تباين أداء مؤشرات الأسهم اليابانية في الجلسة الصباحية    سلوى محمد علي: كل مصري بيحب بلده مع المقاومة النبيلة الجميلة    الأمم المتحدة: نحو 360 ألف شخص فروا من رفح منذ صدور أوامر الإخلاء    للأطفال الرضع.. الصيادلة: سحب تشغيلتين من هذا الدواء تمهيدا لإعدامهما    لماذا تحولت المواجهة الإيرانية الإسرائيلية إلى «نكتة سياسية»؟    كندا تفتح أبوابها للعمال المصريين.. التأشيرة مجانا والتقديم ينتهي خلال أيام.. عاجل    طلاب الصف الثاني الثانوي بالقاهرة يؤدون امتحان اللغة الأجنبية الأولى    خبيرة أبراج تحذر من ظاهرة «رأس الغول» في شهر مايو.. قد تدمر حياة هؤلاء    حفل عشاء لجنة تحكيم الدورة 77 لمهرجان كان السينمائي (صور)    ما مواقيت الحج الزمانية؟.. «البحوث الإسلامية» يوضح    «يهدد بحرب أوسع».. ضابط استخبارات أمريكي يستقيل احتجاجا على دعم بلاده لإسرائيل.. عاجل    عمرو أديب ل عالم أزهري: هل ينفع نأخد ديننا من إبراهيم عيسى؟    طريقة التقديم في معهد معاوني الأمن 2024.. الموعد والشروط اللازمة ومزايا المقبولين    ارتفاع أسعار النفط وسط توقعات بتقلص الإمدادات    حكم الشرع في زيارة الأضرحة وهل الأمر بدعة.. أزهري يجيب    طقس اليوم.. حار نهارا مائل للبرودة ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 29    غرفة صناعة الدواء: نقص الأدوية بالسوق سينتهي خلال 3 أسابيع    لهواة الغوص، سلطنة عمان تدشن متحفًا تحت الماء (فيديو)    عصابة التهريب تقتل شابا بالرصاص أثناء سفره بطريقة غير شرعية    وزير الزراعة: 300 ألف طن زيادة بالصادرات حتى الأن.. واعتبارات دولية وراء ارتفاع الأسعار    جوتيريش يعرب عن حزنه العميق لمقتل موظف أممي بغزة    الأوبرا تختتم عروض «الجمال النائم» على المسرح الكبير    مسؤول أمريكي: بايدن لا يرى أن إسرائيل ستحقق نصرا كاملا بغزة    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 14-5-2024 في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    هل يجوز للزوجة الحج حتى لو زوجها رافض؟ الإفتاء تجيب    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير الإسكان العماني يلتقى هشام طلعت مصطفى    بديوي: إنشاء أول مصنع لإنتاج الإيثانول من البجاس صديق للبيئة    طريقة عمل عيش الشوفان، في البيت بأقل التكاليف    رئيس شعبة الأدوية: احنا بنخسر في تصنيع الدواء.. والإنتاج قل لهذا السبب    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر بعد ضم وقفة عرفات    سيات ليون تنطلق بتجهيزات إضافية ومنظومة هجينة جديدة    "الناس مرعوبة".. عمرو أديب عن محاولة إعتداء سائق أوبر على سيدة التجمع    في عيد استشهادهم .. تعرف علي سيرة الأم دولاجي وأولادها الأربعة    لطفي لبيب: عادل إمام لن يتكرر مرة أخرى    «يحتاج لجراحة عاجلة».. مدحت شلبي يفجر مفاجأة مدوية بشأن لاعب كبير بالمنتخب والمحترفين    فرج عامر: الحكام تعاني من الضغوط النفسية.. وتصريحات حسام حسن صحيحة    سعر البصل والطماطم والخضروات في الأسواق اليوم الثلاثاء 14 مايو 2024    فريدة سيف النصر: «فيه شيوخ بتحرم الفن وفي نفس الوقت