مرّت قرابةُ عامٍ. فعدتُ إلى المعركةِ، موقعِها، إلى طيرِها المتمرّس على طيّ أجنحتهِ بحركة رفعٍ حاذقٍ لحاجبٍ مندهش، أو ربما فرد أجنحتهِ كحدّ الموسَى، هي الآن ظلٌّ من بواكيرِ الشفق، هي الآن حالةُ دمٍ متخثّر. يطنّ موقعُها ببيع بقايا كاحليك، برونزُ صفائحِ الصدرِ قد سَوّدتهُ الشمسُ، ضحكٌ ميّتٌ، كدمات، إشاعات عن ذخائرَ طازجةٍ، ذكرياتٌ عن خياناتٍ عالية، ألويةٌ مغسولة برسومٍ لكثيرينَ قد نهضوا من زمان. كلّه نما مع الناس. نمطُ الحطامِ المعماريّ عسيرٌ. ومقاصدُ القلوبِ كهفٌ ملطّخٌ بالسوادِ. ليس عظيماً؛ ليس عظيماً حتى يخيفَ، فنتصادم ثانيةً كالبَيضِ الأعمَى في مكانٍ ما. عندَ الغروبِ، حين لا ينظرُ أحدٌ في وجهِ الآخر، أبدأ غالباً سيري على قدمَيّ إلى أثرٍ مندثرٍ، بأحلامٍ شريرةٍ ساطعةٍ مُطوّلَة. أرى سطراً بقاعدةٍ منحوتةٍ "الآمر المسئول". يُقرَأُ تحته: "الحزينُ" أو "المُطّلعُ" أو "الهالك".