ربما كان «بينامين نتنياهو» الوحيد الصادق مع نفسه وغيره في مسيرة السياسيين للتنديد بالإرهاب التي استضافتها العاصمة الفرنسية باريس، إذ أصر على الحضور برغم إبلاغ الرئاسة الفرنسية له تفضيلها عدم حضوره، وأرجع إصراره لوجود يهود بين الضحايا، معلنًا نفسه بذلك ولي كل يهودي أينما كان، وداعيًا يهود العالم إلى العودة إلى «أرض الميعاد» ليتحقق أمنهم.وقد كان مثارا للسخرية أن يشارك نتنياهو في مسيرة تندد بالإرهاب، بينما يداه لا تزالان ملطختين بدماء 2500 فلسطيني قتلهم في عدوانه على غزة، وهو ما عبر عنه وزير الصحة اللبناني وائل أبو فاعور حين قال مستنكرًا «مسيرة ضد الإرهاب يتصدرها نتنياهو لا ينقصها إلا استدعاء شارون من الجحيم». وبقدر ما كان نتنياهو صادقًا مع ذاته وغيره، فأن سياسيي العالم الإسلامي لم يكونوا كذلك حين وافقوا - ضمنًا وقبل اكتمال التحقيقات - على أن الحادثة صناعة إسلامية، بينما مؤشرات كثيرة توضح احتمال ضلوع جهات أخرى من بينها إسرائيل في العملية، منها نفي وزير العدل الأمريكي إيريك هولدر وجود معلومات تشير إلى دور لتنظيم القاعدة في الهجمة الإرهابية، والشيء ذاته أكده أيضًا قائد الجيوش الأمريكية الجنرال «مارتن ديمبسي»، وأعلنت صحفية ناجية من مذبحة «شارلي إبدو» أن المهاجمين كانوا ذوى عيون زرقاء الأمر، الذي لا يتماشى مع أوصاف المتهمين القتلى، كما طرح ناشطون فرنسيون على صفحات التواصل الاجتماعي علامات استفهام، حول سر إصرار السلطات على قتل الثلاثة الذين أعلن تورطهم في العملية، وعدم السعي لاعتقالهم أحياء برغم عرضهم الاستسلام، لمعرفة هل خططوا وحدهم للعملية أم أن وراءهم جماعة إرهابية، وربط النشطاء بين ذلك وبين إعلان انتحار محقق القضية مفوض الشرطة «هيرلك فيريدو»، مرجحين أن أجهزة مخابرات قامت بقتله بمسدسه، لتصور الأمر على أنه انتحار بعدما اكتشف حقائق حول تورطها. وهناك أكثر من سيناريو يتحدث عن الجهة المنفذة للمذبحة، السيناريو الأول والأكثر ترجيحًا يؤكد ضلوع الموساد في التخطيط للعملية، لتحقيق هدفين: الأول تصعيد حالة العداء نحو الإسلام والمسلمين في فرنسا بخاصة والغرب بعامة، بعد تزايد ضغوط البرلمانات الغربية للاعتراف بدولة فلسطين، والهدف الثاني إيجاد حالة ذعر بين يهود فرنسا ليضطروا بما لهم من ثقل مادي ومعنوي للهجرة إلى الأرض المحتلة، وربما استعان الموساد بعملاء عرب لتنفيذ العملية خاصة أنه حقق نجاحًا في اختراق أكثر من تنظيم عربي، وقد اعترف «حسن نصر الله» أمين حزب الله اللبناني قبل أيام باعتقال جماعته لمسئول كبير بالحزب، بتهمة التجسس لصالح إسرائيل. ويتحدث السيناريو الثاني عن ضلوع المخابرات الفرنسية في التخطيط للهجمات من أجل تشتيت انتباه العالم عن الفظائع التي ارتكبتها وترتكبها القوات الفرنسية في افريقيا، وإبعاد الأنظار عما تقوم به فرنسا حاليًا من تنقيب عن الذهب في ليبيا وسرقته، منتهزة فرصة الانفلات الأمني على ماروت صحيفة «السويد اليوم». يبقى أن نشير إلى ضرورة التأني في تعاملنا مع أي حدث، ذلك أن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام أعلى مقامًا من أن تسيء إليه صحيفة صفراء مثل «شارلي إبدو»، وإنما لحقت الإساءة بملايين المسلمين الذين اعتنقوا فكر الغرب، واستبدلوا بقبلتهم في مكةالمكرمةباريس ولندن وواشنطن، والعملية الإرهابية أنقذت الصحيفة التي كانت على شفير الإفلاس، وقفزت بمبيعاتها من عدة آلاف قبل الحادثة إلى أرقام فلكية لم تحلم بها. لمزيد من مقالات أسامة الالفى