاً، ويسيطر على ريف إدلب وريف حلب ومناطق فى حلب وحمص وغوطة دمشق ودرعا، إلا أن الغرب مازال يتجاهل ذلك تماماً، وأصبحت سوريا مركزاً لتدريب وتأهيل الإرهابيين، ورغم الحملة الدولية على الإرهاب التى قامت بحوالى 1750 ضربة جوية على داعش فى العراق وسوريا، مازال التنظيم يتمدد فى سوريا ووصل إلى الحدود مع لبنان، كما وصلت بعض خلاياه إلى درعا، كما أن تنظيم النصرة الذى أعلنت واشنطن أنه مستهدف كتنظيم إرهابى مع داعش، لم توجه إليه سوى ضربة جوية واحدة محدودة، ومنذ بداية الحملة تمدد هذا التنظيم ونجح فى تصفية ما يسمى بالفصائل العسكرية المعتدلة (تنظيم ثوار سوريا- وتنظيم حزم)، واللافت للنظر أن كلاً من واشنطن ولندن وباريس تتولى عمليات تدريب لمجموعات عسكرية بهدف إسقاط النظام السورى الذى لا يزال يستعصى على السقوط.
الواضح أن الميدان الإرهابى فى سوريا والعراق اجتذب خلال العامين الأخيرين وحسب تقديرات مصادر أمريكية وأوروبية متخصصة أكثر من 15 ألف متطرف من بينهم حوالى 1200 فرنسى، يتم تدريبهم فى ذلك الميدان، وقد عادت مجموعات منهم إلى دولها خلال الشهور الأخيرة. كما أن تنظيمات الإرهاب فى سوريا والعراق بدأت تستخدم استراتيجية جديدة تُعرف بالذئاب المنفردة، أو المستوحدة والتى تتلخص فى قيام فرد أو اثنين من العناصر الإرهابية الأكثر تأهيلاً بالعودة إلى بلادهم وإعداد وتنفيذ عمليات إرهابية دون إنشاء خلايا أو إجراء إتصالات بمجموعات أخرى وهو ما زاد من صعوبة المتابعة وتحقيق المفاجأة، وهو ما حدث فى عملية المجلة الفرنسية، وهكذا تعقدت عملية المتابعة اليومية للإرهابيين.
الحاصل أن الولايات المتحدة لا يعنيها وقف نزيف الدم فى سوريا، ولا زالت لديها رؤية إستراتيجية ترتكز على أن استمرار الصراع فى سوريا سيجذب إرهابيى العالم إلى هناك بعيداً عن المصالح الأمريكية والغربية، وعندما امتد الإرهاب إلى العراق وهدد مصالحها الإستراتيجية صاغت التحالف الدولى لمواجهته، ولم تتحرك مسبقاً لمواجهة نفس التنظيم الذى مارس الإرهاب فى سوريا قبل ذلك بسنتين والسؤال الآن ما الذى تريده واشنطن من عقد المؤتمر الدولى للإرهاب الذى دعا إليه الرئيس الأمريكي؟
هناك ما يسمى بحملة أمريكية على الإرهاب منذ سبتمبر 2001، وهناك إجراءات أمنية ومالية وسياسية لتجفيف منابع الإرهاب، وبتنسيق دولى مع معظم دول العالم بهذا الخصوص، لم تدرك الولايات المتحدة حتى الآن أن مواجهة الإرهاب يجب أن تكون مواجهة شاملة، ولقد كان موقف مصر والرئيس السيسى واضحاً بهذا الخصوص، فإذا كان هناك إرهاب فى سوريا والعراق يجب مواجهته فهناك أيضاً إرهاب فى ليبيا واليمن ومصر يجب أن يُدرج ضمن هذه الحملة دون تمييز ودون إرتباط بمصالح ضيقة، وحتى لا تتكرر تجربة أفغانستان عندما رعت المخابرات المركزية بناء ودعم تنظيم القاعدة، وعندما سُئل مستشار الأمن القومى الأمريكى آنذاك بريجنسكى عن ذلك أجاب بأن الأولوية هى لإسقاط الاتحاد السوفيتى ونجحوا فى ذلك تحقيقاً لمصالحهم، وتركوا للعالم وحش الإرهاب الذى مازال ينتشر رغم كل الإجراءات الأمريكية.
