قد يمر كل إنسان بموقف أو عدة مواقف تضطره أن يتنازل عن مبدأ أو فكرة أو أشياء مادية أو معنوية من أجل طرف آخر، ومن المقبول أن يحدث ذلك مرات قليلة، بل أننا من الممكن أن نطلق عليها ظاهرة صحية في إطار العلاقات الإجتماعية، طالما إنها في حدود المسموح بها.ولكنك تبدأ في دخول مرحلة الخطر عندما تجد نفسك في دوامة من التنازلات والتضحيات لا تستطيع الخروج منها، بل وتصبح إجبارية وواجبة عليك، وعندما تقرر أن لا تتنازل تصبح مقصر ومخطئ في نظر الطرف الآخر وتكتشف أن مجرد الإعتراض والرفض ليس من حقك. والتنازل قد يكون من أجل إرضاء شخص، أو شعور بالخوف والضعف أمام القوة والجبروت متمثلة في شخص ذو نفوذ في مكان ما، والكارثة أنك لا تدرك في البداية أنه تنازل، فهو خبيث يختفي خلف عدة أقنعة ويتنكر في ثياب الشهامة والحب والتضحية، ولكن بعد أن يكتسب صفة شرعية ويصبح واجب وحق عليك، يظهر في هيئته ويسحبك إلي دوامته، فالطرف الأناني يري أن هذه التنازلات حق مكتسب له وبالتالي سيتعامل معك من هذا المنطلق، وأنت الطرف المضحي دائماً والمتنازل عن حقوقك، لابد أن تأتي لك اللحظة التي تريد فيها الخروج من هذه الدوامة اللعينة بأي طريقة، فأنت لم تعد تملك ما تستطيع أن تتنازل عنه سواء كانت مشاعر أو أشياء مادية. لا تتنازل وتبرر ذلك بأسباب وهمية لا يراها غيرك، لا تتنازل عن إبداء رأيك حتي وإن أغضب آخرون وتبرر ذلك بالحكمة، لا تتنازلي عن أقل حقوقك المعنوية والمادية عند الإرتباط وتبرري ذلك بالحب، لا تتنازل عن حقك في ترقية أو مكافأة أو حياة كريمة وتبرر ذلك بالرضا..لا تتنازل عن أبسط حقوقك لدي الآخر، فكلما زادات تنازلاتك كلما نقصت كرامتك. [email protected] لمزيد من مقالات دعاء جلال