ظهرت ملامح أزمة صدام مبكر بين المنظمات غير الحكومية المصرية واللجنة العليا للانتخابات البرلمانية، بعدما رفض عدد من المنظمات الرئيسية للشروط والضوابط التى حددتها اللجنة العليا للتصريح للمنظمات بمتابعة أجراءات سير الانتخابات البرلمانية القادمة، وهو ما أثار مخاوف من قلة عدد المنظمات التى تتقدم لمتابعة الاستحقاق الثالث لخارطة الطريق، وانخفاض أعداد المراقبين. بالتزامن مع ذلك يسعى مركز بن خلدون لحث مركز «كارتر» على العودة ببعثة لمتابعة الانتخابات البرلمانية جزئيا أو كليا بصورة مستقلة أو من خلال الشراكة معه، فى وقت ينتظر، قيام اللجنة العليا للانتخابات، بتوجيه دعوات لرؤساء وأعضاء هيئات ومفوضيات الانتخابات فى العالم، والمنظمات والهيئات الدولية والإقليمية لمتابعة الانتخابات البرلمانية فى مصر، لمتابعة الانتخابات، بعد أن تعلن اللجنة مواعيد تقديم الطلبات للمنظمات المصرية والأجنبية، لتبدأ اللجنة فى تسجيل المتابعين منها لاستخراج التصاريح الازمة للمراقبة، فى حين طالب المجلس القومى لحقوق الإنسان بضرورة تسهيل عمل الجمعيات وممارستها لنشاطها، وأنه على استعداد تام لتدريب المراقبين للمنظمات الحديثة لرفع قدرات ومهارات المراقبين بها. وقال محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، إن الشروط التى وضعتها اللجنة لم تتغير كثيرا من قبل ثورة 25 يناير منذ عهد مبارك وهى شروط متشددة، لأن الشرط الخاص بالخبرة سيحرم المنظمات حديثة النشأة والمنظمات الجديدة من أن تقوم بالمشاركة فى المراقبة رغم تسجيلها وصحة أوراقها، كما ان الشرط الخاص بسمعة المنظمة أو المؤسسة، غير مفهوم فى القصد منه، فإذا كانت صياغته تمت بهذه الطريقة لتحديد أن تصاريح المراقبة سوف تمنح للمنظمات التى لا يوجد بها مخالفات أو لم يتم اجراء تحقيق معها من قبل، فإن تلك الصياغه بهذه الطريقة جاءت قاصرة وغير واضحة وتشير إلى مناخ عدم الثقة فى المجتمع المدنى ومن الأفضل استخدام صياغة أخري، وأنه على اللجنة العليا للانتخابات أن توضح أسباب وضع هذه الشروط فى تلك المرحلة. وأضاف أن الحكومة ولجنة الانتخابات مازال لديها حساسية من أعمال المراقبة وميلها لعدم استخدامها مصطلح المراقبة للمنظمات الأهلية وهو انطباع غير سليم وخاطيء تماما منها، فهى تنظر لها على أنها عملية منفصلة أو خارجية عن الانتخابات و تستخدم مصطلح متابعة وملاحظة ومشاهدة للتعبير عن مراقبة المنظمات للانتخابات، رغم أنهم يحملون معنى واحدا تقريبا وهو أن المتابع خارج العملية الانتخابية، بينما المراقبة تعنى التواجد داخل العملية الانتخابية، كما أن الحكومة واللجنة ترى فى الوقت ذاته أنه لا يجوز مراقبة اللجنة العليا للانتخابات التى تقوم بإلاشراف القضائي على العملية الانتخابية، وينظران إلى المجتمع المدنى أنه ليس من حقه مراقبة الانتخابات رغم حصوله على حكم قضائى نهائى من مجلس الدولة بأحقيته فى مراقبة الانتخابات منذ 8سنوات. وقال مجدى عبد الحميد رئيس الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، إن شروط المعلنة لمتابعة المجتمع المدنى ليست جديدة وهى نفسها التى طبقتها اللجنة العليا للانتخابات فى انتخابات الرئاسة واعتبرها شروطا غير مرنة، رغم أن منظمات المجتمع المدنى كانت قد تلقت وعودا بوجود تسهيلات فى أعمال المراقبة والمتابعة فى هذه الانتخابات، كما أن منظمات المجتمع المدنى طالبت اللجنة بتخفيف هذه الشروط، ولابد من إظهار بعض التعاون مع المجتمع المدنى حتى يتسنى له القيام بدوره فى مراقبة الانتخابات،لأن الشروط بها درجة كبيرة من التضييق على حرية المجتمع المدنى ولابد من تخفيفها لأكبر درجة ممكنة. وأضاف أن شرط «أن تكون المنظمة أو الجمعية مشهرة طبقا للقانون رقم 84 لعام 2002»، هو شرط طبيعي، إلا أنه يحرم المراكز التى تعمل تحت مظلة قانون الشركات من متابعة الانتخابات، رغم أن الدولة تطالب تلك المراكز بالإغلاق من الأساس، وهذا الشرط هو جزء من نفس المعركة المستمرة بين الدولة وتلك المراكز، بالاضافة إلى أن شرط الحصول على شهادة حديثة صادرة من الوزارة المختصة تفيد باستمرارها فى مباشرة نشاطها فى متابعة الانتخابات هو نوع من أنواع التعجيز وليس له علاقة بتخوفاتهم من الجمعيات التابعة للإخوان، لأن هذا الشرط يطبق علينا كجمعيات ليس لها علاقة بهذا الموضوع، مما يتطلب تذليل بعض العقبات البيروقراطية التى تواجه المنظمات فى عملها بالمراقبة. وقال الدكتور سعد الدين إبراهيم رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، إن