يواصل الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل سلسلة حواراته مع الإعلامية لميس الحديدى حيث يستعرض كافة ملامح المشهد السياسى . وفى الجزء الثانى من الحوار، يعرج على زوايا جديدة لم يتناولها في الحلقة السابقةالتى أثارت ردود أفعال واسعة ... إلى نص الحوار : قبل أن نبدأ فى الحديث عن الرئيس السيسى والتحديات والامنيات سنتطرق إلى بعض ماجاء فى الحلقة الماضية والذى أثار ردود فعل كبيرة وسأبدأ بما اخترته من أمرين مهمين موضوعيين بداية من حرب أكتوبر وماقلته عنها إننا لانعلم كيف دخلنا المعركة ولا كيف خرجنا منها وهى عبارة واضحة وربما اثارت بعض الجدل ؟ أولاً لا أحد يختلف أن هذه الحرب كانت هدف هذه الامة من لحظة انتهاء معركة 67 وحتى 73 والامة كلها كانت مكرسة لهذا ولاأحد يختلف على هذا، ثم موقفى فيها واضح وأنا من كتبت التوجيه الاستراتيجى لكن عندما قلت هذا فعلينا أن نعلم أن الاسرائيلين كانوا يعلمون هذا ووزير خارجية الولاياتالمتحدة هنرى كسينجر أيقظ وزير خارجيتنا من النوم فى نيويورك وقال له أنتم تريدون أن تفعلوا كذا، وإسرائيل قد تضرب ضربة إستباقية وأحذركم أوقفوا العمليات لكن هنا أتحدث أن هناك ظروفا أحاطت ببداية الحرب توقفت أمامها رقم واحد الطريقة التى أبلغت بها إسرائيل بما جرى ورقم 2 الطريقة التى تدخلت بها الولاياتالمتحدة فيما جرى ورقم 3 الطريقة التى اعتبرت بها الولاياتالمتحدة نفسها مسئولة عن تزويد إسرائيل بما تحتاج إليه لانها نصحتها ألا تبدأ بضربة استباقية وهنا نفرق بين الحرب وبين استعدادنا لها ومابين بعض الظروف التى أحاطت بيوم المعركة والتى لاتأخذ من خطورة وأهمية هذه المعركة والتغيير الذى حدث بالمنطقة بغض النظر عن اى شيء آخر لكن هذا هو المقصود لان الحديث هنا عندما نقول كيف دخلنا وكيف خرجنا لنعرف الملابسات التى جرت فى واشنطن أو هنا فى القاهرة أو تل أبيب فهى تحتاج إلى جلاء أكثر، ولو كنا حققنا فى كيف عرفت إسرائيل وعلمنا اين نحن بالضبط وماذا جرى بالضبط ؟ يمكن كان يمكن الحديث فى ذلك .
سننتقل إلى موضوع آخر وأنت اثرته فى الحلقة السابقة وهو أن الرئيس السيسى قد يكون فى حاجة إلى أن يثور على نظامه ؟ الرئيس السيسى عزيز على جداً بشكل خاص وأنا أرى حجم إخلاصه وحجم التحديات التى تواجهه و هذا الرجل بما يواجهه يستحق أن يقف كل الناس خلفه وأظن أن هناك التباسا حول التعبيرات والمصطلحات فالدولة هى التنظيم الشامل للمجتمع بكل قواه سياسية، معارضة ونظام وتنفيذ وبرلمان وحكومة وكل شيء فهى عقد الحياه المشترك للمواطنين و أجهزة الدولة وهى مؤسسة الحكم لكن من هو الشخص السياسى الذى يجيء ليدير الدولة بإسم الاغلبية من الشعب فعلى سبيل المثال أجهزة الحكم فى عهد الملك فاروق هى نفسها الاجهزة التى عملت وقت عبد الناصر لكن تغير التوجيه السياسى وهى ذاتها التى عملت وقت الرئيس السادات لكن تنظيم الدولة موجود. النظام السياسى المنتخب يملى سياسات أخرى وكذلك الحال النسبة للاخوان المسلمين عندما جاءوا إلى الحكم املوا سياسات مختلفة. وعن الإخوان قال إنهم اخترقوا جهاز الدولة كى يشتغلوا به لكنهم لم يستطيعوا العمل كبوليس أو سكة حديد هم إخترقوا جهاز الدولة أو جهاز الادارة فالولاياتالمتحدة جهاز الدولة لم يتغير لكن السياسيات تتغير، أيزنهاور قطع العلاقات مع كوبا وبالامس عادت العلاقات مجدداً فالسياسات تتغير بتغير النظم والرؤى أريد أن اقول أن القيادة السياسية هى الإلتزام تجاه القرار هذا هو النظام السياسى الحاكم. مضيفا أن الرئيس مازال يعمل بالنظام القديم فجهاز الدولة كما هو وهو ذاته موجود فى وقت مبارك والاخوان فهو جهاز الحكم لكن التوجيه السياسى مختلف برؤى وبرامج اجتماعية مختلفة ورؤى سياسية خارجية مختلفة. والرئيس السيسى مطالب بأن ينشئ نظامه، يبنى هو نظامه المتفق مع سياساته .