مع بداية عام 2015 المرور هو حلم كل المصريين، وأن تتحسن أوضاعه المتردية ليس بالشوارع فقط، وإنما داخل وحدات المرور التي باتت شعارا للفساد و المحسوبية و الرشوة، بالإضافة إلي الصداع المزمن الذي بات حله دربا من دروب الخيال، و هو الزحام والتكدس في الشوارع، الذي يتسبب في تعطيل مصالح المواطنين، وهو ما يترتب عليه تعطيل حركة التنمية بالبلاد، ويتسبب في هروب رؤوس الأموال من مصر. ولم يقتصر الأمر عند وقوف المواطنين في طابور يمتد عشرات الأمتار يتخلله بعض المجندين وأمناء الشرطة والموظفين، الذين باعوا ضمائرهم واستسلموا لنداء الرشوة، واستغلوا حاجة عباد الله لسرعة إنهاء مصالحهم قبل ان يجيء الأجل علي أعتاب وحدات المرور، واستولوا منهم علي الأخضر واليابس في تحد لمن رفضوا دفع رشي، ووقفوا في طوابير إزهاق الأرواح (المرور سابقا)، وما زاد الطين بلة تورط بعض الضباط في وحدات المرور بتقاضي رشي لينطبق عليهم المثل القائل "حاميها حراميها". ففي عام 2014 ألقت أجهزة الأمن القبض علي أكثر من مسئول بوحدات المرور، وكان آخرها تورط مسئولين بمرور العبور في قضية ترخيص سيارات مسروقة و مهربة بأوراق مزورة، و قبله تشكيل آخر بمرور مدينة نصر، و في الجيزة منذ أيام ألقي القبض علي صاحبي معرض للسيارات المسروقة و المهربة بالقرب من وحدة مرور أوسيم بعد تزوير أوراقها واستخراج أوراق تراخيص رسمية مزورة من داخل المرور، لنكتشف أن وجود مثل تلك العصابات الموجودة داخل وحدات المرو ومافيا الفساد التي تسيطر عليها تتفنن في وضع العراقيل أمام المواطن العادي، الذي يريد ترخيص سيارته التي يمتلكها بأوراق رسمية، أو الذي يريد استخراج رخصة قيادة له، و الذي يجد نفسه مضطرا للذهاب إلي المرور أكثر من 5 أيام يقف خلالها في طوابير تنتهي بعدم حصوله علي الرخصة، ليجد نفسه مضطرا للتوجه إلي السماسرة ليصبح الوضع تقنينا لوضع هؤلاء السماسرة الموجودين أمام وحدات المرور. ففي الوقت الذي تم فيه افتتاح وحدة مرور جديدة بمنطقة حدائق الأهرام بالجيزة لتخفيف العبء عن وحدة مرور فيصل التي أصبحت نموذجا للفساد و المحسوبية، ومأوي لأباطرة السماسرة مازال المواطنين يحلمون بوحدات مرور عصرية خالية من الفساد. هل الحل في أزمة استخراج تراخيص السيارات أو القيادة، هو إنشاء مبان جديدة لوحدات المرور، أم تطوير أداء القائمين علي تلك الوحدات؟ أم وضع رقيب علي ضمائر ضعاف النفوس من الضباط وأمناء الشرطة والموظفين ؟.. سؤال يطرحه المواطنون بعد إفتتاح وحدة مرور حدائق الأهرام . هذا هو رد فعل المترددين علي وحدة مرور فيصل عقب علمهم بافتتاح وحدة المرور الجديدة، و قد تعددت شكواهم من المعاناه التي يلاقونها عند التوجه لإنهاء إجراءات الحصول علي رخص القيادة، و تجديد تراخيص سياراتهم بها، حيث روي م . س و هو أحد المترددين علي الوحدة مشكلته التي عاني منها طيلة 7 أيام متواصلة كان يتردد يوميا خلالها علي مرور فيصل لتجديد تراخيص سيارته، معتقدا أن ما أعلن خلال الفترات الماضية عن تطوير الأداء بوحدات المرور قد غير من الصورة الموجودة لديه، إلا أنه فوجئ بأن الأمر أسوأ من ذي قبل حيث، إنه حاول سلك الطرق الرسمية إلا أنه اصطدم بالواقع الأليم و تعطيل غير مبرر لأوراقه، حتي اضطر للجوء إلي أحد السماسرة الموجودين بكثرة خارج الوحدة لإنهاء الإجراءات له مقابل 400 جنيه. و الأمر لا يختلف كثيرا في وحدة مرور أكتوبر و التي أعلن أيضا عن افتتاح مقر جديد لها خلال الأيام المقبلة، حيث يروي محمد مسعد أنه توجه لاستخراج رخصة قيادة من داخل الوحدة، و قبل دخوله استقبله السماسرة يعرضون عليه خدماتهم و إنهاء الإجراءات له، فقرر أن يسلك الطريق الصحيح و بعد يوم من العناء حتي انتهي الموظفون من عملهم، وفشل هو في الحصول علي الرخصة، ولكن الأمل لم ينقطع لدية فقد حضر في اليوم التالي و من شباك إلي شباك تنقل و لم ينجح أيضا في الحصول علي الرخصة، ليتلقفه السماسرة ليدفع 700 جنيه لهم، و يحصل علي الرخصة. لنجد بذلك أن أزمة المرور المزمنة في مصر لها عدة محاور ما بين فساد داخل وحدات المرور يجعل الذهاب لوحدات المرور أمرا عسيرا و عقابا لكل من فكر في امتلاك سيارة أو العمل كسائق و زحام و تكدس بالشوارع يصيب القاهرة و الجيزة بالشلل و يهدر موارد الدولة ووقت المواطن معا. حيث سجلت إحصائيات المرور خلال عام 2014 ارتفاع عدد السيارات التي تجوب شوارع الجمهورية إلي 7 ملايين و500 ألف سيارة، ارتكبت خلال هذا العام 2 مليون و500 ألف مخالفة مرورية. و بلغ عدد حوادث تصادم السيارات بالقاهرةوالجيزة 1867 حادثا، كان عدد القتلي فيها 747 قتيلًا، و1664 مصابًا. وصرح اللواء مصطفي درويش مساعد وزير الداخلية للمرور المركزي، بأن ضباط المرور حرروا مليونا و267 ألف مخالفة مرورية علي الطرق السريعة. وصرح اللواء حمدي الحديدي مساعد وزير الداخلية لمرور القاهرة بأنه خلال العام المنصرم تم تحرير مليون و187 ألف مخالفة للسيارات بالقاهرة، منها 882 حادثة بلغ عدد المتوفين فيها 426 متوفيا، و946 مصابًا. وصرح اللواء مجدي عز الدين مساعد وزير الداخلية لمرور الجيزة، بأن عدد الحوادث 985 حادثة وبلغ عدد القتلي 321 و718 مصابًا. وكانت تلك الأرقام و أعداد القتلي و المصابين الناتجة عن تلك الحوادث هي نتاج طبيعي لحصاد أباطرة السماسرة داخل وحدات المرور. والسؤال الذي نطرحه إلي متي سيستمر هذا الحال من الفوضي واسغلال النفوذ داخل وحدات المرور؟