المركز سيعمل على الحصول على التصاريح من اللجنة العليا للانتخابات، وفى حالة عدم منحه لتصاريح المراقبة،سيقوم بعمله فى المراقبة بأشكال أخرى متعارف عليها دوليا دون الحاجة للتصريح كما حدث فى الانتخابات السابقة. وأضاف انه يقوم حاليا بالتنسيق والتشاور بين المركز وعدد من المنظمات والجمعيات المصرية المنتشرة في 24 محافظة، بالإضافة إلي التشاور مع عدد من المنظمات الدولية للمشاركة فى متابعة الانتخابات البرلمانية المقبلة ومنها مركز كارتر لبحث عودتهاإلى مصر ببعثة لمتابعة الانتخابات البرلمانية جزئيا أو كليا بصورة مستقلة أو من خلال الشراكة مع مركز بن خلدون، كما سيعمل المركز علي توفير التصاريح للمراقبين الدوليين من خلال المركز، فى حالة صعوبة حصولهم على التصاريح كمنظمات أجنبية من جانب اللجنة العليا للانتخابات. وطالب حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الانسان، اللجنة العليا للانتخابات، بضرورة أن تضع فى الاعتبار تحديد مدة زمنية كافية لعملية ادخال بيانات المتابعين للمنظمات وتسجيل أكواد المراقبين حتى تتمكن المنظمات والجمعيات الراغبة فى متابعة العملية الانتخابية من تسجيل جميع المتابعين، لأنها إحدى المشكلات التى واجهت المنظمات فى الانتخابات السابقة، وأخرت صدور التصاريح التى انخفضت اعدادها، مما يقضى بضرورة تسهيل اللجنة العليا للانتخابات اجراءات استخراج تصاريح المتابعين. وقال إن الشروط والضوابط التى أعلنت عنها اللجنة العليا للانتخابات تمنع المراكز الحقوقية التى تعمل طبقا لقانون الشركات من المتابعة الميدانية، فى حين أن غالبية تلك المراكز تقوم بإجراء دراسات وبحوث قانونية وتشريعية للبيئة المحيطة بالعملية الانتخابية. وقالت داليا زيادة مديرة المعهد المصرى لدراسات الديمقراطية الحرة، إنه فى ظل زيادة تقسيم الدوائر الانتخابية، فإننا نحتاج لمشاركة أعداد كبيرة من المنظمات، ويفترض أن يكون هناك تسهيلات من لجنة الانتخابات لعمل المتابعين والسماح بزيادة عدد المنظمات والجمعيات والمراكز. وطالبت زيادة، الدولة بالسماح للمنظمات المصرية والدولية بالتواجد بأعداد كبيرة، لأن الانتخابات البرلمانية لا يصلح معها أعداد قليلة فى تغطية دوائر بعينها ورسم انطباع عام للعملية بأكملها بناءً على تلك الدوائر. ووصف سعيد عبد الحافظ رئيس ملتقى الحوار، ضوابط متابعة منظمات المجتمع المدنى للانتخابات البرلمانية، بأنها مهمة، رغم عدم مرونتها، لأننا عانينا فى أعمال المتابعة من حصول جمعيات خيرية وجمعيات تعمل فى تحسين الصحة والتعليم والتنمية ومنظمات غير مسجلة لا علاقة لها بمراقبة الانتخابات، تحصل على تصاريح للمراقبة دون خبرة كافية لعملها، وبأعداد مختلفة ولم تضف شيئا أو تصدر تقارير ذات اهمية فى الانتخابات السابقة سوى التواجد داخل وخارج اللجان، وهو مايتطلب من اللجنة أكثر من أى وقت مضى أن تسهل من عمل المنظمات الحقوقية الجادة والقديمة المعنية بالاساس بمراقبة الانتخابات والديمقراطية. أما السيد محمد فائق رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، فجاء رده حاسما، أن دور المجلس هو مساندة منظمات المجتمع المدنى لكى تقوم بدورها فى أعمال المراقبة الوطنية للانتخابات، لأن المجلس هو محامى المنظمات أمام الدولة والحكومة وفى القلب منها المنظمات الحقوقية، وسيبقى سندا لها فى مطالبها، انطلاقا من دوره واختصاصاته. وقال إنه على استعداد تام لتدريب المراقبين للمنظمات الحديثة والراغبة لرفع قدرات ومهارات المراقبين بها، على الرصد والتوثيق لسير الانتخابات وفق المعايير الدولية ومدونات سلوك المراقبين وإصدار التقارير، مشيرا إلى أن المجلس سيتلقى الشكاوى الانتخابية منها من خلال غرفة متابعة الانتخابات التى سينشئها، وإبلاغها للجنة العليا للانتخابات والعمل كحلقة وصل بينهما. وطالب فائق، بفتح الباب والسماح لأكبر عدد من المنظمات الأجنبية فى المراقبة لأنه لا يوجد لدى مصر ماتخشاه أو تخاف منه أمام العالم، مع مراعاة أعمال السيادة لمصر وطريقة تقديم الدعوات لها الرسمية من الحكومة للحضور، أو الحصول على الموافقات المطلوبة من اللجنة العليا للانتخابات، بعد أن أن عقدت مصر العزم على اجراء انتخابات نزيهة وشفافة، لأن وجود هذه المنظمات الأجنبية خلال الانتخابات يفيد مصر على المستوى الدولى ويجعل الرأى العام العالمى يتابع تفاصيلها لحظة بلحظة، مما يغلق الباب أمام ترديد أى معلومات خاطئة عنها من دول ومنظمات تعمل بصورة عدائية ضد مصر فى الخارج.