أشاد علماء الأزهر بقرار الكنائس الثلاث الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية بسحب مقترحها بشأن «حق التبني» الذي تجيزه العقيدة المسيحية من مشروع قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين، منعا لإثارة أى شبهات داخل المجتمع، ويدعم أواصر الوحدة الوطنية. وأكد العلماء أن مبادرة الكنائس تتفق مع ما جاء في الشريعة الإسلامية التي تسمح بالكفالة، وتحرم التبني منعا من تغيير الحقائق وصونا لحقوق الورثة من الضياع أو الانتقاص وحفظا من اختلاط الأنساب. وعلي الرغم من تحفظ بعض الجمعيات الخيرية العاملة في مجال رعاية الطفولة علي مبادرة الأزهر والكنائس بالغاء مقترح التبني فإن العلماء يؤكدون حرمته، ويوضح ذلك الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، قائلا: إن قرار البابا تواضروس والكنيسة المصرية يدعم الوحدة والنسيج الوطني بين أبناء المجتمع المصري، فالشريعة الإسلامية لها رؤية محددة بخصوص تبني الأطفال باعتبار أن هؤلاء الأطفال يكون لهم ما للأولاد من القرابة النسبية في الحقوق والواجبات، وموقف الإسلام في ذلك نابع من أن هذا المسلك من شأنه أن ينطوي علي اختلاط الأنساب وتحريم بعض المباحات مثل منع الزواج بالمتبني أو المتبنية رغم أنه غريب عن عمود النسب، وهذا تحريم لما أحل الله، ولذلك كان هدي القرآن الكريم قاطعا في هذا الشأن، بقوله تعالي : «ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله»، وحديث الرسول صلي الله عليه وسلم: (من ادعي إلي غير أبيه فالجنة عليه حرام)، وهو ما قد يحدث بالفعل في حالات التبني التي قننتها القوانين الغربية من أنها تنسب الابن المتبني إلي غير أبيه الحقيقي (الأب بالتبني)، وما يترتب علي ذلك من مخالطة الابن أو البنت المتبناة، بأبناء الرجل وبناته وهم في الحقيقة والواقع أجانب عنهم، ومن هنا فقد تقع بعض المحظورات خاصة مع تراجع الوازع الديني وغزو الفكر الغربي للمجتمعات الإسلامية، والهوية الغربية التي تجعل حرية الاختلاط حقا وحرية يجب حمايتها والدفاع عنها، وهو ما لا يرضي به الإسلام لأنه يقيم مجتمعه وهويته علي أساس من الوضوح، وإعطاء كل ذي حق حقه وفقا لمعايير منضبطة وثابتة، فلا تحريم لما أحله الله، ولا تحليل لما حرمه الله. وطالب مؤسسات الدولة بمراعاة حق اليتامي والمحرومين ومن لا عائل لهم، ومواجهة ظاهرة أطفال الشوارع الذين تزايدت أعدادهم في الآونة الأخيرة. وقال إن التشريع الإسلامي نادي بكفالة اليتيم والبر بمن لا عائل لهم، وتقديم كل أوجه الرعاية المادية والمعنوية لهذه الفئات الضعيفة، لقول الرسول صلي الله عليه وسلم: ( أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة)، وقول الله تعالي :«فأما اليتيم فلا تقهر». وأضاف: إن الإسلام شرع الهبة والصدقة والوصية للمحرومين قياما بحق لهم سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين لأن واجب الدولة الإسلامية أن توفر مقومات الحياة الضرورية من مأكل وملبس وتعليم وعلاج لهذه الفئات أسوة بغيرهم ممن لديهم الغني والثروة، كما أنه فرض حقا لهم عطاء جاريا ومتجددا لكل طفل رضيع حماية لحقه في الحياة. من جانبه أوضح الدكتور سيف رجب قزامل، عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة طنطا، أن إلغاء مقترح التبني في مشروع القانون لا يمنع التكافل المفتوح للجميع ورعاية اليتيم، وجائز كفالتهم في البيت أو دور الأيتام أو المنزل مع الحفاظ علي القواعد الشرعية الملزمة.