جاءت زيارة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إلي سنغافورة والاستقبال الرسمي والشعبي الذي حظي به، وبروتوكولات التعاون بين مشيخة الأزهر ووزارة الخارجية، لتطرح تساؤلا ت حول سبل استعادة مصر لدورها الخارجي وإحياء دور المؤسسة الأزهرية التي تحظي بمكانة رفيعة في قلوب المسلمين في مختلف قارات العالم؟ الأزهر ودار الإفتاء يؤكدان أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من العمل الدعوي الخارجي لتصحيح صورة الإسلام في الغرب، وذلك بإرسال القوافل الدعوية الي مختلف القارات وطبع كتب بعدد من اللغات وتوزيعها من خلال سفاراتنا في الخارج، والتنسيق بين الأزهر ودار الإفتاء ووزارة الخارجية لأحياء دور البعثات الأزهرية الخارجية في أفريقيا والغرب. بينما يري البعض من داخل المؤسسة الأزهرية أن الاتفاقيات والبروتوكولات التي وقعت بين الأزهر ودار الإفتاء ووزارة الخارجية لتصحيح صورة الإسلام في الخارج بحاجة إلي تفعيل حقيقي علي أرض الواقع حتي لا تكون حبرا علي ورق. وطالبوا بضرورة تكوين غرفة عمليات من الخارجية والمؤسسات الدينية لمتابعة التطورات في الدول الأوربية والإفريقية والعربية, وتقديم تقرير مفصل عما يجري من أحداث للأزهر الشريف حتي يستطيع أن يكون هناك مواجهة للأفكار المتطرفة والمحاولات المتكررة للإساءة إلي الإسلام. جهاز إعلامي إسلامي في البداية يؤكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن الأزهر الشريف وعلماءه لهم مكانة عظيمة في نفوس مسلمي العالم، مما يؤهله ليكون قوة ناعمة ومؤثرة في كل الدول الإفريقية والعربية والآسيوية والإسلامية التي جاء أبناؤها للدراسة في الأزهر طلابًا للعلم، وعادوا إلي بلادهم مفتين وعلماء دين ووزراء ورؤساء حكومات لا تكاد تخلو منهم دولة. وبعد عودتي من زيارتي لسنغافورة، الخميس الماضي، أعلنت أن دار الإفتاء ستبدأ مشروعًا عالميًّا لتصحيح صورة الإسلام بالخارج عبر قوافل من علماء الدار إلي القارات الخمس، لنشر الفكر الصحيح، وتوضيح العديد من المفاهيم التي يستغلها المتطرفون وأعداء الإسلام في تشويه صورة الإسلام والمسلمين في الخارج وسوف تكون المحطة القادمة في أوروبا. وكذلك سيتم إنشاء جهاز إعلامي إسلامي للبحوث لرصد وتحليل واقع ما يقدم عن الإسلام والمسلمين في وسائل الإعلام الغربية والذي أصبح أمرًا ضروريًّا لإظهار الحقائق أمام الرأي العام في الخارج في ظل ما يتعرض له الإسلام من هجمات، كما أنه يوجد هناك أيضًا أقليات إسلامية في الخارج لها قضاياها الدينية التي تريد الإجابة عنها، وهذا من واقع دورنا أيضًا. كما قررنا إعداد الدراسات العلمية والحقائق التي يعتمد عليها في الرد علي ما يقدم من صور مشوهة أو إساءة تتعلق بالمسلمين وثقافتهم ودينهم، فضلًا عن إنتاج برامج تخاطب الغرب باللغات الأجنبية وطرح رؤية مستقبلية في مواجهة تشويه صورة الإسلام والمسلمين، وتفعيل دور الاتصال المباشر في مواجهة الصورة السلبية عن الإسلام والمسلمين في الغرب. خطة الأزهر من جانبه أوضح الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، أنه يجري حاليا الإعداد لحملة إسلامية مضادة لمواجهة حملات الإساءة للإسلام في الدول الغربية تحت عنوان دعوة للتسامح لإظهار سماحة الدين الإسلامي، وذلك بإصدار عدد من الكتيبات بلغات مختلفة في مقدمتها الإنجليزية والفرنسية والألمانية، تعرف تعريفا مبسطا للقارئ العادي بالإسلام ومبادئه السمحة، وتنشر قيم العدالة والسماحة والتعايش السلمي بين كل مكونات المجتمعات، وسترسل هذه الكتيبات خلال أسابيع قليلة إلي سفاراتنا العاملة في الخارج لاسيما في الدول الغربية، لتتولي إتاحتها للناس هناك، خاصة في المراكز الثقافية والعلمية. وقال إن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، اتفق مع