منذ بداية العلاقات المصرية الصينية فى الخمسينيات وإقامة الصين علاقات مع باقى دول القارة الافريقية، تحظى العلاقات الصينية الافريقية باهتمام كبير فى السنوات الأخيرة بعد حالة النمو المتسارع الذى شهدته تلك العلاقة خلال العقد الأخير. ومع تزايد التقارب الصينى الافريقى تتأكد الرؤية القائلة بأن المستقبل يكمن فى العلاقات بين الجنوب والجنوب. وقال أ.د. حلمى الحديدى رئيس منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية ورئيس اللجنة المصرية للتضامن أن اليوم يشهد اشتراك الصين وإفريقيا فى خلفية واحدة وهو العالم النامى. والصين لديها الخبرة ونجحت إلى حد بعيد وعندما أتوا إلى إفريقيا فانهم لم يأتوا كغزاة أو استعماريين وكان الهدف هو المساعدة. ومع النوايا الحسنة والرغبة فى مستقبل أفضل أنا متأكد أننا سنقوم بحل كل المشكلات وتجاوز كل العقبات. و تقديم صورة مغايرة للصورة التى تقدمها وسائل الإعلام الغربية. ولمن يتابعون العلاقات الصينية-الافريقية عن كثب عليهم إدراك أن تلك العلاقة ذات نفع متبادل مشترك بين الطرفين. وهناك من لا يريدون لتلك العلاقة الاستمرار والنجاح لأنهم لايريدون أن يروا نجاح العلاقة وتوسعها فى المستقبل وعلينا أن ندرك ذلك وأن ننطلق نحو مستقبل أفضل. جاء ذلك بندوة «آفاق التعاون الافريقى الصينى» التى نظمتها واستضافتها سكرتارية منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية بالتعاون مع اللجنة المصرية للتضامن وبمشاركة كل من وزارة الخارجية المصرية وسفارة جمهورية الصين الشعبية بالقاهرة وبحضور لفيف من السفراء الأفارقة والدبلوماسيين. وفى البداية تحدث السفير الصينى سونج آيقوه مستهلا كلمته بتشريح دقيق للكيفية التى تنظر بها الصين إلى إفريقيا. فالقارة الأفريقية تحظى بربع مقاعد منظمة الأممالمتحدة وتلعب دورا مهما فى المحافظة على السلام والاستقرار فى العالم. واليوم يسعى العالم إلى إثارة الانتباه إلى صوت إفريقيا وهو يقدم احترامه الكامل لدور القارة الافريقية حيث أصبحت إفريقيا قوة أساسية تساهم فى عالم متعدد الأقطاب وبالمزيد من الديمقراطية فى العلاقات الدولية. وتعد القارة الافريقية ايضا أحدث قطب ونقطة جذب فيما يتعلق بنمو الاقتصاد العالمى فإمكاناتها التنموية هائلة حيث يقدر متوسط معدل النمو االسنوى للقارة ب 5% مما جعل القارة من بين أسرع أقاليم العالم نموا. وباقتصادها الذى يقدر حجمه ب 2بترليونى دولار تعد إفريقيا بوجه عام سوقا عالمية ضخمة بازغة. أما فيما يتعلق بالحضارة فإن إفريقيا تعد نقطة جذب نابضة بالحياة بين حضارات العالم. والصينيون تواقون لزيارة المواقع التاريخية المنتشرة فى القارة مثل الأهرامات. وأكد السفير أن الصين ستستمر فى تقوية علاقتها بالإتحاد الأفريقى الذى ستدعمه بثبات فيما يتعلق بالتقدم نحو التكامل الافريقى والحفاظ على السلام والأمن فى أفريقيا وفى لعب دور أكبر فى العلاقات الإقليمية والدولية لأننا نكن احتراما كبيرا للشعب العظيم الذى يعيش على أرض القارة ولدينا الثقة الكاملة فى مستقبل إفريقيا المشرق. وذكر السفير الصينى الحضور بأن الجيل الأول من الزعماء الصينيين خلال عقدى الخمسينيات والستينات من القرن الماضى من أمثال ماو زيدونج وتشو ان لاى وآخرين ورجال الدولة الأفارقة من الجيل القديم أعلنوا عهدا جديدا من العلاقات الصينية الأفريقية وكانت إقامة العلاقات الدبلوماسية مع مصر فى عام 1956هى بداية العلاقات الصينية الافريقية فى العصر الحديث. وفى القرن