اغتناما للزيارة التي سيقوم بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الصين وتهدف إلى الارتقاء بالعلاقات المصرية-الصينية إلى مشاركة إستراتيجية شاملة وتوطيد التعاون الثنائي في شتى المجالات, أجرت وكالة أنباء (شينخوا) الصينية الرسمية مقابلة خاصة مع وو سي كه, المبعوث الخاص الصيني السابق إلى الشرق الأوسط والسفير الصيني الأسبق لدى مصر. فقد أشاد وو خلال المقابلة بزيارة السيسي إلى الصين قائلا إنها تعكس أهمية العلاقات الثنائية بالنسبة لكل من مصر والصين. وشدد على أن القادة الصينيين يتطلعون إلى هذه الزيارة ويولون اهتماما كبيرا بها حيث قام منغ جيان تشو المبعوث الخاص للرئيس الصيني شي جين بينغ وعضو المكتب السياسي ورئيس لجنة الشئون السياسية والقانونية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني خلال زيارته لمصر في أواخر نوفمبر الماضي والتي التقى خلالها الرئيس السيسي، بتوجيه دعوة رسمية إلى السيسي لزيارة الصين خلال شهر ديسمبر. وحول الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مشاركة إستراتيجية شاملة بين مصر والصين والذي من المقرر أن يكتمل خلال زيارة الرئيس السيسي, ذكر وو سي كه أنها خطوة منطقية وتستحقها العلاقات الصينية- المصرية لأن البلدين صديقان حميمان منذ قديم الأزل، إذ كانت مصر أول دولة عربية وأفريقية تقيم علاقة دبلوماسية مع الصين وذلك في عام 1956, وكذا علاقات تعاون إستراتيجي مع الصين في عام 1999. وقال وو، الذي كان تولى منصب سفير الصين لدى مصر خلال الفترة من عام 2003 إلى عام 2007، إن الصين تولى دوما اهتماما بعلاقاتها مع مصر التي تعد من أهم الدول العربية والإفريقية وتلعب دورا مهما في الشئون الإقليمية والدولية. وأكد أنه إذا تم الاتفاق على الارتقاء بالعلاقات بين الصين ومصر إلى مشاركة إستراتيجية شاملة, سيصب ذلك في مصلحة توطيد وتعميق بين البلدين في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والاستثمار ومكافحة الإرهاب ومكافحة الفساد فضلا عن الشئون الإقليمية والدولية. كما قال وو إن مصر والصين تدعم دائما كل منهما الأخرى وعلى الأخص في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية للجانبين حيث تتمسك مصر دوما بسياسة صين واحدة وتدعم الصين في جهودها الرامية إلى الدفاع عن السيادة والوحدة والحفاظ على الأمن والاستقرار المحليين والقضايا الدولية ذات الاهتمام. وتابع وو قائلا إن الصين تساند أيضا مصر في القضايا المتعلقة بالجهود المصرية في الدفاع عن الاستقلال والسيادة وعمليات مكافحة الإرهاب والحفاظ على الأمن الوطني. ولفت وو إلى استمرار الدعم الصيني لمصر خلال السنوات الأربع الماضية التي شهد فيها هذا البلد العربي اضطرابات وتقلبات اجتماعية, مؤكدا أن الصين تتمسك بمبدأ عدم التدخل في الشئون المصرية الداخلية وتصر على احترام اختيار الشعب المصري. وأوضح أن هذا المبدأ لا يعنى عدم فعل شيء, بل يتمثل في دعم الصين للأطراف والقوى المعنية المصرية في إيجاد حل لخلافاتها عن طريق الحوار، وتفادي استخدام القوة وتصعيد التوتر الاجتماعي, ووضع مصلحة الشعب المصري في المقام الأول, وهو أمر حظي باحترام الأطراف المصرية. وقال السفير إنه بالإضافة إلى الدعم السياسي, واصلت الصين أيضا دعمها الاقتصادي لمصر خلال فترة الاضطرابات, مشيرا إلى أن الحكومة الصينية أيدت بقاء شركات ومؤسسات صينية في مصر ولم تنسحب أي شركة صينية من هناك حتى مع وجود اضطرابات وحالة عدم الاستقرار في تلك الفترة. وأضاف السفير أنه إلى جانب ذلك, عززت الصين التعاون الاقتصادي مع مصر في تلك الفترة حيث شارك الجانب الصيني في إطلاق المرحلة الثانية من مشروع المنطقة الاقتصادية بشمال غرب خليج السويس التي جذبت المزيد من الشركات والمؤسسات الصينية للقيام بأنشطة ومشروعات هناك، كما قامت بعض شركات الطاقة الصينية بضخ استثمارات في مصر. وأكد وو سي كه أن كل هذه التفاعلات الإيجابية تبرهن على أن العلاقات الثنائية بين الجانبين استطاعت أن تقف صامدة أمام الاختبارات التاريخية. كما أشار إلى المكاسب المتبادلة في التعاون الاقتصادي بين البلدين، قائلا إن الموقع الجيوسياسي المميز لمصر بوجودها عند نقطة التقاء قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا وكونها تمثل بوابة للدخول إلى الأسواق الإفريقية الواعدة يعد من أهم الأسباب التي تشجع الشركات والمؤسسات الصينية على توسيع أعمالها في مصر, علاوة على أن الجانب الصيني يمكنه الاستفادة من عضوية مصر في عدد من التجمعات الاقتصادية الإفريقية وما تتيحه من فرص للتجارة الحرة والمعاملة التفضيلية للمنتجات المصنعة في مصر. وأضاف وو أنه من ناحية أخرى, تسهم الشركات الصينية العاملة في مصر في دفع تنمية الاقتصاد المصري وزيادة فرص العمل, كما إن طرح مبادرة “الحزام والطريق” الصينية وتأسيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية من شأنهما دفع التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري الصيني مع مصر. وبالنسبة لمصر التي تمر بمرحلة انتقالية وتبحث حاليا عن طريق التنمية - السياسي والاقتصادي -الملائم لخصائصها الوطنية, أعرب وو عن اعتقاده بأن مصر يمكنها الاستفادة من تجارب التنمية الصينية من خلال تبادل وجهات النظر فيما بينهما لأن الدولتين متشابهتان في التاريخ المعاصر والحضارة العريقة وتواجهان تحديات وإصلاحات وقضايا متماثلة في التنمية والاستقرار. وفي مجال مكافحة الإرهاب, شدد السفير على أن الصين ترى أن الإرهاب عدو مشترك للبشرية جمعاء, معربا عن استعداد الصين للتعاون مع مصر في مكافحة الإرهاب.