اختلفت الحدود بيننا.. وما اختلف التراب.. ولا الثمر يرف شجر البرتقال عبيرا وظلّا على امتداد سواحل شمال أفريقيا. صباحا ومساء، شتاء وصيفا، تصطف عربات خشبية حول «ساحة جامع الفنا» أشهر ساحات مراكش المغربية.. تزيّنها تلال صغيرة من هذه الفاكهة اللذيذة بأشكال تسر الناظرين الذين يحرصون على تناول شرابه أثناء متابعتهم للفنون الشعبية والحكواتية ومروضى القرود والثعابين والعرافات بالساحة. وللغيم فى مصر نكهة البرتقال.. فاكهة الحلم للغنى والفقير. على ضفاف النيل، فى الأسواق والطرقات، تطوف البائعات يحملن السلال على رؤوسهم.. يلهمن الرسامين والمستشرقين بلوحات فنية خالدة. بينما تلوح بياراتها فى أرض اليمن منذ أن ذكر القرآن الكريم جنتي سبأ وما احتوته من أصناف الفاكهة. كرمة ساحرة تتدرج عبر سهول البقاع فى الشام، صاغ منها الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني أجمل أعماله "أرض البرتقال الحزين" حيث كتب عن يافا، المدينة التي تشتهر بأجود أنواع البرتقال فى العالم. فيما اقتلع الجيش الإسرائيلي آخر أشجاره فى غزة، للحيلولة دون اتخاذها كغطاء من قبل المقاتلين الفلسطينيين.. واستبداله بزراعة الفراولة لأنها نباتات صغيرة لا يستطيع أحد الاختفاء تحتها. حبة برتقال هي الشمس التي تكشف عن حقيقة عدو جبان.. معفّر الجبين.. لا يجيد سوى نسج الأساطير عن شجاعة زائفة.. وهو بالواقع يخشى الكلمة والحجر والبرتقال!.