مدير تعليم دمياط يشهد ملتقى مسؤلات المرشدات بدمياط    برعاية وزارة الإسكان ، ملتقي عقاري مصري سعودي 13 مايو المقبل    إي اف چي" تعلن إصدار سندات بقيمة 600 مليون جنيه لصالح هيرميس للوساطة    العثور على رضيع بالشارع في حجازة بقنا والمباحث تفتح تحقيقا عاجلا    معهد البحوث الطبية والدراسات الإكلينيكية، 50 عامًا من العطاء العلمي والبحث والإبداع    أهمية فيتامين د للجسم وأبرز المصادر الطبيعية للحصول عليه    بعد الإعلان عن آثاره المميتة، الصحة تكشف حقيقة استخدام لقاح أسترازينيكا لتطعيمات كورونا    حدث في 8 ساعات|مدبولي: استضافة اللاجئين تكلفنا 10 مليارات دولار.. وبدء موسم العمرة الجديد في هذا الموعد    هل يلتقي الأهلي والزمالك في السعودية| الصيف الحالي    الزمالك يفتح ملف تجديد عقد «أوباما» قبل نهاية الموسم الحالي    فانتازي يلا كورة.. بالمر على رأس أفضل الترشيحات ل"double week"    «زراعة الشيوخ» توافق على إنشاء إدارة زراعية جديدة في الغربية    ضبط أكثر من 130 طن أسماك مجمدة مجهولة المصدر في البحيرة    «الكيلاني»: اختيار مصر «ضيف شرف» معرض أبو ظبي يؤكد عمق الروابط بين البلدين    "Challengers" يزيح فيلم "Civil War" ويهيمن على شباك التذاكر الأمريكي    "محظوظ بوجودي معكم".. محمد رمضان يرد على تصريحات المخرج خالد دياب    خالد الجندي: هذه أكبر نعمة يقابلها العبد من رحمة الله -(فيديو)    أمينة الفتوى: «اربطيه بالعيال» مثل شعبي مخالف للشرع    أندريه زكي يستقبل مشيرة خطاب ورئيس لجنة حقوق الإنسان للتهنئة بعيد القيامة    «الوزراء»: النموذج المصري أحد أفضل النماذج الدولية لاستضافة المهاجرين    سامح شكري يشارك في الاجتماع الوزاري العربي الأوروبي لإنهاء الصراع بقطاع غزة    بخطوات بسيطة.. طريقة تحضير بسكويت القهوة سريعة الذوبان    اليوم.. طلاب النقل الثانوى الأزهرى يؤدون امتحاناتهم بمادتى النحو والتوحيد    مواعيد قطارات السكة الحديد من القاهرة لأسوان والعكس    وكيل الرياضة بالدقهلية تعقد اجتماعا موسعا مع مديري الإدارات الداخلية والفرعية    جامعة مساتشوستس ترفض إنهاء علاقاتها بالاحتلال وتدعو الطلاب لفض اعتصامهم فورا    غزة تحت الأنقاض.. الأمم المتحدة: عدوان إسرائيل على القطاع خلف أكثر من 37 مليون طن من الركام ودمر الطريق الساحلى.. ومسئول أممي: إزالة الأنقاض تستغرق 14 عاما ب750 ألف يوم عمل ونحذر من أسلحة غير منفجرة بين الحطام    برج الحوت.. حظك اليوم الإثنين 29 أبريل: ارتقِ بصحتك    عبقرية شعب.. لماذا أصبح شم النسيم اليوم التالى لعيد القيامة؟    «المركزي»: البنوك إجازة يومي الأحد والاثنين بمناسبة عيد العمال وشم النسيم    7 معلومات عن مشروع إنتاج الأمونيا الخضراء.. تعرف عليها    المحرصاوي يوجه الشكر لمؤسسة أبو العينين الخيرية لرعايتها مسابقة القرآن الكريم    تعرف على أفضل الأدعية والأعمال المستحبة خلال شهر شوال    لبيك اللهم لبيك.. الأزهر للفتوى يبدأ حملة مبكرة لتوعية الحجاج بأخطاء قد تفسد حجهم.. المركز يوضح محظورات يقع فيها الحاجّ أثناء أداء المناسك وكيفية تداركها.. هناك ما يلزم الفدية وأخرى تكفر بالصوم وبعضها يفسد الحج    أوروبا تكافح التضخم بطرق مختلفة.. نصف سكان إسبانيا يخفضون الإنفاق على