وفى تقديرى أن واشنطن غير جادة فى مواجهة تنظيمات الإرهاب فى سوريا وأن استراتيجيتها ترتكز على استمرار الصراع حتى يتم تدمير الجيش السورى تأميناً لإسرائيل، وأنها لا تعرف حتى الآن من الذى يمكن أن يملأ الفراغ الذى يترتب على القضاء على داعش فى العراق إذا تم القضاء عليه، أى أنه رغم كل الجهود والدعاوى الأمريكية والغربية سوف يبقى الصراع فى سوريا والعراق، مستمراً للعامين القادمين وستبقى المنطقة ميداناً لتفريخ وتدريب الإرهابيين الذين سيزداد تهديدهم للأمن القومى فى الدول الأوروبية وغيرها وهو ما يفرض على مصر، ضرورة التمسك بموقفها الحالي، وأن يطرح الرئيس السيسى ورقة على المؤتمر الأمريكى تؤكد ثوابت الموقف المصرى وأن الذين يحتاجون مصر للمشاركة فى حملة دولية على الإرهاب عليهم أن يشاركوا مصر فى حملتها على الإرهاب فى سيناء، وأن تتحمل الدول التى أسقطت الدولة الليبية مسئولية مواجهة الإرهاب هناك والذى يهدد المنطقة كلها وأن مصر وهى تستنكر أيه عمليات إرهابية أو أى تهديد للمدنيين أو الأمن فى أى دولة فى العالم ترى أن عدم حل القضية الفلسطينية يساهم فى توفير مناخ للتطرف، كما أن تغذية الصراع المذهبى يعتبر رافداً للتطرف.
وأن مناخ الكراهية والاستفزاز وبما يمس المقدسات الإسلامية تحت دعاوى حرية الرأى والتعبير وكلها قضايا يجب أن تُناقش بموضوعية لاستئصال جذور الإرهاب، كما قد يكون من المفيد أن تتضمن الورقة المصرية ضرورة بلورة موقف دولى قوى وشامل تجاه التنظيمات والمؤسسات والشخصيات التى تحرص على الإرهاب وضرب الاستقرار ومؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والمدنية، وتجريمهم واتخاذ مواقف دولية واضحة تجاههم، ومحاصرة أنشطتهم وعدم إيوائهم.
المؤتمر كما هو متوقع سيكون مؤتمراً أمريكياً وليس دولياً بالمعانى المتعارف عليها، رغم تعدد المشاركين، لن يتم خلاله الاتفاق على المقصود بالإرهاب، لكن سيلتزم بالتعريف الأمريكى للإرهاب الذى يتجنب الإشارة لإرهاب الدولة الذى تمارسه إسرائيل بالتحديد.
ولاشك أن ما رشح حتى الآن عن جهود الإعداد للمؤتمر المذكور يوحى أنه يسعى لتبنى استراتيجية تكفل تبادل أكثر اتساعاً وتنظيماً والتزاماً بتبادل المعلومات الاستخبارية عن العناصر والمجموعات المشكوك فى صلتها بتنظيمات الإرهاب وكيفية إقرار نظام أكثر صرامة لتأمين الدول الأوروبية والولايات المتحدة من الاختراقات الأمنية، ورقابة تتجاوز قوانين بعض الدول لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي.. قضية المؤتمر الأساسية إذن هى كيفية توفير الأمن لتلك الدول.
الكثير من المراقبين يرجحون أن يكون المؤتمر الأمريكى تظاهرة تؤكد خلالها واشنطن رؤيتها للإرهاب الدولى وتسعى من خلاله لدعم حملتها فى العراق التى لا تزال محدودة النتائج، ورغم ذلك يبقى هذا المؤتمر بسلبياته المتوقعة فرصة تؤكد من خلالها مصر على استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب التى بدأت بدعوة الرئيس السيسى للأزهر والعلماء بتجديد الخطاب الدينى، ووقف تدفق الأسلحة والدعم المالى لتنظيمات الإرهاب فى كل من سوريا وليبيا واتخاذ مواقف أكثر وضوحاً ضد التنظيمات الإرهابية فى ليبيا واليمن، وهى مواقف، تعيد مصر إلى دورها الإقليمى كطرف مستقل وغير متورط فى سلبيات ما يجرى فى الإقليم وتؤكد حضورها الدولى.
لمزيد من مقالات د. محمد مجاهد الزيات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.