أكتب إليك عن مشكلة معظم بنات جيلي، بل وأراها مشكلة هذا العصر، إنها «لعبة الزواج»، فلقد صار الزواج لعبة يلعبها الشباب على البنات، فراحوا يستهترون بمشاعرهن، ويستغلونهن أسوأ استغلال، لمعرفتهم بارتفاع سن الزواج، وبأن البنت تتمنى الارتباط قبل أن يلحق بها لقب «عانس»، فيستغل الشاب هذه النقطة لكى يتسلى ويضيع وقته تحت مسمى «الزواج»، وهناك تجارب كثيرة لفتيات تعرضن لمثل هذه المواقف، وسأروى لك تجربتي، فأنا فتاة اقترب من سن الثلاثين، تخرجت فى كلية عملية، وأعمل فى مركز مرموق، وبعد التحاقى بالعمل بعدة أشهر، جاءتنى سيدة تعمل معى فى نفس المكان، وأبدت اعجابها الشديد بي، وقالت لى إنها تريدنى زوجة لابنها، ولما وجدته شابا مناسبا من حيث المستويين المادى والاجتماعي، وافقت عليه، وتمت خطبتنا، لكنها لم تدم طويلا، بعد أن وجدته غير جاد، ومتقلبا فى كلامه، ولا ينفذ شيئا مما يقول، ويريد الخروج والدخول وقتما يشاء، وشعرت من كلامه بأنه خطب فقط لكى يتسلي، ويقضى وقتا ممتعا فى الخروج والفسح، ولا هم له سوى ذلك، وكان طبيعيا ألا أستمر فى هذه التمثيلية ففسخت الخطبة. وبعدها اكتشفت أن هذه السيدة اتبعت الأسلوب نفسه للإيقاع بفتاة أخرى معى فى العمل، وقالت لها نفس الكلام، وعلمت أنها معروفة بذلك، فهى تصطاد أى فتاة جديدة فى العمل، وتعرض عليها الزواج من ابنها، ثم ينتهى الأمر انتظارا لفريسة أخري، وتكرر ذلك عشرات المرات، ومن خلال أحاديثى مع صديقاتى فى أماكن أخرى عرفت أن هذه هى حال الشباب، فلقد تعرضن لتجارب مختلفة مع شباب مستهترين، فهناك من يلتقى بالفتاة مرة أو مرتين فيراها ثم يختفى دون أى يبدى أى أسباب، ومنهم من يعجب بها من البداية، ويحدد موعد الخطبة، ثم يغلق هاتفه، وقد يصل الأمر إلى حد تحديد موعد الفرح، ثم يلغى كل شيء قبلها بساعات بعبارة سخيفة مفادها «أنا حاسس أننا مش مناسبين لبعض، وأنك تستاهلى حد أحسن مني». لقد صار دخول بيوت الناس باسم الزواج سهلا، وللأسف فإنهم لا يشعرون بأى حرج ويرون أن البنات سلعة تباع وتشتري، ويستطيع أى شاب أن يمتلك البنت التى يريدها وقتما يشاء فيتسلى بها الى حين، ثم يكسرها ويبحث عن لعبة أخري، فالألعاب كثيرة ومتنوعة!! إننى من خلال بابك الذى يقرؤه الجميع، أناشد كل شاب ألا يستهتر بمشاعر أى فتاة أبدا، وألا يتخذ قرار الزواج ويطرق أبواب الناس إلا عندما يشعر بأنه يستطيع تحمل مسئولية بيت جديد، وأن يقدر أنه يدخل بيوتا محترمة، ويقابل بنتا رائعة، لا يدرى قيمتها، فالزواج مسئولية ويجب ألا يقدم عليه إلا من يستحقه فقط، وأناشد كل فتاة بألا تتسرع فى خطوات الزواج، وأن تدرس الشباب جيدا، ولا تلقى بالا لكلام الناس، فليست هناك سن معينة للزواج، وعليها ألا تتزوج إلا من تجده مناسبا، ومن تشعر بأنه سيكون أبا وقدوة لأبنائه. ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
إننى أسأل والدة هذا الشاب المستهتر، التى تخطب له كل عدة أيام فتاة وهى تعلم بما يفعله ابنها: كيف ارتبطت بزوجك ياسيدتي؟ وهل صنع معك هذا الصنيع؟ ألم يطرق بابك عن طريق الأسرة، وتم زواجكما بعد فترة خطبة فعرفت حياتكما الاستقرار؟.. بالطبع كان رجلا جادا عرف قيمة الزواج، ولذلك استقرت حياتكما وأنجبتم الأولاد ومنهم ابنك هذا الذى تشجعينه على اللعب بمشاعر البنات؟ نعم يا سيدتى فأخطاء ابنك ناتجة عن تشجيعك له، وفى النهاية سوف يقع فى زيجة لن تستمر شهورا، فالزواج القائم على غير أساس لايدوم، وهنا يفتقد ابنك الأساس الذى يخطب ويفسخ بناء عليه، والحل هو التوقف عن الاستهتار بمشاعر البنات، ودراسة موقفكم ممن يرغب فى التقدم إليها والارتباط بها، ثم مناقشة كل الأمور بوضوح، وفى حضور الجميع.. أما ما تفعلينه الآن فهو أمر غير معقول، وستكون عواقبه وخيمة على ابنك وعليكم. أما أنت أيتها الفتاة النبيلة، فحسنا أنك لم تنجرفى وراء هذا الشاب وأنهيت علاقتك به، وأرجو أن ينتبه الآباء والأمهات فلا يندفعون بإلقاء بناتهن فى التهلكة بدعوى ارتفاع سن الزواج، فالأمور المتعلقة بالارتباط وتكوين الأسر لا تؤخذ بهذا الشكل، فليحسن الآباء والأمهات الاختيار، وليتقوا الله فى أبنائهم وبناتهم.. والله المستعان.