نجح قطاع السكك الحديدية الصيني أخيرا في تحقيق تقدم غير مسبوق في افريقيا بعد بذل جهودا كبيرة، بينما أعربت مصر عن رغبتها وتفاؤلها بشأن التعاون مع الصين في هذا المجال.توصلت الصين ونيجيريا في نوفمبر الفائت إلى عقد ضخم بقيمة 11.97 مليار دولار بشأن إنشاء خط حديدي على الساحل النيجيري. وعلى الرغم من أن قطاعي سكك الحديد الصيني والنيجيري قد توصلا إلى عقود مماثلة منذ سنوات، إلا أنه لا شك أن إبرام العقد الأخير يعد علامة فارقة في عملية توجه قطاع السكك الحديدي الصيني إلى العالم لأنه أكبر عقد فردي للصين في مجال مقاولة المشروعات بالخارج. في حين يستهدف قطاع السكك الحديد الصيني افريقيا نظرا لمستوى البنية التحتية المحدود في هذه القارة، تتمتع مصر بفرص كبيرة بصفتها دولة مهمة في افريقيا. وفي هذا الشأن، أشار وزير النقل المصري هاني ضاحي إلى أن مصر تمتلك ثاني أقدم خطوط للسكك الحديدية في العالم, مؤكدا رغبتها في توسعة تلك الخطوط وزيادة قدراتها. قال الوزير لشينخوا إن مصر أجرت مناقشات مع الصين بشأن التعاون في مجال سكك الحديد في الدولة الافريقية . وأعرب عن تفاؤله تجاه التعاون الثنائي، مشيرا إلى الأفق المشرق بين الجانبين في هذا الصدد. ونوه بأن مصر تنوي الاستفادة من الخبرات والتكنولوجيات الصينية الرائدة في مختلف المجالات بما فيها سكك الحديد. وأوضح الوزير قائلا إن قطاعي سكك الحديد المصري الصيني قد بدآ في التعاون حيث يتعاون الجانبان في تصنيع المعدات المتعلقة بسكك الحديد. ومن المحتمل أن تشهد الصين ومصر تعاونا أكبر في سكك الحديد كون أن لدى مصر طموحات ضخمة في تنمية مشروعات للقطارات فائقة السرعة التي قد تصل إلى 250 كلم في الساعة ، علما بأن السرعة القصوى للخطوط الحديدية التي يتضمنها العقد الصيني النيجيري الجديد تبلغ 120 كلم في الساعة . ومن المؤكد أن التعاون الثنائي في سكك الحديد سيجلب فوائد متنوعة لمصر مثل خلق المزيد من فرص العمل. فعلى سبيل المثال، سيقدم بناء المشروع الصيني النيجري الجديد في سكك الحديد 50 ألف فرصة عمل مباشرة و150 ألف فرصة عمل غير مباشرة للنيجريين. ويلاحظ أن الصين تسعى إلى الترويج بما تملكه من التكنولوجيا والمعدات الحديثة والرائدة في سكك الحديد فائقة السرعة ، حيث تجري الآن التعاون أو المناقشات مع 20 دولة على الأقل في هذا المجال. وشهد قطاع السكك الحديدية الصيني تنمية متسارعة حيث تجاوز اجمالي طول الخطوط الحديدية في الصين 100 ألف كلم ومن ذلك 10 آلاف كلم للخطوط فائقة السرعة مقابل ما يزيد عن 10 آلاف كلم من الخطوط فائقة السرعة على قيد البناء. وبذلك تمتلك الدولة أكبر شبكة للسكك الحديدية فائقة السرعة في العالم. وقد نجحت الصين مؤخرا في تجربة جيل جديد من القطارات فائقة السرعة البالغة 605 كيلومترات لكل ساعة ، وهي تسير بهذه السرعة لمدة عشر دقائق, ما يعني ان تضاعف سرعة قطارات المسافرين السريعة التي تسير حاليا بسرعة حوالى 300 كيلومتر فى ساعة على السكك الحديدية الصينية. وأفادت صحيفة (هيرالد الاعمال القرن ال21) الصينية ان شركة سيفانغ تشينغداو المساهمة المحدودة للقاطرات والعربات ,احدى اكبر منتج تابع لشركة جنوبالصين المساهمة للقطارات والعربات (سي اس آر) قامت بالتجربة التي كانت قد بدأت منذ أكثر من عامين حيث أقامت الشركة سبع دورات بحثية حول خطة التجربة. من جانبه, قال جياو جينغ هاي مدير قسم التطوير الكهربائي والذي شارك في التجربة: “لم نشعر بأي قلق عندما تراوحت السرعة ما بين مائة ومئتي كيلومتر لكل ساعة، لكننا بدأنا نشعر بالإثارة حين وصلت السرعة إلى ما فوق 550 كيلومترا فى الساعة ، ومن ثم وبعد تسجيل 600 كيلومتر فى الساعة شعرنا بتوتر قليل». واختتمت التجربة عند السرعة البالغة 605 كيلومترات فى الساعة نظرا لان الهدف المحدد للتجربة 600 كيلومتر فى الساعة. وقال لي بينغ المصمم الرفيع بالشركة كان معيار التصميم هو بناء منصة لتجربة 600 كيلومتر فى ساعة, لذا فاننا نشعر بقلق على تجاوز سرعة