نفتقد ثقافة الاختلاف عملا بمقولة:اذا لم تتفق معى فأنت ضدي! وهى للاسف طبيعة بشرية متوارثة لدينا وبناء عليه فإنه ما من حكم قضائى صدر فى اى قضية الا وواجهته عاصفة من الاراء المتناقضة وردود الافعال المتباينة بين مؤيد ومعارض ونغفل تماما او نتناسى بأن «الحكم هوعنوان الحقيقة». وازاء ملاحظة تباين ردود افعال الشارع المصرى حيال الحكم الذى اصدرته محكمة جنايات القاهرة بتبرئة الرئيس الاسبق حسنى مبارك وجميع المتهمين فى القضية المعروفة باسم «محاكمة القرن» من اتهامات قتل المتظاهرين خلال احداث ثورة 25 يناير أود الاشارة الى ان هناك حكم لمحكمة النقض ( نقض 1/10/1979 مجموعة الوقاعد القانونية س 30 ص 730) مفاده: (من المقرر أنه ان يكفى فى المحاكمات الجنائية ان يتشكك القاضى فى صحة اسناد التهمة الى المتهم لكى يقضى بالبراءة اذ مرجع الامرفى ذلك الى مايطمئن اليه فى تقدير الدليل مادام الظاهر من الحكم انه احاط بالدعوى عن بصر وبصيرة).. أى ان قاعدة الشك تفسر لمصلحة المتهم.. والمقصود من هذه القاعدة فى ضوء المباديء المقررة قانونا وفقها وقضاء ان الشك يفسر لمصلحة المتهم وانه لايشترط فى ادلة النفى ان تقطع بعدم وقوع الجريمة اونسبتها الى الفاعل، وانما يكفى أن تثير الشك فى ذهن المحكمة حول ماجاء فى ادلة الاثبات، وان المفروض براءة المتهم حتى تتوافر الأدلة والحجج القطعية الثبوت التى تفيد الجزم واليقين. وان حكم الادانة يصدر عن الاقتناع اليقينى بصحة ماينتهى اليه من وقائع الاثبات.. ولايضير العدالة افلات مجرم من العقاب بقدر مايضيرها الافتئات على حريات الناس. واقول لمن حصلوا على البراءة، ان الحكم لايعد نهاية المطاف .. وان كنتم قد نجوتم من قاضى الارض فمن المؤكد انكم لن تنجوا من قاضى السماء اذا كنتم مذنبين حقا . واخيرا .. اناشد الجميع عدم المساس او التعقيب بانتقاد الاحكام القضائية لانها تحمل حيثيات بنيت وفقا للدستور والقانون.. وليعلم المعترضون على الحكم ان المحكمة اصدرت الحكم على وقائع جنائية محددة.. وفى نطاق زمنى ومكانى بعينه ولم تكن معنية فى الاساس بمحاكمة النظام السابق على مدار الثلاثين عاما الماضية حتى لايستغلها بعض الموتورين فى تأليب جموع الشعب المصرى على النظام الحالى بغرض احداث قلاقل وفوضى فى البلاد مرة اخري.. لان اخر امل لنا والحصن الاخير فى مصر هو القضاء فإذا شككنا فى القضاء او فسد هو ايضا ستحل كارثة حقيقية فى مصر.. ويجب ان يستقل القضاء لانها حقيقة وواقع لابد أن يسود.. أما ما يسود الآن من كم كبير من المعلومات والأخبار التى بعضها قد يكون خاطئا.. فمصر لم تفقد عقولها الادارية التى يمكنها اتخاذ القرارات المبتكرة وغير التقليدية لاخراجنا من هذا أليم. محسن موسى مدير عام بالمعاش