فيما تبدو بمثابة حالة من الاستنفار الأمنى العام فى عدد من العواصم أوروبا بعد الاعتداءات الإرهابية التى شهدتها باريس الأسبوع الماضى، شنت قوات الشرطة فى كل من فرنساوبلجيكاوألمانيا وهولندا حملة مداهمات أمنية وعمليات اعتقالات واسعة للعديد من المشتبه بهم. ففى باريس، أعلن مصدر قضائى فرنسى أن الشرطة الفرنسية اعتقلت 12 شخصا فى المنطقة الباريسية فى إطار التحقيقات حول الهجمات التى وقعت الأسبوع الماضى. وأضاف المصدر أن المعتقلين، وهم تسعة رجال وثلاث نساء، سيخضعون للاستجواب حول دعم لوجيستى محتمل قد يكونون قدموه لمرتكبى الاعتداءات، وذلك بمدهم بأسلحة وسيارات، مشيرا إلى أنه تم وضع 8 أشخاص رهن التحقيق بالفعل. وفى الوقت نفسه، أفاد مصدر فى الشرطة أن المحققين تابعوا عدة أشخاص فى الأيام الماضية تم تحديد هويتهم بفضل التحقيق الذى شمل أشخاصا فى محيط الشقيقين كواشى منفذى الاعتداء على صحيفة شارلى إبدو، كما تبحث الشرطة أيضا عن حياة بومدين زوجة كوليبالى، والتى يعتقد أنها انتقلت إلى سوريا. ومن جانبها، أعلنت وزارة الدفاع الفرنسية عن قيامها بتعزيز نظم الحماية من القرصنة المعلوماتية، وذلك بعد تعرض مواقع تابعة لها على شبكة الإنترنت لعشرات الهجمات. وكشف الضابط أرنو كوستيار نائب الأميرال المعنى بالدفاع المعلوماتى فى قيادة أركان الجيش الفرنسى - فى تصريح له - عن هجمتين على نظامين تابعين لكتيبة تابعة للقوات البرية من بينهم مدرسة. وأضاف أنه بعد المظاهرات الحاشدة التى شهدتها فرنسا الأحد الماضى تكريما لضحايا الهجمات الإرهابية فقد تقرر رفع مستوى الحذر على الإنترنت، وتابع أنه تم تشكيل خلية أزمة منذ الثلاثاء الماضى لمراقبة قراصنة الإنترنت. وقال:»نحن نعتقد أنها أزمة، ونأخذ الاحتياطات والتدابير، ولكن لا يمكننا الحديث عن حرب إلكترونية»، موضحا أن وزارة الدفاع تمتلك 350 موقعا على الإنترنت. وأكد كوستيار أن الهجمات مستمرة ضد الموقع الإلكترونى «ديكود»، الخاص بخدمة الاتصالات بالوزارة، لافتا إلى أنه ومنذ 10 يناير الماضى شهدت عدة مواقع مختلفة تابعة لوزارة الدفاع نحو 20 ألف هجمة من قبل قراصنة ومتطرفين معروفين. وفى السياق نفسه، برر جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى لنظيره الفرنسى لوران فابيوس عدم مشاركته فى «المسيرة الجمهورية» المنددة بالإرهاب الأحد الماضى بباريس، نظرا لانشغاله بمهام دبلوماسية أخرى فى بلغاريا والهند. وعقب لقائه مع فابيوس، زار كيرى المتجر اليهودى الذى شهد عملية احتجاز الرهائن لوضع أكاليل من الزهور، بعدها عقد والرئيس فرانسوا أولاند جلسة مباحثات ثنائية، حيث تم بحث الجهود الدولية والتعاون الوثيق بين البلدين لمكافحة الإرهاب. على جانب آخر، نفذت عناصر الشرطة الألمانية حوالى عشر عمليات مداهمة فى برلين تم خلالها اعتقال شخصين وذلك فى إطار عملية واسعة النطاق. وذكر المدعى العام ببرلين فى بيان له - أن 250 ضابطا داهموا 11 شقة بعد أشهر من تعقب جماعة يقال إنها تدعم «داعش» بالمال وتجنيد المقاتلين، ويشتبه رسميا فى تخطيطهما لهجوم خطير. وذكرت الشرطة الألمانية أنه من ضمن المقبوض عليهم رجلان تركيان - 41 و43 عاما - يشتبه فى وجود صلات لهما بجماعة تدعم تنظيم «داعش» وغيرها من الجماعات المتطرفة التى تقاتل فى سوريا، حيث الموقوف الأول المشار إليه باسم عصمت يتزعم مجموعة متطرفة تضم أتراكا وروسا من الشيشان أو داغستان ويمدهم بالدعم المادى والمالى، أما الثانى فيدعى أمين وهو مختص بالأمور المالية بالمجموعة. وأوضحت نيابة برلين أن المجموعة كانت تضم خمسة أفراد ومركزها فى وسط العاصمة الألمانية، مشيرة إلى أنه لم يتم توقيف العناصر الثلاثة الآخرين لعدم وجود أدلة كافية بحقهم. جاء هذا فى الوقت الذى أعلنت فيه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمام البرلمان عن تعهدها بمحاربة «الإرهاب العالمى» ب»كل الوسائل القانونية المتاحة». وفى الوقت ذاته، دافعت ميركل عن نحو أربعة ملايين مسلم يعيشون فى ألمانيا ضد توجيه تهم الإرهاب إليهم بشكل جماعى، موضحة أن على علماء الإسلام توضيح الصورة الحقيقية له والتشديد على الفصل بين العقيدة الإسلامية والإرهاب الذى يمارسه متطرفون. ورأت ميركل فى بيانها الحكومى أمام البرلمان أنه من الضرورى الإجابة على التساؤل بشأن السبب وراء استخدام القتلة الدين فى تبرير جرائمهم، وقالت إن:»على علماء الإسلام الآن أن يجيبوا على هذه الأسئلة». وفى بروكسل، أعلنت حالة التأهب فى بلجيكا، حيث فرضت أطواقا أمنية حول مراكز الشرطة، وأغلقت المدارس اليهوية وتشديد إجراءات الأمن حول المزارات فى البلاد بعد أن أحبطت الشرطة البلجيكية هجوما وصفته بأنه كان وشيكا كان يستهدف قوات الشرطة تحديدا. وقال ممثلو ادعاء اتحاديون فى بيان أن حملات المداهمة البلجيكية أسفرت عن اعتقال 13 شخصا بعد 12عملية مداهمة استهدفت «خلايا نشيطة» عاد أعضاؤها من سوريا، فيما يعتقد أن هذه المجموعة كانت «على وشك تنفيذ هجمات خطيرة فى بلجيكا». كما لقى شخصان مصرعهما وتم اعتقال ثالث فى مدينة فيرفييه بشرق البلاد، بعد أن أطلق المشتبه بهم النار على الشرطة.