فاض بى الملل ، فدعوت ابنى ذا ال 12 ربيعا إلى تحويل المحطة لمشاهدة محتوى إعلامى (له معني) بعيدا عن المحطات المصرية ذات الدائرة الإعلامية (الضيقة). وكان أول الأنباء التى شاهدناها على إحدى القنوات الإعلامية الغربية (وابنى جالس إلى جوارى وأنا فرح باستجابته لنسمات التحرر من النظرة الضيقة) هو إعلان فوز مغنية شهيرة بلقب يوروفيجون. المغنية بدت شديدة الحسن عن بعد وقد تحولت الكاميرات إليها وسط حشد احتفالى مهيب. ولأن الفتاة كانت رقيقة خجولة، فقد كان أن وضعت كفيها على وجهها دهشة حينما سمعت بنبأ فوزها، ولكن الكاميرات ظلت مسلطة عليها تطاردها إلى أن اقتربت أكثر فأكثر، فكانت أكبر صدمة تلقيتها (أنا وابني) فى حياتى - فالهانم رجل!! رجل مكتمل الرجولة له لحية كثيفة وشارب، ولكنه يمتلك كل مقومات الأنوثة الجسدية (ظاهريا على الأقل)، إنها (أو إنه) المغنية كوتشيتا ورست الفائز أو الفائزة باللقب! سألنى الصبى باشمئزاز فطرى شديد: ما هذا؟ فأجبت (كالأبله): لا أفهم!! فلما أصر، اضطررت إلى الخوض فيما أراه (كلاما فارغا) فى محاولة يائسة لاستعدال عقله من بعد ان تعرض إلى موجة بجاحة فظة ترى عين الخطأ صوابا!! تركت ابنى يعود إلى قنواتنا (الضيقة) بسلام، ودلفت إلى مكتبى باحثا عن اسم هذا الكائن الذى رأيته لتوى لعلى أفهم: رابط يجر رابط حتى وجدتنى محاصرا بموجة شديدة القذارة على اليوتيوب تروج للسحاق فى عدد لابأس به من الأفلام والمسلسلات الدرامية الغربية والأغنيات الشهيرة وتبرره ؛ ويكأن السحاق ونظيره اللواط ثم زنا المحارم (فى فيلم روائى عن أم وابنها)أمر بات أقرب إلى الواقع الطبيعى الذى يتحتم على الإنسان الغربى أن يتقبله؛ فبالأمس كان الفجور مستترا داخل الأفلام الإباحية فقط، أما اليوم فقد قفز هؤلاء إلى السطح بقوة وأصبحوا يطالبون (بحقوقهم)، ليس فى ممارسة الرذائل فحسب، وإنما فى الدعوة بل الترويج والتشويق إليها علنا! خرجت أجر ذيول الخيبة أمام طوفان حقير ماعاد ينفع معه غض الطرف أو التجاهل ولا وضع آليات مجتمعية أو حتى إليكترونية للمراقبة؛ فلقد نفذ سيف هؤلاء على نحو منهجى إلى عقر دارنا وسط (نشوة معرفية بلهاء) انتابتنا ظنا منا بأننا ننفتح على العالم كى نتقدم.. والحقيقة أننا ننفتح لكى نرتد إلى أسفل سافلين! وقد بدأت تتداعى إلى ذاكرتى أحداث فيلم روائى مصرى تم عرضه مؤخرا على الجمهور يدور حول معاناة فتى (شاذ جنسيا)، ومشاهد سحاقية (عديدة) أمطرنا بها المنتجون (خلسة) فى كثير من الأفلام الروائية وأخرى لواطية! ثم أعاد هذا الموقف المشين إلى ذاكرتى ذلك الحديث المطول الذى أجراه الصحفى الألمانى يورغن تودينهوفر أخيرا مع بعض قادة وعناصر داعش، من بعد أن منحه أبو بكر البغدادى الأمان، فكان أن لفت انتباهى فى الحديث شيئان: الأول، هو إصرار الصحفى على وصف (الغربيين) (الكثر) المنضمين إلى مقاتلى داعش بكونهم ليسوا من الفاشلين دراسيا أو ممن لايجدون قوت يومهم فى بلدانهم، وإنما هم ممن حصلوا على (أعلى الشهادات الجامعية) ؛وأنهم (أولو بأس شديد) يمتكلون جميع المقومات التى تمكنهم من هزيمة الجيوش العربية! أما الشيء الثاني،فكان لقاؤه مع أحد قادة داعش (ألمانى الجنسية أيضا)، والذى قال بالحرف الواحد:(سوف نغزو أوروبا وأمريكا)!! وتعليقا على كلامه، قال الصحفى الألماني: إن البعض قد يراه مبالغا، ولكننى أذكركم بأننا استخففنا بإعلان مقاتلى داعش منذ فترة أنهم بحلول 2015 سيحكمون دولة على مساحة تضاهى مساحة بريطانيا الحالية.. ثم ها هو يحدث! من وجهة نظرى وباختصار شديد، إن تنظيم داعش ليس كما يظن الكثيرون منا عبارة عن طفش إسلاميين حفاة أفرزهم الجهل بالدين والفقر فى البلدان الإسلامية، وإنما هم أيضا مجموعة شباب أوروبى وأمريكى أعدادهم غير مرصودة بدقة ولكن المعلومات تفيد بأنهم يشكلون (كتائب بأكملها) أفرزهم انحطاط أخلاقى وقيمى رهيب استشرى فى الغرب - بحسب اعتقادي- ماعادت الفطرة البشرية السوية تحتمله، فكان الإسلام هو الملاذ لهم. لم نتلقف نحن هؤلاء على نحو منهجى سليم، فتلقفهم المهاويس دينيا وفكريا، ولما أدركت الاستخبارات الغربية هذا الخطر، قررت التخلص منهم إلى خارج ربوع أوروبا (مثلما تخلصت من يهود أوروبا من قبل)؛ فقذفت بهم إلى المنطقة نفسها الشرق الأوسط ! فضربت بذلك 6 عصافير بحجر واحد: فمنها تخلصت من أيديولوجية (إذا أسيء فهمها) جنحت إلى التناسل والعنف داخل أوروبا؛ ومنها أرهقت الجيوش المسلمة (النظامية) التى تكدس بحوزتها السلاح؛ ومنها فجرت فتيل منتظر لطابور إسلامى خامس كامن فى جسد البلدان العربية يتوق إلى لحظة الانفجار العشوائى من الداخل لنصرة (إخوانهم رافعى رايات الإسلام)؛ومنها أخضعت دول البترول باعتباره لم يزل المصدر الأهم للطاقة وأساس معظم الصناعات(لسنوات قادمة)؛ ومنها أوجدت نقاط احتكاك فتاكة مع الهلال الشيعى المقبل على (العصر النووي)؛ ومنها لوحت لليهود المتحكمين فى الاقتصاد الغربى حاليا بعصى الخوف على إسرائيل! أين (المعلمة) الحقيقية إذن؟ إنها ليست فى الصدام مع داعش كما يخطط لنا هؤلاء، وإنما فى استقطابه وتوجيه سفنه إلى قبلة أخرى (نرضاها نحن).. ويظل سلاحنا هو السلاح نفسه الإسلام!وهذا هو العصفور السابع الذى لم يخطر ببالهم. لمزيد من مقالات أشرف عبد المنعم