الغذاء والطاقة بسبب ارتفاع الأسعار.. فرنسا تلجأ لتقليل كميات المنتجات بنفس السعر وتقر قانونا جديدا للمتاجر.. وألمانيا تسرح العاملين    بسبب أولمبياد باريس.. مصر تشارك بمنتخب الناشئين في بطولة إفريقيا للسباحة للكبار    مطار مرسى علم الدولى يستقبل اليوم 11 رحلة طيران دولية أوروبية    مديرية العمل بأسوان تنظم ورشة حول حقوق العمال وواجباتهم وفقًا للقانون    مصري بالكويت يعيد حقيبة بها مليون ونصف جنيه لصاحبها: «أمانة في رقبتي»    الهند.. مخاوف من انهيار جليدي جراء هطول أمطار غزيرة    العرض العالمي الأول ل فيلم 1420 في مسابقة مهرجان أفلام السعودية    إصابة شخص في تصادم سيارتين بطريق الفيوم    ردود أفعال واسعة بعد فوزه بالبوكر العربية.. باسم خندقجي: حين تكسر الكتابة قيود الأسر    فرقة ثقافة المحمودية تقدم عرض بنت القمر بمسرح النادي الاجتماعي    تأجيل محاكمة مضيفة طيران تونسية قتلت ابنتها بالتجمع    تردد قنوات الاطفال 2024.. "توم وجيري وكراميش وطيور الجنة وميكي"    صحتك تهمنا .. حملة توعية ب جامعة عين شمس    وزير المالية: نتطلع لقيام بنك ستاندرد تشارترد بجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر    أمير الكويت يزور مصر غدًا.. والغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يحتذي به    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاستمرار في منصبه    الصين فى طريقها لاستضافة السوبر السعودى    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    فانتازي يلا كورة.. دي بروين على رأس 5 لاعبين ارتفعت أسعارهم    ولع في الشقة .. رجل ينتقم من زوجته لسبب مثير بالمقطم    مصطفى مدبولي: مصر قدمت أكثر من 85% من المساعدات لقطاع غزة    تراجع أسعار الذهب عالميا وسط تبدد أمال خفض الفائدة    أيمن عبد العزيز: نجاح الزمالك أمام دريمز الغاني جاء بسبب الشخصية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحزاب موت السياسة المعلن
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 12 - 2014

من البداهات أن لا الأحزاب بلا سياسة، ومن ثم يبدو التلازم بينهما عضويا، وغالباً ما يذكر مصطلح حزب وأحزاب ومعها الصفة سياسى.
من هنا يثار السؤال البسيط هل يمكن للأحزاب أن تؤدى الوظائف والأدوار المنوطة بها فى ظل موت السياسة أو أن تنشط فى ظل قيود أمنية وبيروقراطية وقانونية ثقيلة على المجال العام المحاصر؟
هل تستطيع الأحزاب التحرك وسط قواعد اجتماعية فى المدن المريفة والأرياف المتدهورة فى تخلفها فى ظل ظاهرة ترييف السياسة، وتديين السياسة؟ هل هناك مستقبل للظاهرة الحزبية المعاقة بنيويا فى أعقاب انكسار الموجات الثورية التى أجهضت فى مصر؟
غالبا ما يتم استدعاء «الحقبة الذهبية» للسياسة فى مصر حول المرحلة شبه الليبرالية 1923-1952، كتعبير ومثال على إمكانيات نجاح الديمقراطية الغربية والنظام البرلمانى فى البيئة الاجتماعية والثقافية المصرية، ويذكر فى هذا الإطار حزب الوفد، والأحرار الدستوريين، والمستوى الرفيع للجدل والحوار السياسى داخل التشكيلات البرلمانية المتعاقبة، والأداء التشريعى المتميز للنخبة السياسية، فى إنتاج القوانين والنقاشات القانونية والفقهية لها سواء من الحكومات، أو المعارضات السياسية.