السفير سامح شكري وزير الخارجية، علي إعداد تصور للتنسيق بين الأزهر ووزارة الخارجية في إمداد الدول الإسلامية بالقوافل والبعثات الدعوية الأزهرية لنشر المنهج الوسطي الأزهري المستنير وتصحيح صورة الإسلام في الخارج. وتنفيذ مجموعة من الجولات الخارجية للإمام الأكبر شيخ الأزهر لآسيا وإفريقيا وأوروبا بما يُسهِم في إعلاء قيم ومبادئ الإسلام الحنيف ودحض الأفكار المتطرفة وتحري المفاهيم المغلوطة. كما سنطالب الغرب بإعادة النظر في الأشخاص القائمين علي الخطاب الدعوي عندهم حيث إنهم في الغالب الأعم ينتمون إلي جماعات متشددة تعتنق فكرا واحدا ومنهجا متشددا لا يتوافق مع منهج الأزهر الوسطي، ولذا فإننا لم نستقبل أي شكوي من دعاة الأزهر الذين يعملون في كثير من بلاد العالم شرقا وغربا بخلاف هؤلاء الذين لا ينتمون إلي الأزهر الشريف، فوعاظ الأزهر في بلاد الغرب عددهم قليل حيث لا يتجاوز في العالم كله أكثر من ستمائة واعظ, ولا يمكن أن يحمل هؤلاء مسئولية انحراف الخطاب الديني عن مساره الصحيح لهذه الدول، وعليهم تصحيح هذا الوضع بالتنسيق مع الأزهر الشريف وإفساح المجال للعلماء الوسطيين الذين يرفضون هذا الفكر المتشدد. وأضاف: إن التعاون مع العالم الإسلامي يتمُّ علي عدَّة محاور منها إرسال المبعوثين إلي مختلف دول العالم، واستقبال عشرات الآلاف من الطلبة المسلمين سنويًّا من مختلف الدول في إطار المنح التي تقدم سنويًّا للدراسة في الأزهر الشريف حيث يعتبر الأزهر أحد أدوات القُوَي الناعمة لمصر علي مستوي دول العالم. ملحق ديني في السفارات من جانبه طالب الدكتور عبدالمنعم فؤاد، عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين بجامعة الأزهر، بتعيين (ملحق ديني) في كل سفارة مصرية من خريجي الأزهر المتخصصين في دفع الشبهات. ومد جسور التواصل مع الطلاب الوافدين الذين يعدون سفراء للأزهر في الخارج يحملون منهج الأزهر الوسطي، ويبينون للناس صحيح الاعتقاد. وفي السياق ذاته طالب الدكتور محمد إسماعيل البحيري أستاذ العقيدة بضرورة تفعيل هذه الاتفاقيات وعدم ركنها بالمكاتب وان يتم التنسيق بشكل عملي وفعلي مع الجهات المسئولة في مصر وخاصة الخارجية والمؤسسات الدينية لتفعيل هذه الاتفاقيات, وان يكون هناك دور واضح وملموس من الخارجية شريطة أن توفد بعثات تكون مفيدة وليس للشو الإعلامي وأداء الغرض دون نتائج. وشدد البحيري علي ضرورة العمل بصورة فعلية بين الخارجية والمؤسسات الدينية بصورة أكثر فعالية بعيدا عن الشو الإعلامي لمتابعة الأحداث بالخارج وتقديم تقرير مفصل لشيخ الأزهر عن الأفكار وكيفية علاج القضايا المتعلقة بالإسلام بالخارج وتصحيح صورة الإسلام التي شوهت أخيرا بفعل فاعل من أياد خفية تريد عدم استقرار المنطقة مؤكدا ضرورة تفعيل دور الأزهر وعودة فتح المكاتب في كل أنحاء العالم وان تكون تحت إشراف الإمام الأكبر بالتعاون مع الخارجية وان يكون المبعوثون من أصحاب الخبرة والدراية والقدرة علي الرد بالحجة والدليل. مبادرات الاحترام الأدبي من جانبه أكد الدكتور عبد الفتاح إدريس، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن هذه الاتفاقيات لا يعدو أثرها الاحترام الأدبي, الذي لا يترتب عليه معاقبة المخالف أو الإنكار عليه, وهي أولا وآخرا من قبيل التصريحات التي لا يمل محدثوها من التنويه عنها, إلا أنها لا تأتي بالغاية المرجوة منها, وقد جرب المسلمون مثل ذلك من قبل, وليس الخلل فيها, بل في إيمان بعض الغربيين بضرورة تشويه الإسلام من خلال تناول رموزه, والنيل منهم, لصد الناس عن دين الله تعالي. موضحا أن ما أرسلته بعض الجهات من بعثات بها من يمكنه التحدث بلغة القوم, أثرهم محدود, وبعضهم لم يذهب للدعوة وتحسين صورة الإسلام, بل للبحث عن حظه من الدنيا في مجتمع يبهره, وأمرهم غير خاف علي أحد.