ضمن الأسئلة المهمة جدا التى يطرحها المحللون عشية العام الجديد، ذاك المتعلق بوضعية الولاياتالمتحدةالأمريكية فى الترتيب العالمى وهل ستبقى الدولة رقم (1) على الدوام ؟ المعروف أن واضعى التقارير الاستخباراتية والاستشرافية الأمريكية ينظرون لمستقبل بلادهم نظرات بعيدة المدي، فعلى سبيل المثال نجد رؤية لعام 2015، قد وضعت فى تقرير الاتجاهات العالمية 2000، وفيه توقع مسئولو الاستخبارات فى الولاياتالمتحدة أن أمريكا ستبقى لاعباً مهيمناً على الساحة العالمية، ولكن سيكون لدى الحكومات سيطرة أقل على تدفق المعلومات والتكنولوجيا والأمراض والمهاجرين والأسلحة والمعاملات الدولية، سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة عبر حدودها، وأيضا سوف تلعب المجموعات المعروفة باسم الجهات الفاعلة غير الحكومية، والتى تتراوح بين الشركات والمنظمات غير الربحية إلى مهربى المخدرات إلى الشبكات الإرهابية، دوراً أكبر فى الشئون الوطنية والدولية على حد سواء. 2015 وفقا لاستطلاع جديد قام به خبراء السياسة الخارجية الأمريكية، وجمعت مادته مجلة ذا اتلانتيك الأمريكية، فإن أعمال العنف المتبادلة بين داعش والقوات العراقية فى العراق وبين السنة والشيعة على نطاق واسع، تأتى على رأس قائمة أولويات الولاياتالمتحدة للعام الجديد، بما فى ذلك من سيناريوهات أخرى محتملة ذات أولوية كبرى تشمل هجوماً كبيراً على الولاياتالمتحدة، أو حليف لها، أو هجوماً إلكترونيا على البنية التحتية الأمريكية، أو أزمة تشترك فيها كوريا الشمالية، أو احتمال توجيه ضربات عسكرية إسرائيلية ضد المواقع النووية لإيران، أو حدوث مواجهة بين الصين وجيرانها حول مطالب إقليمية فى بحر الصين الجنوبي، أو تصعيداً للأزمة السورية، وأخيراً تزايد الاضطرابات فى أفغانستان، والجدير بالذكر أن التوقعات تشمل أيضاً حالتين طارئتين لم يرهما تقرير العام الماضى وهما: تكثيف القتال بين القوات الأوكرانية والميليشيات المدعومة من روسيا فى أوكرانيا، والعنف المتنامى بين الإسرائيليين والفلسطينيين. هل من ملف بعينه مرشح للتفاعل بأعلى درجة فى الداخل الأمريكى لعام 2015 ؟ بالقطع الملف الأعلى صوتاً سيكون الصراع المحتدم بين آل بوش وآل كلينتون، فبالنسبة لآل كلينتون يبدو أن الأحلام لا تزال تغازل هيلارى فقد سبق لها القيام بخطوة أولى نحو الرئاسة، أما آل بوش فإن الابن الأصغر جيب لن يتأخر فى إعلان ترشحه، وبعد أربعة وعشرين عاما من حملة عام 1992، والتى شهدت فوز بيل كلنتون على جورج بوش الأب، فمن المرجح أن تكون الانتخابات الرئاسية المقبلة فيها إعادة للتاريخ. وقد كان نجل الرئيس السابق وحاكم فلوريدا جيب بوش أول من عبر عن اهتمامه فى تقديم ترشحه فى الانتخابات الرئاسية لسنة 2016، وذلك فى 16 ديسمبر 2014، وعملت هيلارى كلينتون بشدة منذ أن خرجت من الحكومة فى يناير كانون الثانى عام 2013، لدخول السباق، حتى لو أن ترشحها ليس رسمياً إلى الآن، كل واحد منهما سيطرح مبرراته لإقناع الناخبين، ولكن سيكون عليهما الفوز فى الانتخابات التمهيدية لحزبيهما، هذا الامتحان الذى سيعطى فكرة عن تسامح الرأى العام الأمريكى فيما يبدو أنه مسألة نزاع بين أسر حاكمة. اللعبة لم تنته بعد بالنسبة لجيب بوش باعتبار تعدد المرشحين من الحزب الجمهوري، أما بالنسبة لهيلارى كلينتون، فقد كانت لها الأفضلية سنة 2008، قبل أن يظهر على الساحة سيناتور غير معروف، اسمه باراك أوباما، ليكسر آمالها. هل سيحمل عام 2015 معه الأمل أم العكس؟ الجواب يمكن ان نجده بين ثنايا ما رصدته صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية من المشاهد المرشحة لتطورات سلبية فى العام الجديد، منها على سبيل المثال: - أفغانستان ما بعد الحرب الأفغانية الطويلة: فقد أعلنت الولاياتالمتحدة رسمياً رحيلها عن أفغانستان فى ديسمبر الماضي، لكنها تركت خلفها حكومة ضعيفة فى كابل، والتى هى عرضة لهجمات طالبان. - انعدام العدالة على مستوى العالم: فقد أظهرت عمليات المسح التى جرت فى نهاية عام 2014 أن ثمة قلقاً كبيراً لدى معظم سكان الأرض من البطالة، وتعمق أزمة غياب العدالة الاجتماعية. - جنون كوريا الشمالية: تقول الواشنطن بوست، لقد ألقينا نظرة على بيونغ يانغ فى 2014، عبر فيلم هوليوودي، تحول إلى إحدى أكبر الأزمات السياسية فى ديسمبر الماضي. - التوترات فى المحيط الآسيوى: لاتزال كل من طوكيو وبكين تتنازعان على مجموعة الجزر التى تديرها اليابان، ولكن تزعم كل دولة أحقيتها بها. - أزمة الروهنغياس بورما لا تعترف بهم كمواطنين، وإنما تعتبرهم مسلمين بنغال متطفلين من جارتها بنجلاديش. - الأزمة الليبية: ضمن الملفات التى يتوقع أن تشهد تحولات للأسوأ، تحتل ليبيا موقعا متقدما، فقد تراجعت بشدة حدة التحول الديمقراطى فى ليبيا فى عام 2014، ولا تبدو فى الأفق حلول واضحة قريبة. هل 2015 عام مواجهات وحروب ؟ يمكن أن يكون ذلك كذلك بالفعل، والخوف ان تكون قمة 18 فبراير الأمريكية المقبلة أول المخاض، حتى تضمن بقاءها سيدة العالم للقرن الحادى والعشرين. لمزيد من مقالات اميل أمين