بينتجوا أفلام ومسلسلات»    سلوى محمد علي تكشف نتائج تقديمها شخصية الخالة خيرية ب«عالم سمسم»    عيار 21 يفاجئ الجميع.. انخفاض كبير في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 14 مايو بالصاغة    برشلونة يسترد المركز الثاني بالفوز على سوسيداد.. ورقم تاريخي ل تير شتيجن    عاجل.. حسام حسن يفجر مفاجأة ل "الشناوي" ويورط صلاح أمام الجماهير    إبراهيم حسن يكشف حقيقة تصريحات شقيقه بأن الدوري لايوجد به لاعب يصلح للمنتخب    أول تعليق من " أوبر " على تعدي أحد سائقيها على سيدة بالقاهرة    تفحم 4 سيارات فى حريق جراج محرم بك وسط الإسكندرية    ميدو: هذا الشخص يستطيع حل أزمة الشحات والشيبي    «محبطة وغير مقبولة».. نجم الأهلي السابق ينتقد تصريحات حسام حسن    رئيس شعبة الأدوية: هناك طلبات بتحريك أسعار 1000 نوع دواء    رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية: نقوم باختبار البرامج الدراسية التي يحتاجها سوق العمل    "يأس".. واشنطن تعلق على تغيير وزير الدفاع الروسي    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    فرنسا: الادعاء يطالب بتوقيع عقوبات بالسجن في حادث سكة حديد مميت عام 2015    وصل ل50 جنيهًا.. نقيب الفلاحين يكشف أسباب ارتفاع أسعار التفاح البلدي    «أخي جاوز الظالمون المدى».. غنوا من أجل فلسطين وساندوا القضية    أطفال مستشفى المقاطعة المركزى يستغيثون برئيس الوزراء باستثناء المستشفى من انقطاع الكهرباء    الحماية القانونية والجنائية للأشخاص "ذوي الهمم"    إبراهيم عيسى: الدولة بأكملها تتفق على حياة سعيدة للمواطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأقليات .. سلاح الغرب لتقسيم الوطن العربى
نشر في الأهرام اليومي يوم 09 - 01 - 2015

تظل فكرة وجود أقليات فى العالم العربى واحدة من أبرز المبررات التى يستغلها الغرب عادة وقتما يريد لدس أنفه فى شئون الآخرين, سعيا وراء رغبة مؤكدة ومتواصلة بتفتيت أى حلم بخلق قومية عربية يمكنها أن توحد الشرق بعيدا عن التحيز الطائفى
وليس ببعيد عن ذاكرتنا الجماعية ما استخدمته القوى الإستعمارية كمبرر لحماية يهود الشرق من خلق كيان الإحتلال الإسرائيلى البغيض, ذلك الكابوس الذى ما زال جاثما على أيامنا وأعصابنا.
وبقدر الاهتمام الهائل الذى يوليه الغرب بالأقليات الدينية فى عالمنا العربى, تبقي مفارقة مؤلمة هى أننا كعرب لا ندري فعليا الكثير عن تلك الأقليات التى وفق التصور الغربي من حقها الاستقلال وخلق كيانات منفصلة خاصة بها بمعزل عن الكيان العربي, هربا من الإبادة التى تتعرض لها كما يروجون.
لقد ظلت فكرة تدخل الرجل الغربى النبيل بالقوة لحماية الأقليات المقهورة فى الشرق, تحتل جزءا كبيرا من الأدبيات الغربية, التى كثيرا ما إعتبرت أن ما تعانيه الأقليات فى عالمنا العربى من اضطهاد ليس من سبيل إلى علاجه سوى تقسيم الدول العربية إلى أقاليم مفتتة ولكل طائفة دولة مستقلة, باعتباره الحل الوحيد لمعاناتهم . وإن لم تكن هناك معاناة فعليه او مايمكن ان يستحق التدخل الانسانى الغربى يمكن ابتكار معاناة مختلقة عن طريق عمليات أجهزة المخابرات الغربية.
