"عام الأحزان" بدأ عام 2014 بحوادث إرهابية منذ اليوم الأول بإستهداف ضباط الشرطة من خلال عناصر إرهابية بل يعتبر الأسوء بالنسبة لهم حيث سقط منهم 147 شهيدا . و كان أبشع تلك الحوادث هو إستهداف مديرية أمن القاهرة فى شهر يناير وكان هذا الشهر الأكثر نصيبا من الجرائم فأستشهد فيه اللواء محمد السعيد مدير المكتب الفنى لوزير الداخلية وكانت أبرز الحوادث الإرهابية فيه هو حادث الفرافرة الذى أستشهد فيه 28 من رجال الأمن و حادث كرم القواديس الذى راح ضحيته 34 آخرين و كان هذا العام أيضا شاهد على محاكمة رئيسين سابقين لأول مرة فى التاريخ المصرى و هما مبارك و مرسى و مازال مرسى ينتظر الأحكام فى عام 2015 و مبارك ينتظر المرحلة الأخيرة بالنقض و حكم على رموز الإخوان و منهم المرشد محمد بديع بالإعدام.
وقد حصدت حوادث الطرق خلال العام الماضى أرواح 13 ألف قتيل و60 ألف مصاب كلفت الدولة خسائر مليارى دولار فى 10 ألاف حادث وكان أبشعها حادث تلاميذ المدارس بالبحيرة .. كما كانت فتنة الدابودية و الهلايل الأسوء بين المصريين كما شهد هذا العام أيضا ضبط 1047 قضية فساد مالى بقيمة 3 مليارات جنيه و نجحت شرطة السياحة فى إستعادة أثار و مقتنيات أسرة محمد على و أكد تقرير الأمن العام عن هذا العام أيضا تراجع نسبة الجريمة 40 ٪ عن سابقه و إن كانت الأمال معقودة على أن يشهد عام 2015 تراجع الجريمة عن سابقه و يشعر المواطن المصرى فيه بالأمن.
لأول مرة فى تاريخ مصر محاكمة رئيسين النقض تحدد مصير مبارك .. والجنايات تصدر حكمها على مرسى مبارك ومرسى رئيسان خلف القضبان مشهد تاريخى يحدث لاول مرة فى تاريخ مصر بل العالم باسره ، المحاكمتان تشابهتا فى بعض التفاصيل واختلفا فى اخرى فمبارك يحاكم بتهمة التحريض على قتل المتظاهرين ومرسى ايضا ولكن ظهرت اختلافات جوهريه بينهما خلف القضبان. فبينما مثل مبارك خلف القضبان على سرير طبى يحيط به فريق طبى لمتابعة حالته الصحيه وبدت عليه علامات المرض الشديد ظهر مرسى واقفا متحديا ساخطا على مناداته بالمتهم وكانت كلماته التى ظل يكررها فى معظم جلسات محاكمته بانه الرئيس الشرعى للبلاد مطالبا محاكمة من اطاحوا به من منصبه كرئيس للبلاد على حد قوله ، وعلى الرغم من استيعاب مبارك التام لمحاكمته امام القضاء وبدا ذلك واضجا فى رده على القاضى انا موجود يافندم كان رد مرسى الدائم بالاعتراض والهجوم فى كثير من الاحيان على القاضى الذى ينظر محاكمته وهو مادعى الى تصميم قفصا زجاجيا يحول دون تحدثه فى بعض الاحيان اذا حملت كلماته ما يعد تحريضا او سبا فى حق القضاء . ففى عام 2013 وتحديدا فى شهر نوفمبر كانت اولى جلسات محاكمة محمد مرسى بتهمة اعطاء اوامر بقتل المتظاهرين امام قصر الاتحاديه وفى ذلك العام كان مبارك يحاكم فى جرائم ايضا بالتحريض على قتل المتظاهرين والتى بدأت محاكمته فى عام 2011 وفى عام 2014 كان المشهد التاريخى حيث مثل الرئيسان السابقان داخل قفص الاتهام فى مشهد لم يكن يتخيله احد، و فى عام 2014 اسدلت محكمة الجنايات الستار على محاكمة مبارك بان اصدرت حكمها ببراءته وباقى المتهمين من التهم المنسوبه اليهم وقد يشهد عام 2015 حلقات جديده لمحاكمة مبارك بعد ان قامت النيابة العامة بالطعن على الحكم وامام محكمة النقض قد يكون القول الفصل اما برفض طعن النيابة العامة وقبول الطعن . امام محمد مرسى فقد يكون عام 2014 فاصلا فى محاكمته او قد يمتد الامر الى عام جديد، فمرسى يحاكم فى ثلاث قضايا وهى اصدار اوامر بقتل المتظاهرين والهروب من السجون والتخابر وهى قضايا مازالت تنظر امام القضاء حتى الان ، ويبقى السؤال هل تشهد محاكمة مرسى نفس مصير قضية مبارك وجاءت الاجابه على لسان مصدر قضائى اوضح ان هناك فرقا كبيرا بين القضيتين حيث ان ماتم توجيهه لمبارك هو اتهامه بالتحريض السلبى على قتل المتظاهرين، حيث امتنع عن حماية المتظاهرين وهذا يسمى فى القانون فعل سلبى أمّا مرسى فيحاكم بتهم إصدار أوامر بضرب المتظاهرين وهو هنا فاعل أصلي، لأن له سلطات على المحرّض ، وهو مايترتب عليه الاختلاف