الحادى والعشرين تمتعت العلاقات الصينية الافريقية بتنامى الثقة السياسية المتبادلة وبالزيارات الدائمة الرفيعة المستوى. فالرئيس تشى جينبينج وفور توليه مهام منصبه إختار أفريقيا لتكون أول مكان يزوره فيما وراء البحار فى مارس عام 2013. وخلال تلك الزيارة تعهد الرئيس الصينى بتنمية العلاقات مع أفريقيا بشكل دفع بالنمط الجديد للمشاركة الإستراتيجية الصينية الافريقية إلى مستوى جديد. وخلال الزيارة الناجحة التى قام بها رئيس الوزراء لى كيكيانج إلى إفريقيا فى شهر مايو وقعت الصين والإتحاد الأفريقى بيانا مشتركا يعمق بشكل شامل التعاون الودى بين الطرفين. وجدد رئيس الوزراء الصينى تأكيد بلاده تعهدها ببذل جهد مشترك مع الدول الأفريقية للإرتقاء الفعال بمشروعات رئيسية فى ستة ميادين هى : الصناعة، والتمويل، وخفض الفقر، وحماية البيئة، والتبادل الثقافى والشعبى، والأمن والسلام وذلك لتنمية نسخة مطورة من التعاون الصينى الافريقى. وفى عام 2013 قدر حجم التجارة الصينية الأفريقية ب 210مليارات ومائتى مليون دولار مسجلة زيادة بأكثر من ألفين مرة مقارنة بما كان عليه حجم التجارة البينية فى الستينيات. وللعام الخامس على التوالى تكون الصين هى أكبر شريك تجارى لافريقيا وققزت الاستثمارات الصينية الخارجية المباشرة فى إفريقيا من صفر إلى أكثر من 25مليار دولار بشكل تراكمى. وعندما انتشر فيروس الإيبولا فى غرب أفريقيا قامت الحكومة الصينية بإرسال 4 بعثات إغاثة ضد وباء الإيبولا إلى 13دولة إفريقية والمنظمات المتعددة الأطراف. وحاليا يعمل 400 خبير طبى صينى فى كل من ليبيريا وسيراليون وجمهورية غينيا. وأكد السفير آيقوه أن التنسيق فى الشئون الدولية، بما فيها إصلاح الأممالمتحدة، يعد أحد الميادين المهمة للتعاون بين الصين وإفريقيا حيث يتضمن الجهد المشترك لحماية مصالح الدول النامية والدفع قدما من أجل نظام دولى أكثر عدالة. وأشار السفير الصينى إلى تأييد بلاده لإصلاح مجلس الأمن بالأممالمتحدة ليكون أكثر تمثيلا للدول النامية وخاصة الدول الأفريقية. الصين فى عيون مصر وإفريقيا وقد تحدث السفير صبرى مجدى مساعد وزير الخارجية للشئون الافريقية مشيرا إلى أن القارة الافريقية كانت دوما على قمة أولويات السياسة الخارجية المصرية، وتحرص الحكومة المصرية دائما على وجود تقارب فى العلاقات مع إفريقيا وأن تقوى وتطور تلك العلاقات عبر العديد من المجالات على المستويين الحكومى والشعبى. فمصر تسهم فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعديد من دول القارة عبر المساعدات الفنية وبناء القدرات ونقل وتبادل المعرفة والمهارات والخبرات. وفيما يتعلق بالدور الصينى فى أفريقيا أشار السفير صبرى مجدى إلى أن مصر تنظر إلى الصين كلاعب مهم فى القارة ليس له ماض إستعمارى فى أفريقيا التى بدورها تسلم بدور الصين كعامل مساعد على التنمية فى القارة. ونبه إلى أن العلاقات الصينية الافريقية تعود إلى حقبة الاستقلال حيث قدمت الصين المساعدة عبر بناء القدرة الفنية والمشروعات التنموية فى أنحاء القارة الافريقية حتى أصبح بكل دولة أفريقية مشروع أقامته الصين فى مجال من المجالات. ومن المؤكد أنه ومن خلال هذا الدور التنموى الذى قامت به الصين فى القارة أصبحت الصين لاعبا رائدا فى كافة المجالات وخاصة النفط والغاز والطاقة المتجددة والبنية الأساسية الثقافية. وفى الأعوام الأخيرة دخلت الصين كداعم مالى لإقامة المشروعات التنموية فى الزراعة والصحة والبنى الاساسية فى العديد من