تستدعى النوستالجيا السياسية حينا لنقد التسلطية والثقافة السياسية البطريركية المحدثة، أو الرعائية بعد ثورة يوليو، وحينا آخر لمديح بعض من الليبرالية وآثارها فى النظام السياسى، و النخبة وفى الثقافة، والتغير الاجتماعى، بل ويمتد ذلك إلى مجال العمارة وجماليات الطرز المعمارية وتخطيط المدن.. ظاهرة الحنين السياسى غالباً ما تشكل تعبيراً عن حالة من العجز والفشل عن مواجهة تحديات الحاضر ومواجهة متغيراته فى الرؤيا والفكر والسياسة، والفعل والإنتاج الاجتماعى والسياسى الخلاق.
المرحلة شبه الليبرالية، كانت تعبيرا عن تراكمات التحديث المنقوص، وبعض من الحداثة الفكرية الخجولة والمبتسرة والجنينية التى ظلت معاقة فى حضانات الفكر التقليدى وقيمه وقيوده وحواجزه.
لم يكن عصرا ذهبيا على نحو ما كان يطرح ولا يزال كجزء من ظاهرة الحنين السياسى للماضى، التى تستخدم لتشويه انجازات مصر الناصرية - رغماً عن أعطابها المختلفة وقيودها على الحريات لأن الذى غاب تمثل فى أنها كانت أحزاب تعتمد على شخصية بعض قادتها، والصراع على المصالح الاجتماعية بين طبقتى كبار ملاك الأراضى الزراعية، وشبه الرأسمالية.
أن دور حزب الوفد فى إطار الحركة الوطنية الدستورية الاستقلالية فى مواجهة الاحتلال البريطانى، هى التى أدت إلى تحوله إلى وعاء جماهيرى ممتد فى إطار أبنية القوة التقليدية فى الأرياف، وفى إطار بعض الفئات الوسطى العليا، والوسطى- الوسطى، والوسطى الصغيرة من «الأفنديات» مع بعض النزوع الإصلاحى، وبدأ دوره فى التآكل بعد سيطرة كبار ملاك الأراضى، وشبه الرأسماليين على مقاليده، وهو ما أدى إلى تآكل بعض حيويته فى مجال الاندماج الوطنى الداخلى.
بعد ثورة يوليو 1952 ومشروعها الاستقلالى والاجتماعى الكبير، كان مفهوم «الكوربوراتية»، وتحالف القوى الثورية المعادية للاستعمار على النمط الماوى، وارث الوفد فى مجال الوحدة الوطنية، والفكرة الاشتراكية حول العدل الاجتماعى وراء ادراك ناصر لمصر ودورها فى إطار حركة القارات الثلاث. لا شك أن التسلطية السياسية أدت إلى إنعاش النزعة الأبوية السياسية حول كاريزما، ناصر، ولكن أدى ذلك إلى هيمنة فكرة الإجماع والكل فى واحد - المستعارة من توفيق الحكيم - لمواجهة تحديات الإقليم والقوى الغربية، مما ساهم فى تكريس التنظيم السياسى الواحد، ودوره التعبوى الذى كان شكلاً من أشكال توليد الطاعة والحشد والاتباعية والانصياع، ناهيك عن استخدام الدين فى عمليات الحشد وبناء الشرعية.. الخ.
