رغم أن الصين تحرص على إظهار نفسها كدولة مسالمة تهتم بالتنمية والإنتاج ولا تشغل نفسها بأية نزعات للهيمنة والتوسع شأن القوى العظمى فإنها فى واقع الأمر تجيد لعبة التلويح بورقة التفوق العسكرى على امتداد بحر الصين الجنوبى كلما بدأ الأمريكيون فى التلويح بورقة حقوق الإنسان أو التهديد بفرض عقوبات تجارية على الصين.. الأمر الذى أفرز توازنا ارتضته كل من واشنطن وبكين ولكن كل ذلك لا يخفى تحديا ينبغى أن يحظى باهتمام العالم وبالذات من يعنيهم أمر الإبقاء على خيط من أمل فى بعض من التوازن العالمي، وهو أن الصين بعد أن تحللت «أيديولوجيا» ربما تتعرض - مع اشتداد رياح العولمة - لأخطار التحلل الاجتماعى. ومع أنه ليس مخيفا ذلك الشعار الذى يهمس به البعض فى الصين قائلين «نحن نحب بلادنا ولكننا نكره حكومتنا» لأن ذلك يعنى رسوخ قوة الانتماء للوطن والحفاظ على وحدته رغم تعدد القوميات، إلا أنه لا يمكن إغفال مقولة سمعتها فى «شنغهاى» مفادها: «فى حقبة الخمسينيات ساعد الناس بعضهم البعض وفى الثمانينيات والتسعينيات أكل الناس بعضهم البعض». وليست الصين وحدها التى عانت مبكرا من رياح العولمة، ولكنها وللحق كانت الأسبق فى طرح منهج وطنى للتعامل مع العولمة، يرتكز على الثلاثية المقدسة «سيادة الدولة، ومكانة الدولة وأمن الدولة».. وظنى أنه منهج يستحق التوقف أمامه بالتأمل لكل الباحثين عن صيغة تمكنهم من تفادى المخاطر المتجددة لرياح العولمة وعواصفها المدمرة! ومن هنا تأتى أهمية زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى للصين حيث تواجه مصر تقريبا ذات المخاطر المتجددة لرياح العولمة وتسعى بكل جد للاستفادة من مميزاتها وتفادى عواصفها المدمرة.. فضلا عن أن قوة مصر فى الساحة الدولية ارتبطت على مدى التاريخ ليس فقط بوسطية الموقع الجغرافى المتميز وإنما أيضا بمدى القدرة على الوسطية فى بحر السياسة العالمية الهائج الذى يحتم على مصر عدم الاكتفاء بالتطلع غربا وشمالا فقط وإنما ينبغى أيضا الاتجاه شرقا وجنوبا بنفس الدرجة وبنفس الاهتمام! خير الكلام : من يحتمل الأهوال يقدر على صعود الجبال ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله