في مشروع قانون الخدمة المدنية الجديد، الذي أعلنه الدكتور أشرف العرب وزير التخطيط قبل أيام، جاء نص صريح يتيح للموظف العام، أن يقبل هدية رمزية لا يتجاوز ثمنها 300 جنيه. في مقابل رفض أي رشوة بعد تجريمها من قانون العقوبات الجديد، وعدم إلغاء عقوبتها بمضي المدة، أو سقوطا بالتقادم. وكأن سيادة الوزير بهذا التصريح، قد قنن فسادا معتادا بين موظفي المحليات، والمعذبين في الأرض من عباد الله الذين يُجبرون علي دفع «المعلوم» لإنهاء مصالحهم مهما كبرت أو صغرت، تطبيقا لشعارات متداولة بين الموظف والمواطن، وعلي رأسها «ابجني .. تجدني» و«إبرز .. تنجز»، وغيرها من الشعارات التي تخدم سياسة «الدرج المفتوح» في كل مصلحة حكومية أو مرفق عام. والسؤال .. إذا أقررنا تلك الهدية، لكل موظف، فما هي الضوابط أن تكون بقدر ثمنها الذي حدده القانون، وكم هي عدد المناسبات علي مدار العام الذين يتطلع فيها ذاك الموظف لمثل هذه الهدايا؟ وما الفرق بين الهدية والرشوة التي جرمها القانون؟ إن سيدنا عمر بن الخطاب، أحد الخلفاء الراشدين، لم يقبل أي هدايا، وأعادها إلي بيت المال في عهده، مؤكدا أن تلك الهدايا لم تأت لشخصه، وإنما أتت بحكم منصبه. والحال هكذا سيكون مع الموظف العام، فسوف تأتيه الهدايا لإنجاز مهام المواطنين، بعيدا عن شخصه الكريم. إن قانونا يحمل بين نصوصه الكثير من المزايا للعاملين، كالترقي بالكفاءة بدلا من الأقدمية، وإلزام مؤسسات الدولة باستيعاب المعوقين، لا ينبغي أن يكون بين بنوده أي نص يبيح الهدية التي من أصلها رشوة. لذلك باسم العاملين الشرفاء نرفض «هدية وزير التخطيط». لمزيد من مقالات عبد العظيم الباسل