لا شك أن الانقطاع فى مسار الديمقراطية السياسية، لصالح العدل الاجتماعى أثر سلبا على تجربتى التعددية السياسية الشكلية والمقيدة أيام السادات ومبارك وساهمت ثقافتهما العسكريتارية، فى إدراكهما للتعددية الديمقراطية كمحض أشكال وظفت فى رسم صورتهما لدى الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية. كانت الأحزاب السياسية مجرد أدوات فى الماكياج السياسى أو عملية تجميل صورة الحاكم الجمهورى ونظامه فقط.
أدى موت السياسة إلى حالة تجريف شامل للكفاءات والمواهب، وإلى ركود وضعف مستويات النخبة السياسية الحاكمة، وإلى إقصاءات ممنهجة للعقول المبدعة فى جميع التخصصات لصالح «المديوكرات» «والمنيوكرات» ما دون الحد الأدنى من الكفاءة - وانحطاط الثقافة السياسية، واللا مبالاة ببنى الأفكار السياسية، والأخطر الغياب الكسول عما يحدث فى الإقليم والعالم من تطورات كبرى، على نحو جافى التقليد المصرى التاريخى منذ الحملة الفرنسية إلى دولة محمد على حتى ناصر وأوائل حكم السادات فى متابعة ما يجرى فى عالمنا من تجارب وأفكار.
أن خرابات التجريف والاغتيال المعنوى للكفاءات والمواهب أدت إلى إعاقة تطور الأفكار السياسية، وإلى تمجيد الجهل والخنوع، واللا تسيس. من هنا ولدت الجماعات الاحتجاجية السياسية والاجتماعية - كفاية وأخواتها - التى مهدت للعملية الثورية فى 25 يناير 2011، لم تكن ثمة نخب شابة بديلة ومنظمة وذات رؤى وأفكار وبرامج وسياسات لإحداث تغيير سياسى بنيوى فى دولة هرمة ونظام تسلطى ونخبة شائخة ومحدودة القدرات وبيروقراطية فاسدة وغير كفء، على نحو أدى إلى الانتقال الفورى من شعارات الاحتجاج إلى رفع المجازات والشعارات الثورية الكبرى، دونما مقومات وقدرات ومنظمات قادرة على حملها من الإيديولوجي المفرط والغامض والمشوش إلى برامج حركة وفعل سياسى نشط وفعال وقادر على التغيير.
لم يكن ثمة وعى فى حده الأدنى- بكيفية الانتقال من موت السياسة إلى استعادتها حية وفاعلة، على نحو ساعد على إجهاض ما تم، بل أدت إلى سيطرة القوى الإسلامية السياسية المنظمة التى تواطأت مع المجلس العسكرى الأول ومع أطراف دولية أمريكا والمجموعة الأوروبية- على هندسة خرائط الطريق الأولى والثانية، فى سبيل صعودها إلى سدة السلطة فى البلاد، وفشلها الزريع والتاريخى لأنها افتقرت إلى رأسمال خبراتى حول الدولة وثقافاتها وادارتها، ناهيك عن ضحالة الفكر والخيال السياسى، والأخطر الخلط بين العقل السياسى الدولتى وبين ثقافة التنظيم الصارم والطاعة العمياء، التى لا تأبه سوى بالانصياع لنمط من التسلطية التنظيمية والإيمان الدينى بأيديولوجية تخلط بين تأويلات العقيدة والوعى المغلوط والزائف حول معنى ودلالة الدولة الأمة الحديثة وتحديات ما بعدها فى واقع تخلف مصرى تاريخى مركب ومأزوم، وتجريف شامل للمواهب والكفاءات. من هنا وقعوا ومعهم القوى الثورية المفتتة والمنقسمة والضعيفة أسرى الصراع الدامى على وراثة بقايا «الأرض الخراب» إذا شئنا استعارة اليوت الذائع الصيت. وللحديث بقية.
لمزيد من مقالات نبيل عبدالفتاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.