الدول والمناطق بالقارة. ونحن نقدر بناء الصين على نتائج قمة منتدى التعاون الأفريقى الصينى وخطة العمل المنبثقة عنه والتأكد من تطبيق مشروعاته المشتركة بما يؤدى إلى بناء تنمية اقتصادية واجتماعية صلبة فى القارة الافريقية. ونبه السفير إلى أنه بالتعاون الصينى الأفريقى تحققت نتائج مثمرة أوضحت تنفيذ الصين لتعهداتها فى مجالات الاستثمار والتمويل وتقديم تسهيلات إئتمانية للقارة الافريقية. كما أكد أن الصين صعدت من جهودها للعب دور بناء فى السلام والأمن بأفريقيا. فحاليا يوجد للصين ألف وثمامائة فرد من قوات حفظ السلام منتشرين فى 7 بعثات تابعة للأمم المتحدة كما تدعم الصين جهود إفريقيا الرامية لحل مشكلاتها باستقلالية وساعدت الاتحاد الأفريقى والمنظمات دون الإقليمية فى القارة على تعزيز قدراتها فى مجال حفظ السلام. كما تلعب الصين دورا مهما فى التكامل الإقليمى بالقارة وهو ماتمثل فى عدة مشروعات عابرة للقوميات والأقاليم فى مجالات تتعلق بالطرق والسكك الحديدية والبنى التحتية فى كافة أقاليم القارة، وهو ما يجب أن يكون مثار للمدح خاصة أن ذلك الدعم الصينى الذى يفيد إفريقيا لايتضمن فرض أى مشروطية سياسية بما يتماشى مع مسار السياسة الصينية العامة الذى يقضى بعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى. وأكد السفير صبرى مجدى أن مصر تحرص على التعاون مع الصين فى كافة مجالات الاهتمام المشترك مثل التعليم والصحة والزراعة والبنيى الأساسية والعديد من المجالات الأخرى التى تعتبر من أولويات القارة الإفريقية وذلك عبر وكالتها الجديدة للمشاركة والتنمية الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية ودورها الموجه لمساندة أشقائنا فى القارة الإفريقية وكذلك إرسال متخصصين فى عدة مجالات مع مراعاة التعاون الثنائى فى هذا الشأن. وأشار السفير إلى أن مصر تتطلع إلى الجهود الرامية لإنجاح قمة منتدى التعاون الصينى الافريقى القادمة بما يحقق نتائج مثمرة مماثلة للمرات السابقة. وأكد السفير تقدير مصر لدعم الصين لأفريقيا وإستعدادها لتحقيق المزيد من الارتقاء فى العلاقات الافريقية - الصينية. وتحدث السفير هشام بدر مساعد وزير الخارجية للشئون المتعددة الأطراف والأمن الدولى مؤكدا أهمية تماسك وتعاون المجموعات الأفريقية مع نظيراتها الآسيوية فى كافة المنظمات الدولية لأنها «الطريقة المثلى لإستكمال طريقنا». وأشار السفير إلى أن الماضى الذى بدأ بقمة باندونج والحاضر يشهد الكثير من الحراك والتعاون بين الطرفين على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والتجارية، وهو يرى أن على الأفارقة والصينيين الاهتمام بالمستقبل. ونبه السفير بدر إلى أن المستقبل للعلاقات بين الجنوب الجنوب ولكن مع أخذ مسئولية الشمال فى الاعتبار وهو ما يدفع إلى التعاون بين الصين وإفريقيا فى كافة المحافل الدولية لإقامة مشاركة قوية فى المستقبل. وتحدث السفير روفائيل مالونجا سفيرالكونغو برازافيل لدى القاهرة وعميد السفراء الأفارقة منبها إلى أهمية تناول العلاقات الصينية الأفريقية على المستوى الثنائى ناصحا بأهمية دراسة مستوى التعاون الحالى كمنصة للإنطلاق نحو العلاقات فى المستقبل. وأشارت السفيرة منى عمر إلى أهمية عقد أفريقيا علاقات مع كافة اللاعبين والقوى والتكتلات المطروحة على الساحة وأهمية التطلع إلى علاقات القارة فى المستقبل وأكدت أن على الأفارقة الاستعداد لليوم الذى يقومون فيه بدور اللاعبين الأساسيين فى العلاقات مع العالم.