فى عام حافل بالأحداث الكروية المثيرة ، استحوذت بطولة كأس العالم التى استضافتها البرازيل فى يونيو ويوليو الماضيين على القدر الأكبر من الاهتمام هذا العام كما نالت بطولتا كأس العالم المقبلتان نصيبهما من الاهتمام والمتابعة على مدى الشهور الماضية. وأثارت بطولتا كأس العالم 2018 فى روسيا و2022 فى قطر الكثير من الجدل حول الاتحاد الدولى للعبة (فيفا). وبعد انتظار طويل وترشيحات وتكهنات لم تتحقق مرارا على مدى السنوات الماضية ، انتزع المنتخب الألمانى العرش العالمى وتوج بلقب كأس العالم 2014 عن جدارة بعد تغلبه على المنتخب الأرجنتينى فى المباراة النهائية للبطولة. وبعد هذه البطولة ، سيطرت النسختان التاليتان من المونديال على معظم الأجواء فيما تبقى من عام 2014 .
وبعد سنوات من القلق والاضطرابات السياسية والمشاكل حول بناء الاستادات بهذه التكلفة الباهظة فى البرازيل لاستضافة المونديال، أكدت البرازيل استعدادها مع انطلاق فعاليات البطولة واستضافت بنجاح النسخة العشرين من بطولات كأس العالم. ولكن أحلام راقصى السامبا فى الفوز باللقب العالمى السادس تبددت وذهبت أدراج الرياح إثر انهيار الفريق بشكل لم يكن متوقعا على الإطلاق خلال مباراته أمام المنتخب الألمانى فى المربع الذهبى للبطولة حيث نال الفريق هزيمة تاريخية فى هذه المباراة وخسر 1/7 فى مدينة بيلو هوريزونتي. وأعادت هذه الهزيمة الثقيلة إلى الأذهان ذكريات السقوط المهين للمنتخب البرازيلى على ملعب ماراكانا أمام نظيره الأوروجويانى فى المباراة الختامية لمونديال 1950 بالبرازيل وهى المباراة التى اشتهرت بلقب »ماراكانازو« التى منحت اللقب العالمى الثانى لأوروجواى بعدما كان التعادل كافيا لمنح البرازيل لقبها العالمى الأول. وخلال المباراة أمام البرازيل فى المربع الذهبى لمونديال 2014 ، سجل المهاجم الألمانى المخضرم ميروسلاف كلوزه الهدف الثانى للفريق فى هذه المباراة وانفرد بالرقم القياسى لعدد الأهداف التى يسجلها أى لاعب على مدى تاريخ مشاركاته فى المونديال. وقال لويس فليبى سكولارى المدير الفنى للمنتخب البرازيلى عقب الهزيمة :»إنها كارثة... أسوأ هزيمة فى تاريخ المنتخب البرازيلي». وقال مارسيلو مدافع المنتخب البرازيلى :»اليوم كان الأسوأ فى حياتنا». وظهرت مؤشرات هذه الهزيمة خلال مباراة الفريق أمام المنتخب الكولومبى فى دور الثمانية حيث أصيب نيمار دا سيلفا مهاجم الفريق إثر التحام عنيف للغاية مع المدافع الكولومبى خوان زونيجا كما نال تياجو سيلفا مدافع المنتخب البرازيلى إنذارا فى المباراة هو الثانى له فى البطولة ليحرمه من المشاركة فى المباراة أمام ألمانيا بسبب الإيقاف. وكان غياب نيمار وسيلفا كافيا لإصابة المنتخب البرازيلى بالإحباط كما حرم الفريق من خبرتهما مما مهد الطريق أمام هذه الهزيمة الثقيلة. وبعدها ، ودع المنتخب البرازيلى البطولة على أرضه بأسوأ شكل ممكن حيث خسر صفر/3 أمام المنتخب الهولندى فى مباراة تحديد المركز الثالث وكان طبيعيا أن يستقيل سكولارى من تدريب الفريق بعد انتهاء البطولة. وكان سكولارى واحدا من عدة مدربين تركوا مناصبهم خلال أو بعد انتهاء المونديال البرازيلى ولكن فيسنتى دل بوسكى المدير الفنى للمنتخب الأسبانى ظل فى منصبه رغم الخروج المبكر والمهين لفريقه من الدور الأول للبطولة التى خاضها للدفاع عن لقبه العالمي. وكان خروجه من الدور الأول بمنزلة نهاية عصر سيطر فيه هذا الفريق على الساحتين الأوروبية والعالمية حيث توج خلاله بلقب بطولة كأس الأمم الأوروبية 2008 و2012 ولقب كأس العالم 2010. وترك المهاجم الأوروجويانى الدولى لويس سواريز بصمته الخاصة فى البطولة عندما «عض» جورجيو كيلينى مدافع المنتخب الإيطالى فى كتفه خلال مباراة الفريقين فى الدور الأول للبطولة. وكانت هذه هى واقعة «العض» الثالثة فى مسيرة سواريز الكروية مما أدى إلى قرار قاس من الاتحاد الدولى للعبة (فيفا) بإيقافه تسع مباريات رسمية مع منتخب بلاده إضافة لإيقافه أربعة أشهر عن المشاركة فى أى مباريات رسمية مع ناديه أو منتخب بلاده. لكن هذا الإيقاف لم يمنعه من استكمال انتقاله من ليفربول الإنجليزى إلى برشلونة الأسبانى قبل أن يعود للمشاركة فى المباريات فى أواخر أكتوبر الماضى إضافة لاستعادة ذاكرة الأهداف. وعلى هامش