الدولة مستمرة كجهاز ومؤسسات حكم لكن هو لديه رؤى جديدة وتصورات مختلفة ونتيجة ثورة على ماكان سوف تنفذها نفس المؤسسات فنذكر أن من نفذ سياسات عبد الناصر فى الحرب هو نفسه من نفذ سياسات السادات فى السلام فهى نفس أجهزة الحكم . وأنا اقصد بالنظام الموجود الذى وجده ويكمل معه فالخلل الموجود أو الناشئ أن الرئيس السيسى لم تواتيه الفرصة والظروف لكى ينشأ إدارته السياسية الذى يسمى بالنظام أجهزة الحكم والسلطة فى الدولة خاضعة لسلطة سياسية منتخبة . هل يحاول النظام القديم أن يعرقل النظام الجديد فى مراحل الانتقال ؟ النظام القديم موجود إذا لم تستطع ان تفرض فوقه التوجيه السياسى ولابد أن نفرق بين نظام الحكم أو تنظيم الحكم والنظام السياسى الاول مستمر بمؤسساته، ولكن الثانى كل رئيس يأتى أو كل فصيل سياسى يأتى ألى الحكم ينشئ توجيهاته ويأتى برجاله ومن يمثل فكره كما عبرت عنها الجماهير فى الانتخابات الحرة أريد أن أقول أن جزء من الضجة التى قامت جزء طبيعى وأنا متقبله وجزءا أخر له علاقة «بالطبلاخانات» التى قامت وأنا ليس لدي مشكلة وأنا متعود لكن أعتقد أن هناك جزءا آخر ناشئا أننا نحتاج إلى بعض التعريفات المتعارف عليها كلنا . هل هناك صراع على الرئيس السيسى وحوله ؟ أنا شاهدت فى حياتى إنتقال السلطة عدة مرات حيث عاصرت إنتقال السلطة من الملك فاروق إلى سلطة ثورة 23 يوليو ومن محمد نجيب إلى الرئيس عبد الناصر وإنتقالها من عبد الناصر إلى السادات ثم إلى الرئيس مبارك ثم إلى المجلس العسكرى ثم إلى الاخوان ثم إلى 30 يونيو والسيسى شهدت سبعة انتقالات وبالتالى كل انتقال للسلطة يصاحبه شيئان أساسيان أولهما الصراع على الرئيس من كل القوى التى تحاول الاقتراب منه لكى تؤثر فى قراره وأنا أتحدث عن قوى سواء من الحكم أو من خارج الحكم لكن هناك قوى كثيرة جداً. وأضاف: كل جهاز يحاول سواء بالترغيب أو التخويف أو الضغط أو التأثير كل جهاز يحاول أن يحتل مساحة كبيرة من صنع القرار وهذا طبيعى فى كل مكان فى الدنيا وكل رئاسة وكل حكومة هذا الصراع موجود على مركز القوة وهناك صراع حوله من كل قوى تريد أن تؤكد أن لها دورا فى المستقبل سواء الاحزاب جماعات الضغط وجماعات مصالح هناك شيء ننساه دوماً لايمكن أن تقوم معارضة إلا إذا مثلت بديلا وكل مانراه الآن ليس معارضة. وقال إن جهاز الحكم لايزال يتصرف بالتوجيهات القديمة ولم تدخل إليه توجيهات نظام جديد فهو لايأخذ التوجيهات من صحف ولا خطب لكن يأخذها من قرارات وتعليمات جلية واضحة الرؤية لكى يرى الجميع نقطة البداية. ماهى أشكال اللوبى لدينا فى مصر، هل هى لرجال أعمال أم لجهات سيادية؟ ليست بمعنى لوبى لكن لدينا فلولا أى بقايا قوى . أعتقد أن الرئيس السيسى لابد أن يعمل «بايية» وهى وجبة إسبانية قائمة على بقايا الاكلات هناك بقايا صالحة وأخرى عفنة وأنا أعتقد أن السيسى لن يستطيع ان يخترع سياسة من أول وجديد ولا أن يستورد عناصر جديدة من الخارج عليه ان يختار وأن يفرز وأن يأخذ من كل العناصر حتى تكون صالحة للاكل وتكون شيئا يمكن تطويره جيداً. هل الرئيس السيسى عليه أن يقوم بثورة تصحيح ؟ الثورة هى تغيير رئيسي، المشكلة أن التغير أحدثته ثورة 30 يونيو وبالتالى لابد من أن يتسق النظام مع ماحدث وأتصور أن الرئيس السيسى كضرورة له قبل اى أحد وفى الظروف التى نمر بها أن ينشأ هو الجهاز الذى يستطيع يلبى مطالبه وهو الجهاز السياسى الذى يوجه الدولة ونحن نخلط بين الدولة والحكومة وقد شرحنا هذا التوجيه السياسى وهو مايعترف به بإسم النظام أو الادارة . هل هناك من يحاول إفشال الرئيس السيسى؟ الظروف الموجودة فى مصر الان لاترضى قوى كثيرة جداً فى العالم وفى الاقليم لأنهم يرون أن السيسى قد ينتقل إلى مستقبل عبر جسر عبور فهم يريدون هذا البلد أن ينتقل فهو فقط. يعوم ولايغرق يطفو ، مثلاً الامريكان أعتقد أنهم كان لديهم مخطط وسواء قصد ام لايقصد فقد فشل مخططهم وهو مخطط أكبر بكثير جداً من مصر فالدول الكبرى لديها مشروعات حتى وأن تغيرت الامور لن تتخلى عنها فالمشروعات تستمر كإستراتيجيات وإذا تلقت صدمة تمتصها ثم تواصل اليوم أعتقد أن الامريكان يقبلون على مضض الرئيس السيسى ويقبلون ذلك ليس لشيء لانه معارض لمشروعهم فهم يقبلوه كأمر واقع ،ورغم وجود التيارات الارهابية فى المنطقة وماحدث فى باكستان قد يجعلهم يعيدون النظر لكن هناك قوى أخرى موجودة فى الداخل تحاول إحتلال مساحات وتتصور أنها ممكنة . تتحدث دوماً عن نظرية الاختراق والتطويق ؟ النظرية الجديدة فى الصراع تقول أن كل صراع فى الدنيا يبدأ بخطوط محددة لاطراف متقابلة و كل الخطوط من خلال كل طرف يجس الآخر لاكتشاف نقاط الضعف الموجودة فى كل طرف فإذا وجده يخترق ويطوق ويحاصر وهذه نظرية إستخدمها هتلر وإستخدمها الحلفاء وكانت لخبير عسكرى انجليزى مهم فى الثلاثينيات فأنا اعتقد أننا فى هذه اللحظة هناك قوى فى الداخل والخارج فى الاقليم تختبر الخطوط المصرية وتبحث عن نقاط الضعف حتى تستطيع أن تخترق منها وتطوق وتفرض ماتشاء هذا مايجعلنى أقول أنا لست عن هوى وإعجاب شخصى بالسيسى مع الاسف الشديد وأنا اكره الاعتماد على فرد أو شخص فى مراحل التطور وفى بعض المراحل الدقيقة من حياة الامم هناك افراد يلعبون دورا أكبر مما نتصور وذات مرة أتحدث مع الخمينى وكنت أدرس بإستمرار أن البطل هو روح التاريخ وهذه مدارس كثيرة فى التاريخ فقال لى الخمينى الحقيقة أن الشهيد هو روح التاريخ نحن عشنا مرحلة لابطل فيها ولاشهيد ثم دخلنا فى هذه المرحلة وأتحدث عن الثلاثين عاماً العجاف هناك ضحايا لكن لابطل ولاشهيد يمكن يكون أبطال وشهداء فى صمت فى فترات الجمود والرسوخ نحن نحتاج مقاتل وأرى أن الظروف وضعت هذا الرجل فى المكان ولانحتمل أن يفشل . . وقال إن الخريطة مزعجة خارجيا وإقليمياً وفى الداخل لدينا رجل يقف وسط كل هذا فى بلد مازال واقفا على قدميه تذكرى ان كل ما حولنا يسقط وماتبقى هو بلد يقف على قدميه هو مصر ورجل موجود مسئول فى هذه المرحلة لكى يبنى نظامه ويعبر إلى المستقبل من الممكن أن يكون بجواره السعودية لظروف والامارات لظروف وممكن الجزائر لظروف ويمد إهتمامه لبعض مايمكن فى العراق وسوريا وبالدرجة الاولى موقعه فى مصر وسط كل هذا أنا أعتقد أن الوضع متعب ومزعج وجزء من وقوفى أو وقوف غيرى واقول وأنا خجل من هذا وأنا فى باريس أحد أكبر الاساتذة يقول أن الظروف فى مصر لاتترك للناس فيها إلا شيئين إما الثورة او الهجرة وأنا واحد من الناس مع الاسف ظروف كثيرة جداً قد تغرينى أن أغادر البلد وظللت موجود حتى سجنت. هذا البلد يقاتل معركة مصير وأنا اعتقد أن مصير الامة فى هذه اللحظة ومصير البلد نفسها ومصائر ومقادير كثيرة تتقرر الآن وإذا لم نعى سنفقد اشياء كثيرة جداً. وكيف يتعامل مع الخارطة فى ليبيا وسوريا؟ فى اللحظة هذه كلها عليه أن ينظر بشكل جديد إلى سياسته الخارجية لااستطيع أن اسير الامور كما كانت ماضية علينا أن ننظر للخيارات المتاحة ماذا يمكن أن نقدم لليبيا وأن نتوقى ما ياتى منها؟ نحن نحتاج لسياسة نشيطة ومختلفة فيما يتعلق بليبيا والتى أرتكبنا بحقها أخطاء كثيرة لن أتحدث عنها وأول شيء يفعله هو دراسة من أول وجديد فى مواقف متغيرة فى هذه الخريطة ولا بد أن تأتى وعندما اقول بناء نظام أن نستدعى كل مايمكن فى مصر من عناصر صالحة للتعاون لتكوين خليط جديد لنظام مستجد على الساحة يرى مواقف جديدة لكى نستطيع المواجهة. هل يستطيع الرئيس السيسى وسط هذا المشهد الداخلى أن يؤثر فى المنطقة؟ لايوجد شيء ينفى شيئا الاولوية الاولى أن يبنى نظامه والاولوية الثانية أن يحدد رؤيته والثالثة أن يحدد مايستطيع ومالايستطيع وأن يضع جدول أعماله وتحديد الاولويات والامكانيات المصرية كبيرة جداً لايوجد دولة تقول لدينا هدف واحد فهناك كثير كامن . هل تفضل أن يبنى الرئيس حزباً؟ هذا موضوع متعلق بتصوره، القضية قضية أن الاوطان دائمة ليست معلقة برجل واحد ولا حتى بنظام واحد أنا أعتقد أننا أمامنا إما بناء حزب أو جبهة وطنية أو تحالف لكن الافكار السياسية لابد أن تكون فاعلة فى الحاضر وقادرة على المستقبل ومنظمة هنا وهناك إذا لم يكن بوسعه بناء حزب يكون هناك تحالف يسانده وأنا لماذا أتحدث عن رؤية؟ هذه الفترة وحتى تنشأ قوى سياسية أن يكون هناك بوصلة يحتكم إليها تشير على الاتجاهات الصحيحة والنوايا . أعود إلى السياسة الخارجية وقطر هل تصدق جهود المصالحة ؟ فى يوم من الايام حضرت غزو من ثلاث دول أمريكا وفرنسا وإسرائيل وكنا نقول إننا فى صراع مع أمريكا الآن عندما اقول مصالحة مع قطر وانها اصبحت خطر ..ياجماعة رفقاً بالقوارير المشكلة مع قطر هى ضعفنا إعلاميا فى يوم من الايام الرئيس عبد الناصر وقف فى دمشق يتحدث عن رئيس وزراء العراق ويقول إخرج يامرجان ثانى يوم سقطت الوزارة . والاهرام كان يبيع فى اى بلد عربى أكثر من جرائده المحلية نحن فقدنا قوتنا الناعمة. . عندما يقول أحد إن قطر ممكن تهدد مصر يجب أن نخبى وجوهنا خجلاً . . وقال إن هناك تشابها كبيرا بين الرئيس السيسى وبين جنرال آخر سبقه إلى السلطة فى الولاياتالمتحدةالامريكية وهو ايزنهاور .عام 1952 انتخابات وحكم مدتين حتي1961 وقاد جيوش الحلفاء ضد هتلر كما قاد امريكا بطريقة مختلفة ليس كقائد فى ميدان قتال كقائد سياسى للحلفاء فله مواصفات سياسية توافقية وأن يروض وحوشا وقد عمل مع جنرالات وروضهم. وقال نحن بحثنا عن رئيس يستطيع ان يكون قوياً، حيث إنه قادم من المؤسسة العسكرية و قادم من ثورتين أو كان طرفاً فى ثورتين واحدة ابلغها أن الجيش لن يقف أمام الشعب فى كل الوسائل، والثانية وقف ليصحح مصيبة حصلت فى البلد ووقف وكان الوجه المقبول والشخصية التوافقية متوافرة فيه وهو يدرك أنه أمام مسئوليات لم يكن مستعداً لها ويدرك أنه أمام مصائر هو مسئول عنها.