التجربة لهذا الحد. الجدير بالذكر ان التجربة لم تقف فورا بعد ارتفاع السرعة إلى 605 كيلومترات لكل ساعة, حيث حافظت على هذه السرعة لمدة عشر دقائق, ما يساوي القيادة على مسافة 100.8 كيلومتر على الأرض. من جانبه, قال يانغ قوه وي, الباحث في هيئة علم الميكانيكا التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم ان “القطارات الفائقة السرعة تقلع وتهبط بلا انقطاع كطائرة”، مضيفا ان “أكثر فترة خطورة بالنسبة إلى ركوب الطائرة هي الإقلاع والهبوط, بسبب وجود آثار السطح الأرضي بما في ذلك تأثير المباني والرياح على الطائرات، ولذا فان النقطة الصعبة بالنسبة إلى تصميم الطائرات هي عملية إقلاعها وهبوطها. اما القطارات الفائقة السرعة فانها دائما ما تسير على سطح الأرض, ولذا لا بد لنا من الاخذ بعين الاعتبار تأثيرات الأرض القوية على القطارات من جهة, ومن جهة أخرى تأثير تيار الهواء في ظل السياقة الفائقة السرعة.» وأردف يانغ قائلا ان معامل مقاومة الهواء التطوافي لطائرة بوينغ 737 يعد حوالى 0.028, بينما سجل معامل مقاومة الهواء للقطارات التجريبية المتكونة من ست عربات زهاء 0.48, لذا فان الصعوبات التي تواجهها القطارات الفائقة السرعة أكثر تعقيدا بشكل كبير مقارنة مع الطائرات الطوافة. الجدير بالذكر ان مسافة الطيران للطائرات المدنية لكل ساعة تتراوح بين 800 و850 كيلومترا فيما تتجاوز السرعة المصممة للقطارات الفائقة السرعة الجديدة 500 كيلومتر لكل ساعة, اما سرعة أسرع القطارات الجارية على السكك الحديدية في الصين حاليا فتبلغ 300 كليومتر فى ساعة. وتحتوي مقاومة سير القطارات على المقاومة الميكانيكية المترتبة على الاحتكاك بين العجلات والسكك الحديدية ومقاومة الهواء للعربات. وفي هذا المجال قال لي بينغ ان مقاومة الهواء تشكل 70 بالمائة من مجمل المقاومة فيما تسير القطارات بسرعة 200 كيلومتر لكل ساعة. اما في حين تسير قطارات من طراز “خشيه سي ار اتش 380 اي” على السكك الحديدية بين بكين وشانغهاى بسرعة 486.1 كليومتر لكل ساعة, فإنها تتخطى مقاومة الهواء 92 بالمائة من مجمل المقاومة. أما إذا جرت القطارات بسرعة تتجاوز 500 كيلومتر فى ساعة فتتجاوز مقاومة الهواء 95 بالمائة من إجمالي المقاومة. شرح لي ان مقاومة الهواء متناسبة اطراديا مع مربع سرعة جري القطارات تقريبا, ما يعني كلما ازدادت السرعة بالضعفين ستزداد مقاومة الهواء بنسبة أربعة أضعاف. ويعمل المهندسون على خفض مقاومة الهواء عن طريق تطبيق نظريات علم تقليد الاحياء وعلم الديناميكا الهوائية, وصنع خمسة انواع من القاطرات بنسبة 1 مقابل 8 لتخضع لتجربة الأثر الميكانيكي بالنفق الهوائي وتجربة ضوضاء الديناميكا الهوائية قبل اختيار طراز اسمه “السهم” الذي سيعتبر الأحسن أداء من حيث مقياس ضوضاء الديناميكا الهوائية والمقاومة. وقال لي انه من جهة أداء الديناميكا الهوائية, يمكن للسهم ان ينافس طائرات المسافرين المدنية. وذكر جياو جينغ هاي انه إذا أردنا تحقيق زيادة سرعة القطارات الفائقة السرعة التي تزن مئات الاطنان على خط السكك الحديدية, فلا بد رفع قدرتها على جر الاثقال باستثناء خفض مقاومة الديناميكا الهوائية. أضاف جياو ان قدرة القطارات الفائقة السرعة المتكونة من ست عربات على الجر تبلغ 21120 كيلوواطا, ما يسهم في تحقيق سرعة بالغة 605 كيلومترات فى الساعة. ومن جهة أخرى, يظن الخبراء ان القطارات مازالت بحاجة إلى سلسلة من التقييمات. وقال لي ان سرعة 605 كيلومترات فى ساعة تحققت على منصة التجربة وليست مجرد أرقام على خط السكك الحديدية الواقعية, مؤكدا ضرورة سلسلة من التقييمات من خلال تجارب الخطوط الواقعية. وذكر المهندسون انه بعد الانتهاء من تجارب القطارات في المختبرات, قامت الشركة بتجارب موثوقية على الخط التجريبي البالغ طوله 3.7 كيلومتر لمدة شهر واحد ونجحت القطارات في السير على مسافة حوالى ألف كيلومتر, مضيفا ان الشركة أتمت تجارب موثوقية أولية للقطارات الكاملة ونظامها وقطاع غيارها.