المونديال البرازيلى ،كانت هناك بعض الأمور المثيرة للجدل خارج الملعب أيضا حيث ألقى القبض على أحد مسئولى الفيفا بفندق معتمد للفيفا يطل على شاطئ كوباكابانا الشهير للتحقيق معه بشأن بيع تذاكر المباريات فى السوق السوداء. ورغم تفوق جويتزه على ميسى فى نهائى البطولة ، كانت الكرة الذهبية لأفضل لاعب فى المونديال البرازيلى من نصيب النجم الأرجنتينى متفوقا على نيمار والكولومبى جيمس رودريجيز والألمانى فيليب لام وتونى كروس وتوماس مولر وماتس هولمز والهولندى آريين روبن والأرجنتينيين الآخرين خافيير ماسكيرانو وآنخل دى ماريا. وفى بداية هذا العام ، حل ميسى ثانيا فى استفتاء الفيفا على جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب فى العالم لعام 2013 وتوج منافسه العنيد البرتغالى كريستيانو رونالدو بالجائزة للمرة الثانية فى مسيرته الكروية. ورغم فوز رونالدو بالجائزة ، لم يترك اللاعب بصمة حقيقية مع منتخب بلاده فى المونديال البرازيلى نظرا لأنه لم يتعاف تماما من الإصابة التى عاناها قبل البطولة. ورغم هذا ، استمتع كل من ميسى ورونالدو بعام اتسم بتحطيم كل منهما بعض الأرقام القياسية مع ناديه ليقع عليهما الاختيار مع حارس المرمى الألمانى مانويل نوير فى القائمة النهائية للمرشحين لجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب فى العالم لعام 2014 . واعتلى ميسى نجم برشلونة قائمة أفضل الهدافين فى تاريخ الدورى الأسبانى ثم تصدر قائمة أفضل الهدافين فى دورى أبطال أوروبا. كما تألق رونالدو بشكل هائل فى هز الشباك خلال 2014 وقاد ريال مدريد للقب دورى أبطال أوروبا بالتغلب فى النهائى على جاره ومنافسه العنيد أتلييكو فى نهائى مدريدى تاريخى للبطولة. كما اختتم الريال مسيرته فى 2014 بإحراز لقب كأس العالم للأندية بالتغلب فى النهائى على سان لورنزو الأرجنتينى بطل كأس ليبرتادوريس بمدينة مراكش المغربية. وأكمل أشبيلية الهيمنة الأسبانية على الساحة الأوروبية بالتغلب على بنفيكا البرتغالى بركلات الترجيح فى نهائى مسابقة الدورى الأوروبي. وأنهى أتليتكو فترة صيامه عن الألقاب والتى امتدت تسعة مواسم احتكر فيها برشلونة والريال اللقب قبل أن يحرز أتليتكو اللقب فى موسم 2013/2014 . ولم تشهد بطولات الدورى الكبيرة الأخرى فى أوروبا مفاجآت كبيرة حيث أحرز مانشستر سيتى لقب الدورى الإنجليزى وحافظ يوفنتوس على لقب الدورى الإيطالى وكذلك فعل بايرن ميونيخ فى الدورى الألمانى (بوندسليجا) بعد موسم اتسم بتحطيم العديد من الأرقام القياسية علما بأنه كان الأول للفريق بقيادة المدرب الاسبانى جوسيب جوارديولا. وحافظ بايرن فى ذلك الموسم على ثنائية الدورى والكأس فى ألمانيا. وشهد 2014 وفاة عدد من أعظم لاعبى كرة القدم السابقين مثل الأسطورة البرتغالى إيزيبيو والأسطورة الأرجنتيني-الأسبانى ألفريدو ستيفانو والنجم الإنجليزى توم فيني. كما توفى كل من تيتو فيلانوفا المدير الفنى السابق لبرشلونة ومواطنه لويس أراجونيس المدير الفنى السابق للمنتخب الأسبانى الفائز بلقب يورو 2008 . وتسبب تفشى وباء الإيبولا بغرب افريقيا فى مطالبة المغرب بتأجيل استضافتها لبطولة كأس الأمم الأفريقية 2015 ولكن الاتحاد الأفريقى للعبة (كاف) رفض هذا وقرر نقل البطولة ، التى تنطلق فعالياتها فى 17 يناير المقبل ، إلى غينيا الاستوائية لتقام فى نفس موعدها المحدد سلفا. وبالنسبة للفيفا ، انتهى عام 2014 مثلما بدأ حيث انصب معظم الجدل فى الأسابيع الأخيرة على بطولة كأس العالم 2022 فى قطر والتحقيقات التى أجريت بشأن ادعاءات الفساد فى عملية منح استضافة بطولتى كأس العالم 2018 و2022 لروسياوقطر على الترتيب. ويقرر الفيفا فى 2015 إمكانية نقل البطولة إلى فصل الشتاء فى قطر كما أشار الفيفا أخيرا إلى أنه سينشر نسخة منقحة من التقرير الكامل للتحقيقات التى أجريت بشأن بطولتى 2018 و2022 رغم تأكيده عدم إعادة التصويت على أى من البطولتين. كان تقرير مختصر أصدره هانز يواخيم إيكر رئيس الغرفة القضائية بلجنة القيم فى الفيفا الشهر الماضى قد برأ ملفى 2018 و2022 من أى مخالفات ولكن مايكل جارسيا كبير المحققين بلجنة القيم أكد أن التقرير الكامل جرى تشويهه وتعديله من خلال هذا التقرير المختصر ليقدم جارسيا استقالته احتجاجا على ذلك.