الشديد فى القاعدة القانونيه التى ابتنى عليها الحكم فى قضية مبارك فقد يلقى مرسى عقوبه مختلفه تماما قد تصل الى الاعدام . وعلى الرغم من وجود تشابه واضح بين محاكمة مبارك ومرسى الا انه هناك اختلافات بدت جليه فالرئيس المعزول محمد مرسى يقبع داخل السجن بينما ظل مبارك داخل المستشفى يتلقى العلاج وفى صدد ذلك سارت التساؤلات العديده حول وجود مبارك حتى الان داخل المستشفى على الرغم من صدور حكم ضده بالسجن فى القضية التى عرفتت اعلاميا "بقصور الرئاسه" ، وعلى الرغم من تحسن حالة مبارك الصحيه والتى ظهرت جليا عقب صدور حكم البراءه الا انه لم يذهب الى السجن مثلما يحدث مع اى متهم صادر ضده حكما بالسجن ويبقى السؤال هل يظل مبارك خارج السجن ام سوف يشهد عام 2015 مفاجات اخرى . مفارقات فى المحاكمتين فبين "موجود يا أفندم " وبين "أنا رئيسك" بدأت محاكمة رئيسى مصر الاسبقين فى حزمة تشابهات واختلافات شهدتها الجلسة الأولى لمحاكمة محمد مرسى مع محاكمة الرئيس الأسبق حسنى مبارك وكانت اوجه الشبه فى المحاكمتين مقر المحاكمة فى أكاديمية الشرطة وطبيعة القضية المتهمين فيها حيث تتعلق كلاهما بقتل المتظاهرين المعارضين، ونقل كل منهما بالطائرة إلى مقر المحاكمة لأسباب أمنية غير ان أوجه الاختلاف تبقى الأكبر فقد دخل مبارك قفص الاتهام بعد نحو 7 أشهر من تنحيه عن الحكم، فى حين دخله مرسى بعد 4 أشهر من عزله ، وجاء مبارك إلى مقر المحاكمة من مكان معلوم، وهو شرم الشيخ فى حين جاء مرسى من مكان غير معلوم حيث تحتجزه السلطات لكنه عاد الى مكان معلوم فى سجن برج العرب ، ايضا قيام التلفزيون المصرى ببث أولى جلسات محاكمة مبارك على الهواء منذ لحظة وصوله بالطائرة إلى نهاية الجلسة فيما لم يتم بث محاكمة مرسى واكتفى التلفزيون بإذاعة مقاطع فيديو صامتة وقصيرة عقب انتهاء الجلسة ،وايضا مبارك دخل إلى القاعة على سرير طبى متحرك لأسباب صحية فى حين دخل مرسى واقفا ويبدو فى وافر صحته ارتدى مبارك زى الحبس الاحتياطى الأبيض كباقى المحبوسين احتياطيا ، فى حين ارتدى مرسى زيا مدنيا ، وفى الوقت الذى كان فيه مبارك متجهما، مرتديا نظارة غامقة اللون وسعى ولداه علاء وجمال المتهمان معه فى بعض القضايا إلى حجبه عن الكاميرات بالوقوف أمام السرير الذى يرقد عليه دخل مرسى مبتسما وهو يواجه هيئة المحكمة والكاميرات. فى الوقت الذى استجاب فيه مبارك لنداء القاضى على اسمه ليتأكد من وجوده فى القفص (إجراء قانونى روتيني)، قائلا: أفندم أنا موجود ، أجاب مرسى بأن وجوده فى هذا المكان ليس شرعيا قائلا " أنا الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية ، موجود فى هذا المكان قسرا وبالقوة، وهذا يمثل جريمة وأن المحكمة تتحمل المسؤولية كاملة " ، داعيا إياها إلى إعادته لممارسة سلطاته كرئيس شرعى للبلاد. لم يتحدث مبارك طوال الجلسة إلا استجابة لما تمليه عليه أسئلة القاضى والإجراءات القانونية ..، فى حين أن مرسى كان يردد هتافات تندد بما وصفه بالانقلاب العسكرى وظل يحث مؤيديه على الصمود - على حد قوله - . وفى الوقت الذى كان فيه مبارك وولداه فى قفص إتهام واحد وكان بقية المتهمين من مسؤولين أمنيين سابقين على رأسهم وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، فى قفص آخر، فلم يتبادلوا الأحاديث، فى حين جمع مرسى وبقية المتهمين معه قفص اتهام واحد تبادلوا فيه التحية والابتسام والحديث. بقية المتهمين مع مبارك بدوا هم أيضا مستسلمين للإجراءات القانونية داخل الجلسة، فلم يتحركوا ساكنا إلا بما تمليه عليهم هذه الإجراءات، فى حين بدا المتهمون مع مرسى رافضين لاتهامهم، وأعطوا ظهرهم لهيئة المحكمة فى بدايتها، رافعين إشارة رابعة بأيديهم . اوكل مبارك محامين للدفاع عنه، فى حين لم يفعل ذلك مرسى الذى لا يعترف بالمحاكمة من الأساس. ويبقى السؤال هل ينصف التاريخ أرواح شهداء سقطت من أجل إعلاء كلمة الحرية والعدالة الإجتماعية أم يظهر متهمين جدد ، فبعد براءة مبارك هل يكون مرسى هوالفاعل ام ينتهى الامر الى براءة ثانية وفاعل غير معلوم .