مع بدء الحوار الوطنى الاستراتيجى بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية فى يناير 2015 وتسلم السفير الأمريكى الجديد مهام عملة فى القاهرة ووصول طائرات الأباتشى لمصر، ستشهد الفترة القادمة حتما دفعة قوية وانتعاشا ملحوظا فى العلاقات بين الدولتين التى تأرجحت بين التعاون والصراع عبر المراحل الزمنية المختلفة منذ أول تمثيل أمريكى بمصر فى يناير 1832 حين افتتحت الولاياتالمتحدة قنصليتها بالاسكندرية وتعين فيها جون جليدون الوكيل القنصلى البريطاني.وما لاشك فيه أن المصالح المشتركة بين الدولتين هى التى تحدد مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية وتحركها فى اطار أولوياتها بالنسبة للولايات المتحدة فهى السلام الاقليمى حيث تمثل عملية السلام فى الشرق الأوسط محورا أساسيا فى العلاقات بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية، والتعاون الاستراتيجى والديمقراطية الدستورية ،أما مصر فأمريكا بالنسبة لها هى المصدر الرئيسى للأسلحة حتى الآن وأكبر مانح للمساعدات الاقتصادية لمصر. وقد أكد وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى خلال زيارته الاخيرة للقاهرة والتى تاتى دوما فى اطار تصعيد مستوى الحوار بين الدولتين على الاهمية التى تعلقها الولاياتالمتحدةالامريكية على مستقبل العلاقات مع مصر والعمل على تطويرها، مشددا على ضرورة التعاون من أجل تحقيق الأهداف المستقبلية المشتركة .كذلك دعم العلاقات الاستراتيجية لما لها من تأثير ايجابى فى استقرار منطقة الشرق الأوسط، الى جانب مواجهة التهديدات المشتركة وأخطرها ظاهرة الارهاب. ويرى وزير الخارجية سامح شكرى أن دخول القاهرة مع واشنطن فى حوار استراتيجى يعد أمرا بالغ الأهمية للدولتين وذلك بدءا من يناير المقبل ،وفرصة لطرح كافة المشكلات بشكل عملى وصريح ومناقشة الملفات المعلقة ولاسيما المساعدات العسكرية، مشيرا فى حواره لاحدى الفضائيات مؤخرا لتفهم نظيره الأمريكى جون كيرى لضرورة حل مشكلة تعليق المساعدات العسكرية على وجه السرعة.وأوضح الوزير فى هذا السياق أن مصر تسير على نهج الديمقراطية فى الأوضاع العامة للدولة ووسائل الأعلام وحرية الرأى وقد انتهت من الاستحقاق الأول والثانى من خارطة الطريق من دستور وانتخابات رئاسية، لافتا لنص قرار اعتماد المساعدات العسكرية المعلقة المشروط باستيثاق الولاياتالمتحدةالأمريكية لتطبيق مصر لخارطة المستقبل وهو ما لا يمكن انكاره ويقره المشاهد المحايد. ووصف العلاقات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية انها «قديمة ووثيقة» وتمثل أيضا قدرا من المنفعة تستخلصه مصر «نحرص على استمرار علاقاتنا مع دولة بحجم الولاياتالمتحدةالأمريكية». ويرى الدكتور محمد محمود الجمسى الأمين العام للمجلس الدولى لحقوق الانسان والتحكيم والدراسات السياسية والاستراتيجية ان من المتنظر أنه تشهد الفترة القادمة انتعاشا فى الروابط المصرية الأمريكية على كافة المستويات العسكرية والاقتصادية والأمنية من أجل تكوين حلف أكثر تماسكا لمواجهة ما تتعرض له مصر بل والمنطقة بأكملها من تهديدات للجماعات المسلحة الخارجة عن اطار الدولة باختلاف مسمياتها.والذى يحدد مستقبل العلاقات بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية هى المصالح الاستراتيجية التى تعنى بها السياسة الأمريكية بالدرجة الاولى، وهو ما يجعلها توطد علاقاتها مع مؤسسات الدولة لتأمين مصالحها مع دولة محورية كمصر باعتبارها حليفا استراتيجيا مهما ورمانة الميزان لضمان أستقرار أمن المنطقة، ومحاربة التنظيمات الارهابية التى قد تطول ألسنتها أسرائيل. وتوقع اللواء عبدالمنعم سعيد رئيس هيئه عمليات القوات المسلحة الأسبق فى تصريحات اعلامية سابقة أن العلاقة بين الدولتين سوف تشهد تطورا فى الفترة القادمة :«واشنطن تعلم جيدا أنها ستفقد قدرا من المميزات التى تحصل عليها فى المنطقة ،منها على سبيل المثال أولوية مرور السفن الأمريكية بقناة السويس الممر المائى لحركة التجارة العالمية، باعتبار أمريكا هى الدولة الوحيدة التى تتمتع بهذه الميزة». ويؤمن على ذلك اللواء علاء عزالدين مدير مركز الدراسات الأستراتيجية بالقوات المسلحة السابق بأن أمريكا سوف تعمل على استرداد العلاقات الطيبة مع مصر خلال الفترة القادمة وهو ما يستوجب التحرك الفورى لهم لاستعادة قوة العلاقة ودعم سبل التعاون المشترك مجددا. ويعتقد المحللون السياسيون أن عام 2015 سوف يشهد طفرة فى مجال العلاقات الثنائية بين البلدين ولاسيما بعد تحقيق مصر الجزء الأكبر من خارطة الطريق الديمقراطية من ناحية، ودعما للمصالح الأمريكية الأستراتيجية فى المنطقة من ناحية أخرى، ولاسيما وان الولاياتالمتحدة سوف تتكبد خسائر مالية تتعدى أضعاف دعمها لمصر فى حالة منع السفن الأمريكية الحربية من المرور فى قناة السويس،نظرا لتحكم القناه فى أكثر من 4% من حركة النفط العالمية و8% من حركة التجارة البحرية ولاسيما بعد الانتهاء من قناة السويس الجديدة فى أغسطس 2015. ويقول جريجورى بى جريج مستشار سابق فى البيت الأبيض فى ادراة أوباما أن دعم مصر اقتصاديا خلال الفترة القادمة سيعمل على ارساء أسس وقواعد الديمقراطية فى مصر الحديثة «اذا انهار اقتصاد أكبر دولة عربية ،فقد تهوى المنطقة بأكملها، وأذا تم وأد الديمقراطية فى مصر فسوف يكون لذلك انعكاسات سلبية على مصر والدولة المجاورة». بينما يدعو فين ويبر عضو جمهورى سابق فى الكونجرس الأمريكى الى ضرورة التعاون الوثيق بين الولاياتالمتحدة والجيش المصرى لتحقيق الاستقرار الاقليمى ودعم العلاقات بين الدولتين، مقترحا تخصيص مبلغ 100 مليون دولار من التمويل العسكرى الأجنبى للولايات المتحدة من أجل محاربة الارهاب والتنمية الاقتصادية فى سيناء.