تجلس وسط أسرتك وتشعر بإكتئاب، تسافر وتتنزه مع أصدقائك وتشعر بالملل، يبتسم أطفالك في وجهك ويلقون بأنفسهم في أحضانك وتشعر بضيق، تذهب لقضاء مشاويرك والقيام بأعمالك اليومية الثقيلة والمملة فتشعر بالإختناق، تمرض وترقد لعدة أيام فتشعر بالضجر، تواجه مشاكل في عملك أو ظلم من رؤسائك وتشعر بالغضب، تُخدش سيارتك إذا كنت تملك سيارة فتشعر بالحزن، وتُرهق من الركض خلف أتوبيس نقل عام إذا كنت لا تملك سيارة وتشعر بالحقد، ولكن ماذا ستفعل إذا استيقظت يوماً ولم تجد .... إحدي ساقيك. ياسين .. تعرض لحادث وهو في المرحلة الإبتدائية أفقدته إحدي ساقيه، عندما فتح عينيه وجد الناس حزينة حوله، ولأنه طفل لم يعي ماالذي حدث له، ولكنه بعد فترة شعر أن ساقه ليست موجودة، الأن وهو شاب وسيم ذو إبتسامة رائعة ويبلغ من العمر 16 عاماً – لا أحد يعلم كيف مرت عليه وعلي أسرته- يصف إحساسه في هذه اللحظة فيقول:" باشيل البطانية مالقتش رجلي فاستغربت ومافهمتش، حطيت إيدي عليها تاني عشان اتأكد،.... بس خلاص، عرفت إن رجلي اتقطعت، فخلاص مش هااعمل حاجة، اللي راح راح". حَلم ياسين أن يقود دراجة، وقرر أن يحقق الحلم، قاد الدراجة من القاهرة إلي العين السخنة في مدة ليست بالقصيرة، حوالي 7 ساعات ولكنه وصل في النهاية، وعندما سُئل عن الحلم الذي لا يستطيع تحقيقه، أجاب والإبتسامة تملأ وجهه: " مافيش حاجة مش هاقدر احققها، واللي نفسي فيه إن شاء الله هااعمله". يقول ياسين : " أكتر حاجة بتضايقني إن الناس مضايقة عشاني، مع إن أنا مش مضايق خالص لأنها حاجة كانت مكتوبالي ولازم هاتحصل"، ويطلب من الناس أن يكفوا عن معاملته كشخص مختلف عنهم، ولا ينظروا إليه نظرة شفقة وحزن. ولا أدري مَن مِن المفترض أن ينظر للآخر نظرة شفقة، هو أم هُم، ولكن دعني اهمس في أذنك يا ياسين، دعك من نظراتهم لك أو نظراتك لهم، فأنت أمامك الكثير والكثير لتحققه، أمامك آمال وطموحات ستصل إليها وتتخطاها إلي ما لا تتوقعه، كُن قدوة لكل ناقم ساخط علي حياته، فكم من عظماء في تاريخنا كانت لديهم إعاقة وبرغم ذلك حفروا أسمائهم في ذاكراتنا وعقولنا، وقد يكون الله سلبك إحدي ساقيك ليقدم لك كل هذه القوة والصبر والمثابرة علي تحقيق ماتريد. [email protected] لمزيد من مقالات دعاء جلال