كنت أتمنى أن يكون معى رئيس الوزراء ومجلس الوزراء بكامل أعضائه داخل إحدى قاعات عروض الشباب ليشاهدوا بأنفسهم مبادرات التغيير التى صنعها الشباب بأنفسهم فى خمس محافظات لحل مشاكل القرى التى يعيشون بها ، بدلأ من التظاهر وإلقاء الملوتوف واثارة الفوضى والعنف ، والسهر وأضاعة الوقت حتى الفجر على صفحات الفيس بوك وتويتر والوات ساب واليوتيوب. فقد حولوا الطاقة السلبية داخلهم والرفض للإوضاع المتردية فى مجتمعاتهم الريفية التى تعانى من مشاكل التعليم والصحة ونقص مياة الشرب والفقر، إلى طاقة إيجابية لمواجهتها وصناعة مشروعات صغيرة لتغييرها، حتى أستطاعوا أن يغيروا جانب من صورة الحياة داخل قراهم المتواضعة فى محافظاتالغربية والقليوبية وبنى سويف والمنيا والاقصر، دون أن يملكوا مليما واحد، لكن أفكارهم فتحت الطريق على أرض الواقع لمشروعات تحتاجها الحياة اليومية بها. ولم أستطيع أن أبرح مكانى طوال ما يزيد عن ثلاث ساعات جلست فيها مذهولا مما قدمه الشباب الذين لم تتجاوز أعمارهم 20عاما وسط عدد من أساتذة وخبراء المركز القومى للبحوث التربوية ووكلاء وزارة الشباب الذين حضروا لتقيم مبادرات هؤلاء الشباب بحضور مايقرب من 400 شاب أمتلأت بهم القاعة التى ضجت بالحياة والحركة ، ولم تمنعهم بساطة أفكارهم من أن يغلفوها أثناء عرضها بأشهر الأغانى عن مصر ، وتحركوا بحيوية حاملين علم كبير لها ، قسموه إلى ثلاثة أقسام هى الأحمر والأسود والأبيض التى يضمها العلم ليحكوا تجاربهم مع كل جزء به . ليثبت الشباب من خلال خمسين مبادرة قاموا بعرضها أن بداخلهم طاقة ذاتية وروح مخلصة مبدعة وقادرة على مواجهة الصعوبات والمشاكل داخل قراهم ، وأن عزيمتهم لن يعوقها الروتين والبيروقراطية داخل الأجهزة الجكومية وضعف الامكانيات المالية للدولة ، وأنهم أستطاعوا التغلب عليها فى مشروعاتهم التى نفذوها بالقرى ، وشملت مراقبة توزيع الخبز على المنازل ، وتجميع الأدوية والملابس غير المستعملة وتقديمها للفقراء ، وأدخال خطوط المياه النظيفة للقرى، وردم مسارات الصرف الزراعى والصحى القريبة من المدارس ، ونقل مكامير الفحم الملوثة للبيئة من الكتلة السكنية إلى خارجها لتقليل التلوث والإمراض السرطانية ، وإنشاء مراكز للإسعاف وتأهيل وتجهيز الوحدات الصحية العمل على الاطباء اليها. وضمت مشروعات الشباب نشر التوعية بين الأهالى لمنع التسرب من التعليم والوقاية من الأمراض ، وتدريب المكفوفين على القراءة ، وتجميل المدارس ، و تنظيف القرى ، وتنفيذ برامج لتنشيط للسياحة المتوقفة للمناطق الاثرية والسياحية ،وكلها أفكار بسيطة داخل أندية التربية المدنية والمواطنة التى أقامتها جمعية النهضة بالتعليم والتنمية فى مراكز الشباب بتلك المحافظات بالتعاون مع وزارة الشباب الرياضة وقام فريق من الدكاترة يسرى الكومى وعاشور الدسوقى ومحمد توفيق ومنار بغدادى وناجى الشهاوى ومحمود خلف الله بتوزيع الأدوار بينهم للمرور على القرى لمتابعة مايتم بها. وأستطاع الشباب تحقيق أمرين أنهم قاموا تطوعيا بحصر المشروعات التى تحتاجها القرى ، وقدموا طلبات بها الى المحافظين ووكلاء الوزارة ، وأداروا حوارات معهم بشأنها ، حتى أستجابوا لهم ، وحضروا مراحل تنفيذها ومشاركة الشباب فى تشغيلها لتصبح حقيقة واقعة ، حفظ الله شباب مصر الذين حولوا فكرة المواطن الفعال النافع لوطنة ونفسه لحقيقة ، ليتجاوزوا مرحلة عدم أرتياحهم لبعض الأوضاع الأقتصادية والأجتماعية والسياسية التى تعيشها مصر. لمزيد من مقالات عماد حجاب