نأخذ على سبيل المثال، الدراسة التى طرحها سفير إسرائيل السابق في مصر, تسفى مزئيل, عشية ما سمى بالربيع العربى, والتى يقترح فيها أن الميزة الوحيدة التى يجب أن تخرج من جعبة هذا الربيع, هو إعطاء الأقليات في الوطن العربي الحق في الاستقلال, مزئيل الذى عمل في عدة مناصب فى وزارة الخارجية الإسرائيلية كرئيس لإدارة مصر وشمال إفريقيا, يرى أن ما يسميه (ربيع الشعوب العربية) يجب أن يطرح حلول لمشاكل الأقليات في العالم العربي على غرار ما حدث في السودان من استقلال جنوبها, الذي يري انه كان الحل الأمثل للسودان.
ويقترح مزئيل فى دراسته لمركز القدس للشؤون العامة, أن على الشباب العربي قبول الآخر والسماح له بإنشاء أنظمته الفيدرالية أو أنظمة حكم ذاتى أو أى كيانات حاكمة مستقلة أخرى, فى دول مثل سوريا واليمن والجزائر وليبيا, وبطبيعة الحال دوما ما يقفز فى مثل هذه الدراسات الاقتراح بحصول الأكراد على دولتهم المستقلة.
مثل هذه الاقتراحات تعد من وجهة نظر مزئيل وغيره هى الوسيلة الوحيدة للتغلب علي فشل الحكومات العربية على مدار أكثر من 90 عاما فى التغلب علي ما يسميه بالفسيفساء العرقية والطائفية في جميع الدول العربية, وفى إيجاد صيغ تعايش وتعاون اقتصادى واجتماعى وسياسى بينهم, وهو بالطبع يتهم فى دراسته دعوات الزعيم الراحل عبد الناصر إلى لم الشمل فى إطار وحدة قومية عربية جامعة مانعة, بالمحاولات الفاشلة التي يشبهها بما يحدث الآن من محاولات توحيد المسلمين تحت راية الجماعات المتطرفة التي تدعو إلي فرض أجندتها الدينية بالقوة, فى إطار ما يسمى بالخلافة الإسلامية.
فى كتاب ورثة الممالك المنسية: رحلات في ديانات الشرق الأوسط, يناقش الدبلوماسي الأمريكي السابق, جيرار راسل, كيف تعانى الأقليات الدينية في العالم العربي اليوم, قدرا هائلا من التحديات التي لم تواجهها يوما في تاريخها في المنطقة, مما يهددها بالانقراض تماما, وذلك مع صعود الجماعات الإرهابية وتنامى الكثير من جماعات التشدد والتطرف التى تكفر الجميع وتستبيح دمائهم.
راسل يستعرض بمرارة في كتابه- حديث النشر- فصلا كاملا عن طائفة الايزيديين وعمليات الإبادة التي تتعرض لها هذه الطائفة علي يد داعش حاليا, وهو يقدر عددهم بما لا يتجاوز 200 ألف شخص يسكنون في شمال العراق وقد ظلوا دوما -خلافا للواقع, متهمين من قبل مسلمي العراق بأنهم عبدة الشيطان, وهو ما جعل داعش تستبيح دمائهم ونسائهم بدم بارد.
من بين الديانات الأخرى التي يري راسل أنها مهددة بالانقراض في العالم العربي مما ويستوجب حمايتها, طائفة الدروز الذين يعرفهم بأنهم " صانعي الملوك الذين لم يكونوا أبدا ملوكا" وهو يرصد تمركزهم حاليا ما بين سوريا ولبنان ويري أن غالبيتهم قد هربوا إلي إسرائيل خوفا من إبادتهم.
أما الزرادشتيين الذين كانوا ذات يوم يشكلون الغالبية العظمي من فارس القديمة, فيرصد راسل ان غالبيتهم قد هربوا إلي الهند وان عددهم لم يعد يتجاوز ال200 ألف نسمة وهم في تقلص متواصل, في حين أن طائفة المندائيين أو الصابئة الذين كانوا يسكنون العراق أو تحديدا ما كان يعرف ببلاد الرافدين, وهى احدى الديانات الإبراهمية وتعد من أولى ديانات التوحيد, فلم يبق منهم سوي 650 ألف نسمة فقط على مستوى العالم, يعيش أغلبهم فى أمريكا وكندا.
أما الطائفة السامرية, التى تنسب إلى اليهودية ولكنها تتبع توراة مختلفة عن بقية توراة بنى إسرائيل, ويعتبر راسل أنهم الجسر الذى يجمع عقائديا ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين فما بقى منهم لا يتجاوز اليوم نحو 750 شخص.
وبعيدا عن تعاطف راسل وكتابه عن تلك الطوائف واتهامه الغرب بالتقصير فى حمايتهم, متجاهلا دور الغرب في خلق التنظيمات الإرهابية التى تعمل اليوم علي تصفيتهم, وعن تجاهله الواضح اثر احتلال العراق عما وقع من تهجير لمسيحي العراق, وتجاهله أيضا لما حدث لمسيحي سوريا من تنكيل وتهجير, فإننا نرى اليوم عددا كبيرا من المحللين الغربيين يعتقدون أن حل الكارثة السورية يكمن في فصل البلاد إلى ما لا يقل عن إقليمين واحدا يسكنه الغالبية من المسلمين السنة, فى حين يسكن الإقليم الثانى الأقلية العلوية مع اقتراحات بوجود إقليم للدروز يمتد إلى لبنان.
الحماس الغربى لخلق كيانات شيعية مستقلة أو تمكين الشيعية من الحكم كان قد نفذ بعنف مع الاحتلال الأمريكي فى العراق بعد الإطاحة بحكم صدام حسين حيث تم تمكين الغالبية الشيعية علي حساب الأقلية السنية, ويمكننا بوضوح أن نرى النتائج الكارثية لتلك الخلخلة الاجتماعية التي اجبرت عليها العراق.
جديرا بالذكر انه ووفقا لأحدث دراسات مؤسسة بيو الأمريكية للأبحاث, فان الشيعة يشكلون ما بين 10 الي 13 % من تعداد سكان العالم, كما أنهم بطوائفهم المختلفة يشكلون نحو 20 % من تعداد المسلمين حول العالم, يعيش ثلثهم فى إيران, ولا يخفى علينا وجود دعم غربي خفى لخلق كيانات شيعية, لا يبقى فى مقابلها وجود دولة يهودية نقية بالأمر المستنكر.
من بين الأقليات العرقية التى تلقى دعما متواصلا أيضا من الغرب, قبائل البربر أو ما يعرف بالامازيغ, وهى من بين الأقليات التى يعمل الغرب وخاصة اسرائيل عن كثب لجذبها نحو الانفجار, وهم يشكلون غالبية السكان في شمال أفريقيا حيث يشكلون نحو 45 % من تعداد السكان فى المغرب و25 % فى الجزائر و 10 % فى كل من ليبيا وتونس ويصل عددهم الإجمالى من 20 إلى 25 مليون نسمة, وكان قد اشيع ان رئيس الكونجرس العالمي الامازيغى الحالى, فتحى بن خليفة, قد صرح عقب اغتيال القذافى إلى ان امازيغ ليبيا مستعدون لانشاء اتصلات مع اسرائيل باعتبارها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط وان مشكلة الشعب الفلسطيني هى مشكلتهم الخاصة وان الامازيغ يستعدون لتحرير انفسهم من الانظمة الديكتاتورية والعمل على الحصول على حقوقهم السياسية كمجتمع مستقل.
نذكر أيضا واحدة من ابرز الدراسات التى تناولت ضرورة تمكين الأقليات فى العالم العربي فى كيانات مستقلة وهى دراسة مايكل هدسون، الأستاذ الفخرى فى جامعة جورج تاون، التى جاءت بعنوان "نقص الشرعية" فى السياسة العربية والتى يقول فيها أن مشكلة الأقليات في العالم العربى تظل مشكلة مؤرقة بشكل متصاعد, وفي هذه الدراسة يقول كاتبها بشكل واضح أن العالم الإسلامى هو أسوء عدو لحقوق الأقليات, مع صمت متزايد من قبل الغرب تجاه الانتهاكات التي تمارس ضد الأقليات العرقية والطائفية...
في النهاية يبقي التساؤل هل سيتحمل الرجل الأبيض عبئه التاريخي مرة أخرى ويخرج لنا بسايكس-بيكو جديدة قريبا؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.